وات - جابت مسيرة سلمية، مساء الثلاثاء، أنهج وشوارع حي مراد بسيدي حسين السيجومي غربي العاصمة، منددة ب"القمع البوليسي"، وداعية ل"وضع حد للإفلات من العقاب"، بخصوص قضية الشاب أحمد، الذي قتل إثر إيقافه من قبل دورية داخل الحي مساء الثلاثاء 8 جوان الجاري. وقبل تحرك المسيرة، التي انطلقت من أمام منزل والدي الشاب أحمد، نادت أخته في أبناء الحي الذين تجمعوا، مؤكدة على الطابع السلمي للمسيرة، وعن خوف عائلتها من ضياع حق أحمد بعد تواتر الأحداث بمنطقة سيدي حسين خلال الأيام القليلة الماضية. وقد واكب هذه المسيرة عدد من أفراد عائلة الشاب المتوفى وعدد من الشباب الذين لبسوا زيا موحدا لتأطير المتظاهرين، ورفعوا شعارا كرروه مطولا "سيدي حسين ما تنساش، ضربوا أحمد في الكياس". واتجهت المسيرة نحو الطريق الرئيسي لحي مراد، أين توقف المتظاهرون ورفعوا شعارات، نددت بالعنف البوليسي وبالتهميش والقمع، وعبر عدد من الشباب الغاضب عن حق أبناء هذا الحي الشعبي المهمش في التنمية والتشغيل والترفيه، وحق شبابه في التعامل معهم كمواطنين لا كمارقين عن القانون دون فرز. أيمن طبوبي كان أحد هؤلاء الشباب، وهو صاحب إجازة في القانون وناشط بالمجتمع المدني، أكد أن "المنطقة تفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم، ويجنح جزء واسع من شبابه إلى الانحراف والمخدرات، نظرا لحالة التهميش والفقر التي يعيشونها". أما كريم مرموري، صاحب ال25 عاما، فقد ذكر أن المنطقة تفتقر لملاعب ودور شباب ومراكز ترفيه تحيط بالشباب وتؤطرهم، مشيرا الى أنه وجد الاحاطة في أحياء أخرى. ولم تشهد المسيرة مشاحنات ولا أعمال شغب، عكس ما تم تسجيله خلال الأيام القليلة الماضية، نظرا للغياب الأمني. وتشهد أحياء متاخمة للعاصمة، لا سيما منها سيدي حسين والتضامن، احتقانا شديدا، اثر مقتل الشاب أحمد، وبعد تداول مقطع مصور لاعتداء رجال شرطة على مراهق جردوه من كل ملابسه قبل أن ينهالوا عليه ضربًا وجرا إلى عربة الشرطة. ولمجابهة هذا الاحتقان والغضب، أطلقت الوحدات الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع لإبعاد أعداد كبيرة من الشبان الذين اشتبكوا معها خلال الأيام الفارطة. كما شهد شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة مناوشات بين متظاهرين وقوات أمنية، إثر تنظيم مظاهرة رفعت شعارات مناوئة لما وصفه المحتجون ب"الحكم البوليسي" ولحكومة هشام المشيشي، من أمام وزارة الداخلية السبت الماضي. يذكر أن حادثة الوفاة المسترابة في سيدي حسين والتي تبعتها حادثة سحل شاب عاريا، قد أثارت ردود فعل مستنكرة من قبل الرأي العام والمنظمات والجمعيات والأحزاب، التي طالبت بمحاسبة المعتدين في صفوف أعوان الأمن ووضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب. وفي هذا السياق، حملت 41 منظمة حقوقية ومهنية ناشطة في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات في بيان مشترك أصدرته يوم الجمعة 11 جوان، المسؤولية المباشرة لرئيس الحكومة وزيرالداخلية بالنيابة في "الإنحراف بالمؤسسة الأمنية نحو التساهل في إهدار حياة التونسيين ودوس كرامتهم". كما استنكرت "الممارسات الأمنية الهمجية التي تخطت كل الحدود والمعايير"، وفق نص البيان. من ناحيته، كان رئيس الحكومة، هشام المشيشي، المكلّف بتسيير وزارة الداخلية، صرح في نفس اليوم (11 جوان)، بأن "حادثة سيدي حسين كانت صادمة للمؤسسة الأمنية"، التي قال إنها "تعمل منذ مدة على إرساء الأمن الجمهوري وعلى صورة جديدة للأمن الذي يحترم حقوق الإنسان والقانون". وشدد المشيشي، في تصريح إعلامي، على أن هذه الحادثة "لا تمثل الأمنيين ولا تمثل سوى الأشخاص الذين قاموا بها"، مؤكدا أنه تم إيقاف الأعوان المتورطين في الحادثة كما تم اتخاذ الإجراءات اللازمة في شأنهم وإحالتهم إلى القضاء.