سجّل مشروع "مادستارتس" الممّول من طرف البرنامج الأوروبي "إيني للتعاون المشترك عبر الحدود"، كأداة تعاون عابرة للحدود في حوض البحر الأبيض المتوسط، تقدّما ملحوظا من حيث إطلاق شركات صغرى ومتوسّطة مجدّدة قادرة على خلق فرص عمل حقيقية، بحسب تقييم نصف مرحلي لهذا المشروع تم الكشف عنه في المنتدى الثاني العابر للحدود للتمويل الصغير الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة لصفاقس (ممثلة تونس في المشروع)، اليوم الخميس، بمدينة صفاقس. وشارك في هذا المنتدى ثلّة من أرباب المؤسسات وممثلي الهياكل الاقتصادية والمهنية وهياكل مساندة الاستثمار، إلى جانب ممثلين عن الشركاء الدوليين في المشروع من تونسوفلسطين (حضوريا)، ولبنان وإيطاليا واليونان (عن بعد). ... المديرة العامة لغرفة التجارة والصناعة لصفاقس، إكرام مقني، أكدت في افتتاح المنتدى أن المشروع بلغ مرحلة متقدّمة في مختلف الدول المعنية، وفي تونس على وجه الخصوص، حيث تحصّل 9 باعثين شبان إلى حد الآن على التمويلات اللازمة لتحويل أفكارهم ومبادراتهم المجددة إلى مشاريع فعلية في مجالات عدة من أبرزها تكنولوجيات الاتصال الحديثة، والصناعات التقليدية والتراث، والتنمية الثقافية، والخدمات، ويقدر التمويل، المقدّم لكل باعث شاب في شكل هبة، بعشرة آلاف يورو (حوالي 32 ألف دينار). ويتوزع المستفيدون جغرافيا على كل من صفاقس، ومدنين، وباجة، وتطاوين، وينقسم أصحاب وصاحبات المشاريع الخمسة عشر من حيث الجنس إلى 60 بالمائة ذكور و40 بالمائة إناث، وفق ما أفادت به غرفة التجارة والصناعة لصفاقس (وات) على هامش المنتدى. ويهدف المشروع إجمالا إلى إحداث ما لا يقل عن 75 مشروعا مجدّدا بمعدل 15 مشروعا في كل بلد شريك في البرنامج الساعي إلى "المساهمة في تطوير استراتيجية مشتركة حول إنشاء برنامج متوسّطي للتمويل الصغير يقوم على آليات وخدمات دعم للمؤسسات الجديدة والمبتكرة". وتعتبر غرفة التجارة والصناعة بصفاقس شريكا مرجعيا لتونس مع ستة هياكل ومؤسسات أورو- متوسطية أخرى في مشروع التعاون "مادستارتس. وثمّنت المديرة العامة لغرفة التجارة والصناعة لصفاقس مساهمة مختلف الشركاء والداعمين وأعضاء الشبكة المحدثة في إطار المشروع، معتبرة أن الشبكة المحدثة في إطار المشروع من شأنها أن ترفّع من مستوى النجاعة والنتائج الإيجابية الملموسة لمثل هذه المبادرات وتحافظ على ديناميكية العمل الجماعي وسلسلة القيم وهو ما تؤكّده النتائج المحققة إلى حد الآن في مختلف الدول المعنية. وقالت ممثلة مؤسسة "ليدرز الدولية" من دولة فلسطين، سالي مصرصع، أن المشروع مكّن من تشبيك العمل بين عديد الهياكل والمسؤولين عن قطاعات مختلفة بغاية إيجاد فرص حقيقية لمشاريع يقع تمويلها ضمن البرنامج مستعرضة المراحل المقطوعة في عملية اختيار المشاريع والمستفيدين عبر منظومة معلوماتية على الخط. وأكدت منسقة المشروع من إيطاليا "أليسّاندرا فيولا" أن تقييما نصف مرحلي يؤكد أن ثمرة أكثر من سنتين من العمل المشترك بدأت تظهر من خلال تمويل عديد الباعثين الشبان ومرافقتهم، مثمّنة مستوى التنظيم والشراكة الذي حققته تونس في المشروع ممثلة في غرفة التجارة والصناعة لصفاقس. وأثارت المداخلات المقدمة خلال المنتدى عددا من الإشكاليات والمسائل المستحدثة التي تتعلق بآليات التمويل الجماعي التي ظهرت منذ 2015 ويمكن أن تستفيد منه المؤسسات الناشئة في صورة تحسين بيئتها التشريعية وكذلك آليات التحول الرقمي وما يمكن أن يمثله هذا التحول من مخاطر على الهياكل التقليدية للتمويل الصغير، بحسب عدد من المتدخلين. وتطرّق المشاركون إلى الآليات البنكية والتمويلية الحديثة المعتمدة اليوم في تمويل المشاريع وتوفير الضمانات لها بما من شأنه أن يرتقي بمنظومة التمويل الصغير ومعالجة إشكالياتها المتصلة بعديد الجوانب التشريعية والهيكلية (منشآت رسمية عمومية وجمعيات)، والحوكمة، والتسيير على حد تعبير الخبير القانوني التونسي سليم عبد الجليل. وشدّد عبد الجليل على أهمية الآليات الرقمية والتكنولوجية الحديثة (من بينها الفينتاك كهياكل خدمات مالية متطورة) في الترفيع من مستوى النجاعة المنتظرة من منظومات التمويل الأصغر في خلق الثروة ومواطن الشغل، لا سيما في صفوف حاملي الشهادات العليا. من جهته، اعتبر حسّان المسدّي، عن إحدى المجموعات المالية الكندية المختصة في التمويل الرقمي، أنه لا مفرّ من الرقمنة في مجال التمويل الصغير لتحقيق النقلة المنتظرة منه وإكسابه قدرا أكبر من مؤشرات السلامة وخلاص الديون، مشيرا إلى عدد من التجارب الناجحة في المجال على الصعيد الدولي ومن بينها عدد من البلدان الإفريقية، وإلى دور البنوك في تطوير المنظومة. وكان مشروع "مادستارتس" قد نظّم، كمبادرة تسعى إلى "تسهيل الوصول إلى التمويل لرواد الأعمال الشبّان"، خلال الأشهر الماضية اجتماعات محلية في كل منطقة متوسطية مستهدفة بالمشروع من أجل إشراك مختلف الفاعلين ومناقشة أهمّ القضايا المتعلقة بدعم الأشخاص الذين ليست لهم تعاملات مع البنوك وذلك بغاية "إنشاء شبكة عابرة للحدود من الفاعلين في التمويل الصغير". تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن مشروع "مادستارتس" يتمثل بالأساس في مجموعة برامج لمرافقة المشاريع المجدّدة والنّاشئة وضمان دراسات الجدوى وإيجاد تمويلات لها. و"كنتيجة مرجوّة، سيتم إطلاق شركات صغرى ومتوسّطة جديدة في كل بلد مشارك ينتج عنها خلق فرص عمل جديدة"، بحسب المنظمين. كما تجدر الإشارة إلى أن الميزانية التي منحها الإتحاد الاوروبي لبرنامج التعاون "إيني" لحوض البحر الأبيض المتوسط تبلغ 209 ملايين يورو بعنوان الفترة الممتدة من 2014 إلى 2020.