تبدأ الحكاية جميلة حالمة حين تتقابل العيون وتمتد الأيدي مرتعشة لأول مصافحة ثم تتبادل أرقام الهواتف وتبدأ رحلة الألف كلمة فابتسامة فلقاء فلمسات فقبلات فاغواء فوعود لتتفطن بعدها "سعيدة الحظ" أنها قد التحقت مبكرا بصفوف الحوامل وأنها فقدت، ويا أسفاه، ما يسمونه في عالمنا العربي بتاج الأنوثة والشرف ألا وهو العذرية التي تستميت الفتاة في الحفاظ عليها حتى يأتيها الفارس المغوار حكاية من ألف حكاية وحكاية تعج بها مجتمعنا الذي نفتخر دائما بأنه وصل درجة كبيرة من التحرر والانفتاح اللذان بقيا رهين اللباس والممارسات والهفوات ولم يمتد انفتاحنا على الآخرين الا لتقليد سلبيات حضارتهم أما ايجابياتهم فلا حاجة لنا بها وعوض أن نجاري تحررهم الفكري جارينا تحررهم الأخلاقي والأسري وأطاح ما يمارس في الظلام وبعيدا عن أي شرعية اخلاقية او مباركة اجتماعية بما يمارس في العلن وبمباركة الجميع ويعاني الكثيرون من حالة من الفصام أو الشيزوفرينيا التي تطبع فكرتهم عن العلاقات الجنسية والأمور المتعلقة بها فالشاب التونسي عامة يبحث قبل الزواج عن فتاة متحررة تقدم له جسدها طواعية ويخصصها للهو لا غير ولا يفكر في الارتباط الرسمي بها وحينها لا يهتم كثيرا بحفاظها على عذريتها من عدمه لأنها ستكون مجرد محطة في حياته أما حين يفكر في الزواج فيصبح "التاج" أمرا لا مفر منه، رغم ان الكثيرات يلتجئن لتيجان مصطنعة بدل الأصلية، وحبذا لو كانت الفتاة محجبة وتقوم بواجباتها الدينية لأنها المحجبة مازالت في المخيال الشعبي رمزا للعفة والنقاء وبهذا يخصص غالبية الشباب فتاة للهو وأخرى للارتباط. وعندما تقرأ الاحصائية الصادرة عن "المسح الوطني لصحة الأسرة" والتي تقول ان 80 في المائة من الذكور و68 في المائة من الاناث يمارسن الجنس دون زواج تتأكد من حالة التناقض التي يعيش فيها المجتمع بين الايهام بمحافظته وبتمسكه بالتقاليد الموروثة وبين الحقيقة المخفية التي تؤكد أن مجتمعنا مغلف بالمحافظة لا غير وأن التمسك بالتقاليد والعادات أشبه بكذبة يمتطيها الكثيرون وأننا نحاول الصاق التجربة الغربية على مجتمعنا متناسين أن الغرب تحرر منذ زمن بعيد من المكبلات الجسدية وصنع ثورته الجنسية بنفسه في حين أن عقلياتنا التقليدية لا تسمح لنا بتطبيق هذا النموذج في مجتمعنا لأنه يخلق نشازا ونتائج كارثية أما حين يمر أمام عينيك خبر يقول ان نسبة الاطفال الذين ينجبوا خارج مؤسسة الزواج يتراوح بين 1200 و1500 حالة سنويا تتسائل مع نفسك اذا ما نسبة ما ينجب داخلها، وطبعا لا يلقى هؤلاء الاطفال معاملة أطفال الغرب الذين يأتون الى الدنيا بنفس الطريقة وهؤلاء يعيشون في أغلب الأحيان مع كلا الوالدين ويتمتعون بجنسية الأم وامتيازات الأطفال الآخرين وحين يتم الزواج ، ينالون لقب العائلة أما عندنا فمآل الغالبية منهم اما الخنق حتى الموت او الرمي أمام الجامع أو الملاجىء. التصفيح بين الأسطورة.. و الوهم غشاء بكارة صيني يغزو الأسواق العربية Virginité Artificielle -Forum Virginité, mariage et mentalité - Forum وتمثل من تترواح أعمارهم بين 19 و25 سنة الثلثين تقريبا ممن أنجبن خارج الزواج ، كما أن الانجاب في هذه الحالات وعلى نقيض ما يحصل في الغرب لا يتم بموافقة من الطرفين أو عن اقتناع بل يأتي صدفة وعادة ما يتهرب صاحب بذرة الطفل من أبوته ويتجاهل صرخات من استغل سذاجتها ويهرب بجلده متهما اياها بأن كل ماصار وحدث كان بملأ ارادتها لا غصبا عنها وقد تكون الضحية حينها هدفا لانتقام عائلتها بهدف غسل العرض والمحافظة على الشرف. وقد تكون بعض الحالات من المساكنة التي تكون بين طرفين ناجحة نوعا ما، كما يحدث في حالات كثيرة في الغرب، اذا توفر لدى الطرفين الوعي الكافي بما هما بصدد فعله في مجتمع لا يتسامح كثيرا مع هذه الحالات ولأنها انطلقت من توافقهما واقتناعهما بصيغة العلاقة التي تربطهما ولسنا هنا بصدد مباركة هذا النوع من العلاقات من عدمه، حتى لا يتهمنا الجماعة بالتشجيع على الفسوق وما الى ذلك، بقدر التأكيد على أنه مازلنا غير ناضجين لاستيعابه والتكيف معه اضافة الى علاقتنا المتوترة مع أجسادنا والتي ورثناها جيلا عن جيل ثم تمردنا عليها بطريقة ساذجة ولا نعرف الى حد الآن لماذا نقدس العذرية الى حد الجنون وبعيدا عن المعالجة السطحية لهذه المسألة ولغة التحليل والتحريم لامفر من الاقرار بأن نموذج الغرب قد نخر مجتمعنا وخلق فيه مآس لا تحصى ولا تعد، ليس لأنه نموذج شيطاني أو الى ذلك ولكن لأننا مازلنا لم نتصالح بعد مع أجسادنا ومازالت عقلياتنا غير قادرة على التكيف معه اضافة الى أننا نعيش هذه الأيام بين العودة الى حضن التدين السطحي لأننا لم نحدد هويتنا بعد وبين الرغبة في افلات الغرائز لأن ما يفعله الآخرون يغرينا ولكن نقع في نتائج كارثية تثبت وللمرة الألف أننا مازلنا في طور النمو وأننا مازلنا مجتمعا غير متصالح مع نفسه ودون هوية محددة