بإبداع مقيمي قسم الطبّ النفسي الشرعي بمستشفى الرازي للامراض النفسية بولاية منوبة، وما جادت به ريشاتهم وأناملهم من رسوم ومنحوتات زخرفية، ترنو ادارة المستشفى الى محو وصمة المرض النفسي وازالة المعتقدات السلبيّة وغير العادلة التي كوّنها المجتمع حوله، وما ارتبط بها من حرج جعله اقرب الى العيب والضعف، في حين انه لا يتعدى أن يكون خللا وظيفيا ومرضا كبقية الامراض القابلة للتحسين والعلاج. ترجمت ادارة المستشفى هذا التوجّه، وفق تصريح رئيسة قسم الطب النفسي الشرعي، نسرين برم، ل"وات"، بمعرض فني ثقافي بعنوان "نفس الفنّ" احتضنه فضاء فينيكس قرطاج منذ عشية امس الخميس ويتواصل اليوم وغدا السبت، متضمنا 60 لوحة فنية زيتية ومائية، ومنحوتات خزفية تصوّر جمالية الطبيعة والحيوانات وعديد المشاهد والصور. اللوحات ضمّنها 55 مقيما محل متابعة نفسية واقامة طويلة بقسم الطب النفسي الشرعي، مشاعرهم واختلاجات نفوسهم، وحاكوا بها واقعهم الذي انطلق باضطراب نفسي مزمن وطويل الامد وانتهي بجنحة او جريمة جعلتهم محل ايداع وجوبي قضائي بذلك القسم. وكانت ثمرة علاج استمر سنوات بورشتي الرسم والعلاج الوظيفي التي يشرف عليها مؤطرون واخصائيون نفسيون، وانتهت بتحويل الاضطرابات النفسية الى الهام ابداعي ومتنفس فني تبوح فيه الريشة بما قد تعجز السنتهم عن البوح به .. ... وتوّضح الدكتورة برم، ان المرضى يخضعون لبرامج علاج تأهيلي وعلاج دوائي مستمر، فضلا عن العلاج الوظيفي والعلاج بالفن كاحد الطرق العلمية الناجعة التي تعتمد على التقنيات الإبداعية مثل الرسم، والتلوين، واستخدام الرموز والأشكال الفنية لمساعدة الناس على التعبير عن أنفسهم فنيّا، والغوص في اعماقهم وفهم مشاعرهم وسلوكهم لمساعدتهم على المضيّ قدما في حياتهم، والتخلص من مشاعر التمييز والوصم.. واشارت الى ان العلاج بالفن وتحديدا بالرسم هو في علاقة مباشرة باختصاص العلاج بالألوان الذي يساهم في إثارة مشاعر مختلفة لدى الشخص من خلال التعرّض للألوان، والنهوض بالمستوى الإبداعي لديهم، وتحسين مزاجهم، فضلا عن كونه وسيلة تقييم ، لتطور حالة المريض يعتمدها الاطباء والاخصائيون النفسيون والمشرفون من خلال الالوان المعتمدة والاشكال في الرسوم والتي تختلف حسب درجة الهدوء والارتياح والتأزم، ومعيار لتحديد درجة الإحاطة النفسية اللازمة لكل مريض. وأكدت ان الهدف من هذا المعرض الفني والذي تعرض فيه اللوحات للبيع، يتمثّل في تخليص المريض النفسي من عقدة المرض النفسي وما يحاط به من وصم وتجاهل، والتأكيد على أنّه مجرد مرض كباقي الامراض قابل للتحسّن والعلاج، وتأكيد قدرة صاحبه على اكتساب الثقة، وعلى الاندماج في المجتمع، اضافة الى تحقيق دخل مادي اضافي للقسم، الذي توفر به ادارة المستشفى جميع الضروريات، لكنه يحتاج إلى مزيد من الفضاءات والمستلزمات التي من شانها تحسين إقامة المرضى. واوضحت ان الفضاء في حاجة لمزيد الانشطة الترفيهية القادرة على دعم المتابعة النفسية للمقيمين، وبعض العلاجات الخاصة على غرار العلاج بالموسيقى، مع توسعة فضاءات العلاج، وتهيئة الملعب المتوفر حاليا بالانارة وهو ما تسعى ادارة القسم لتحقيقه بتنظيم مثل هذه المعارض. يشار الى ان القسم تم تركيزه منذ سنة 2003 بمستشفى الرازي من أجل الايداع القضائي الوجوبي للسجناء فاقدي الأهلية نفسيا، والصادرة لفائدتهم أحكام قضائية من محاكم مختلفة، بعدم سماع الدعوى أو بالحفظ، لانعدام المسؤولية الجزائية. تابعونا على ڤوڤل للأخبار