ما أن أعلن الفيفا عن فوز قطر بتنظيم كأس العام 2022 ، إلا وسادت الفرحة قلوب العرب والمسلمين جميعا ليس فقط لأنها المرة الأولى التي تحقق فيها دولة عربية مثل هذا الإنجاز التاريخي وإنما أيضا لأن الدوحة هزمت واشنطن على مرأى ومسمع العالم كله . بل واللافت للانتباه أيضا أن قطر بهذا الإنجاز انتقمت سريعا فيما يبدو لبعض الحكام العرب الذين يعتقد على نطاق واسع أن إدارة أوباما تسببت بشكل مقصود أو غير مقصود بإحراجهم أمام شعوبهم عبر تسريبات ويكيليكس الأخيرة بعد أن نقضت كافة وعودها لهم فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط . صحيح أن واشنطن سارعت للتنديد بنشر الوثائق وشرعت في إجراء تحقيق فوري لمعرفة المسئول عن تسريبها ، إلا أن هذا لا ينفي حقيقة أنها باتت غير جديرة بالثقة وأوجدت حاجزا كبيرا من انعدام الثقة مع حلفائها في العالم العربي ، فالأمريكيون أثبتوا عجزهم عن حماية اللقاءات التي تحصل بين الطرفين ، ولذا يتوقع على نطاق واسع أن يفرض "الأصدقاء العرب " من الآن فصاعدا شروطا عند عقد أي لقاء مع المسئولين الأمريكيين. ولعل رد فعل أوباما على فوز قطر بتنظيم المونديال يرجح صحة ما سبق ، فهو سارع لانتقاد قرار الفيفا إسناد تنظيم كأس العام 2022 إلى قطر وليس الولاياتالمتحدة ، واصفا هذ القرار بأنه خاطيء . ورغم أن البعض قد يفسر رد الفعل السابق على أنه أمر طبيعي في مثل تلك الحالات ، إلا أنه على العكس له دلالات سياسية هامة جدا ، فهو يبعث برسالة للعرب جميعا أنهم قادرون على تحقيق الإنجازات في حال اعتمدوا على أنفسهم ووثقوا بإمكانياتهم ، حيث أن قطر الدولة الصغيرة انتزعت تنظيم المونديال من القوة العظمى في العالم ، الأمر الذي يؤكد أن العالم بات يتعامل بلغة الأفعال وليس القوة العسكرية والاقتصادية والمساحة الجغرافية فقط . تغيير تاريخ المنطقة ، اعتبرت الصحف القطرية أن دولة قطر على موعد مع صناعة تاريخ جديد للمنطقة ، مؤكدة أن استضافة الدوحة لأكبر حدث كروي في العالم يعني تغيير تاريخ المنطقة التي ستشعر بأنها باتت جزءا معترفا به من هذا العالم. ورأت صحيفة الراية في حضور أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للعرض النهائي لملف قطر لاستضافة مونديال 2022 الذي جرى بمقر الفيفا في مدينة زيوريخ السويسرية أمرا يعكس الثقة بقوة الملف القطري ويؤكد أن تلك المنطقة من العالم تستحق أن تنال حصتها في أكبر بطولة عالمية. كما نوهت الصحيفة بالرسالة التي وجهتها الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم أمير قطر والتي كان مفادها أن الوقت قد حان لمنطقة الشرق الأوسط كي تنال شرف استضافة كأس العالم من خلال ملف قطر 2022. وتابعت "الراية" أن ما يميز الملف القطري هو أن قطر تعتبر جسرا بين أوروبا وأفريقيا وآسيا والانتقال إلى قطر لا يشكل أي مشكلة لملايين الأشخاص فضلا عن أن حجم العوائد التجارية سيبلغ نحو 14 مليار دولار، الأمر الذي سيحرك اقتصاد المنطقة دون احتساب العوائد الناتجة عن استضافة المونديال. وأشارت أيضا إلى أن الدوحة بدأت في بناء شبكة مترو أنفاق كما ستضاعف قدرات الإيواء في الفنادق لتتخطى ما تتطلبه شروط الفيفا بحيث يستطيع الجمهور أن يتابع مباراتين في يوم واحد بأسعار زهيدة بالإضافة إلى تخصيص الحكومة القطرية 4 مليارات دولار لبناء ملاعب على أعلى المستويات حيث سيجري تفكيك المقاعد في المدرجات بعد المونديال وتوزيعها على 22 ملعبا في الدول النامية وهو ما يمثل إرثا مهما دون أعباء مادية إضافية.