أكدت الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، وجوب توفر شروط وضمانات قانونية وإجرائية لإنجاح مبادرة مشروع قانون الصلح الجزائي الذي دعا اليه رئيس الجمهورية من أجل تطهير البلاد من الفساد المالي. واعتبرت بن سدرين، خلال ندوة علمية انعقدت اليوم الأربعاء بالعاصمة، حول "آليات الصلح الجزائي في جرائم الفساد والاعتداء على المال العام: أي ضمانات قانونية ورهانات لتحقيق التنمية الجهوية وضمان عدم التكرار"، أن هذه الضمانات "المفقودة"، وفق تقديرها، تتمثل بالخصوص في عدم استقلالية الجهة التحكمية باعتبارها معينة من طرف السلطة التنفيذية، وعدم توفر مسار عادل ومنصف يقوم على إثباتات تدين المتهمين. ... ولاحظت أن آلية الصلح الجزائي كما طرحها رئيس الجمهورية "لا تفي بشروط تحقيق العدالة الانتقالية وكشف الحقيقة وتفكيك منظومة الفساد"، كما أنها لم تلق اي تفاعل او تجاوب من اي طرف، ولا تستجيب الى المواثيق والمعايير الدولية، على حد قولها. من جهته، أفاد خيام الشملي المكلف بالمناصرة في منظمة "محامون بلا حدود"، بان المنظمة تقدمت بتوصيات على اثر مقترح رئيس الجمهورية إجراء صلح جزائي، أهمها ترك القضاء المتعهد بملفات الاعتداء على المال العام يواصل عمله ويصدر فيها أحكاما، وتمكين الأشخاص الذين ثبتت ادانتهم حتى من خلال أحكام ابتدائية، من تقديم مطلب كتابي للصلح وإتباع المسار الصلحي المقترح في مشروع القانون. وذكر الشملي في مداخلته بعنوان "قراءة قانونية لمشروع الصلح الجزائي"، ان المنظمة طالبت بعدم إرباك القضاة المتعهدين بملفات جزائية منشورة في القطب القضائي الاقتصادي والمالي وفي الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية، وبضمان مبدأ المساءلة في جلسة علنية في المحاكم عند الكشف عن انتهاكات طالبي الصلح الجزائي. وأكد انه لاوجود لمانع قانوني لإرساء الصلح الجزائي، شرط أن يستجيب للاتفاقيات والمعايير والتشريعات الدولية التي صادقت عليها تونس، وكذلك للقانون عدد 53 لسنة 2013 المتعلق بإرساء منظومة العدالة الانتقالية وتنظيمها. يشار الى ان مجلس الوزراء الذي انعقد يوم 13 ديسمبر الجاري باشراف رئيس الدولة قيس سعيّد، صادق على مشروع مرسوم يتعلق بالصلح الجزائي مع المتورطين في الجرائم الاقتصادية والمالية، حيث أكد سعيّد أنه تم النظر في هذا المشروع من قبل عدد من الأخصائيين، وستتمّ المحاسبة وفق القانون دون ظلم، قصد إعادة الأموال المنهوبة إلى الشعب، داعيا القضاء إلى الاضطلاع بدوره في هذا الأتجاه. وكان سعيّد أفاد لدى اشرافه على اجتماع سابق لمجلس الوزراء في 21 أكتوبر الفارط، بأن مشروع قانون الصلح الجزائي لا يتعلّق فقط بمن نهبوا البلاد قبل سنة 2011 ، بل وكذلك بمن يواصلون النهب إلى حدّ اليوم. وأوضح أن المشروع يتمثل في ترتيب تنازلي للمبالغ المالية المطلوبة من المتورطين في قضايا فساد اقتصادي ومالي، أمام هيئة خاصة، يقابله ترتيب تنازلي للمعتمديات حسب نسبة الفقر، على أن يقوم الاشخاص الأكثر تورطا بمشاريع في المعتمدية الأكثر فقرا. نج