تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ رئاسة الحكومة: جلسة عمل للنظر في تسريع إتمام هذه المشاريع    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    وزير الرياضة يستقبل رئيسي النادي الإفريقي والنادي الرياضي البنزرتي    لماذا اختار منير نصراوي اسم 'لامين جمال" لابنه؟    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    قسم طب وجراحة العيون بالمستشفى الجامعي بدر الدين العلوي بالقصرين سينطلق قريبًا في تأمين عمليات زرع القرنية (رئيس القسم)    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    تونس.. زيادة في عدد السياح وعائدات القطاع بنسبة 8 بالمائة    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    القيروان: انتشال جثة طفل جازف بالسباحة في بحيرة جبلية    عاجل/ العريّض خلال محاكمته في قضية التسفير: "هذه المحاكمة ستعاد أمام الله"    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    "نائبة بالبرلمان تحرّض ضد الاعلامي زهير الجيس": نقابة الصحفيين تردّ.. #خبر_عاجل    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا"    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    تعزيز مخزون السدود وتحسين موسم الحبوب والزيتون في تونس بفضل الأمطار الأخيرة    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية    البنك المركزي : معدل نسبة الفائدة يستقر في حدود 7،50 بالمائة خلال أفريل 2025    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ حوثي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية "كيما اليوم" لليلى طوبال: صرخة في وجه الظلم والقبح ودعوة للتفكير في بعث الإنسانية المفقودة
نشر في باب نات يوم 19 - 01 - 2025

كان جمهور الفن الرابع، مساء السبت 18 جانفي، على موعد مع العرض الأول لمسرحية "كيما اليوم"، وهي ثمرة إنتاج مشترك بين المسرح الوطني التونسي وشركة "الفن مقاومة". وقد حمل هذا العمل توقيع الفنانة ليلى طوبال في الكتابة والإخراج والسينوغرافيا، ولجت من خلاله إلى أعماق النفس البشرية، مستعرضة تناقضاتها وأوجاعها في عالم يعج بالأسئلة الوجودية والقضايا الإنسانية.
ويضم فريق التمثيل كلّا من مايا سعيدان وأصالة نجار ودينا وسلاتي وفاتن شرودي وخديجة محجوب وأسامة شيخاوي. كما يشارك في العمل عدد من المختصين في الجوانب التقنية هم فاتن جوادي المكلفة بالإنتاج وأمان نصيري مساعدة مخرجة وعمار لطيفي في تصميم الكوريغرافيا. أما تصميم الإضاءة فيشرف عليه صبري العتروس والهندسة الصوتية لمحمد هادي بلخير، مع مساهمة محمد بدر بن علي في تقنيات المابينغ، وتصميم الملابس لمروى منصوري والتصميم الغرافيكي لسيف الله قاسم والتنسيق الإعلامي لهند تقية..
تبدأ المسرحية بقصة "دنيا"، الطفلة التي كانت تحتفل بعيد ميلادها الخامس عندما سمعت نداء غريبا قادما من جوف الأرض، صوت شاعريّ مرهف وساحر يطلب منها العودة إلى أعماق الطبيعة تاركة عالم البشر وصراعاته. ومع استعدادها للرحيل، يلتف حولها أشخاص لإلقاء نظرة الوداع، لكن دنيا تختفي فجأة تاركة هؤلاء الأفراد عالقين في متاهة خانقة لا يعرفون لها مخرجا.
وتمثل شخصية دنيا في هذا العمل المسرحي رمزا للبراءة والطهارة الإنسانية التي فُقدت وسط صراعات العالم المادي، فهذه الطفلة كانت تجسد صوت الأرض، ذلك النداء الذي يذكّر الإنسان بجذوره ويحثه على العودة إلى ذاته الحقيقية. وقد وضع غياب دنيا كل الشخصيات في مواجهة مع أنفسهم، حيث يتجولون في المتاهة بحثا عنها، لكن رحلتهم تتحول إلى رحلة داخلية يكشفون فيها عن مخاوفهم وأنانيتهم ونفاقهم وزيفهم...
ويظهر من خلال السرد أن المتاهة تمثل رحلة كل فرد في الحياة، حيث يواجه الإنسان حالات من الضياع والبحث المستمر عن معنى لوجوده. وهذه المتاهة التي تتجلى على خشبة المسرح من خلال تصميمها السينوغرافي المعقد، تخلق حالة من الغموض والارتباك، فكانت مرآة لما يعانيه الإنسان في صراعه مع تحديات الحياة اليومية. وقد ساهم تداخل العناصر الفنية الموظفة بإحكام في العرض مثل الضوء والظلام في إبراز حالات التوتر والاضطراب والتمزق الداخلي للشخصيات بين الأمل واليأس وبين الحقيقة والجهل.
// المتاهة مرآة الحياة
وليست المتاهة مجرد فضاء مادي في مسرحية "كيما اليوم"، بل هي استعارة رمزية للحياة نفسها. فجدران المتاهة المتشابكة تمثل قيود الإنسان وتحدياته، بينما الضوء المتسلل من ثقوب الجدران يرمز إلى الأمل والمعرفة. أما بالنسبة إلى الشخصيات المحاصرة في المتاهة فهي تسير بخطوات متعثرة تتصارع فيما بينها وتتبادل الاتهامات وتبحث عن خلاص يبدو مستحيلا.
وتستمر أحداث المسرحية بنسق تصاعديّ في تقديم مسار حياتيّ مليء بالتحديات من خلال تجسيد المتاهة كرمز مركزي في الحياة، فالمتاهة في هذا العمل، هي صورة حية لرحلة الإنسان حيث يضيع ويعود ليكتشف ذاته من جديد. وفي هذا السياق، استخدمت ليلى طوبال بكثافة الألوان والضوء كأدوات تعبيرية رمزية، فترجمت الألوان الداكنة القمع واليأس بينما عبّرت الألوان الزاهية عن الأمل والحب والحياة. أما الضوء، فكان رمزا للمعرفة والحقيقة، بينما يرمز الظلام للجهل والخوف الذي يعيشه الإنسان في العالم المعاصر.
واعتمدت المخرجة في هذا العمل على نص شعري باللهجة التونسية، جاء زاخرا بجمالياته وثراء صوره. وقد نقل المشاعر العميقة للشخصيات ولامس قضايا إنسانية كونية. وإلى جانب النص، اهتمت طوبال بالسينوغرافيا كعنصر محوري في العرض، حيث تحوّلت خشبة المسرح إلى متاهة بصرية كانت مرآة للتيه والضياع النفسي للشخصيات. أما الموسيقى التي ألّفها مهدي الطرابلسي وأدت بعض مقاطعها عبير دربال بإحساس مرهف، فقد أضافت للعرض بُعدا مشحونا بالعاطفة، وكانت الموسيقى خلفية حية أيضا عبرت عن لحظات التوتر والفرح واليأس.
// رسائل إنسانية كونية
وانطلاقا من الخصائص الفنية المميزة لهذا العرض والتي أحكمت ليلى طوبال توظيفها لإثارة عديد القضايا، جاءت مسرحية "كيما اليوم" بمثابة صرخة إنسانية في وجه الظلم والقبح المنتشرين في العالم. وسلطت الضوء على القسوة التي يفرضها الإنسان على نفسه وعلى الآخرين، وعلى الكراهية التي تفترس القيم النبيلة. كما يثير العمل أسئلة وجودية حول طبيعة الخير والشر ودور الإنسان في إعادة بناء عالم أكثر عدلا وإنسانية.
// نهاية مفعمة بالأمل
وفي لحظة ذروة درامية، تعود دنيا إلى المتاهة لكن ليس كطفلة بل كامرأة ناضجة تحمل رموز الأمل والتجديد. وتبدأ في تدمير المتاهة وإسقاط الجدران وبعث الحياة في الفضاء المظلم بألوان زاهية وزهور وفراشات مجنحّة. وهذه العودة ليست مجرد استعادة للبراءة بل هي دعوة للإنسانية لإعادة الاتصال بجوهرها والبحث عن حلول تعيد التوازن إلى عالم مضطرب أرهقته الحروب والأوبئة وتهدّده التغيّرات المناخية، فلا يكون الحل إلا بالخلاص الجماعي وليس بالبحث عن الخلاص الفردي.
وتختتم مسرحية "كيما اليوم" برسالة مفعمة بالأمل مظاهر رغم القسوة والضياع، حيث تذكّر الإنسان بأن العودة إلى الإنسانية ممكنة وأن الطريق إلى الخير والسلام يبدأ من داخل كل فرد. ويقدم هذا العمل رؤية فلسفية عميقة للحياة، كما تدعو المتلقي إلى التأمل في دوره داخل هذا العالم من أجل إعادة إحياء هذا العالم بالحب والسلام والاحتفاء بالإنسانية في أبهى صورها..
تابعونا على ڤوڤل للأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.