نعيش اليوم دون شك تطورا رهيبا في مجال الاتصال والتواصل بعد أن تعددت وتنوعت بشكل واضح وسائل الاتصال، فهذه الفضائيات بمختلف اختصاصاتها تتاح لنا جميعا صغارا وكبارا، نساء ورجالا مشاهدتها، وهذه الشبكة العنكبوتية الساحرة بمختلف تفرعاتها تفتح لنا الأبواب الموصدة وتمكننا من كل شيء، وهذه الهواتف النقالة التي تتطور كل يوم بشكل رهيب توفر لنا خدمات متنوعة لم نكن نحلم بها مجرد الحلم أولم نكن نتصورها مثل أن تحمل مقاطع فيديو قصيرة تتضمن مشاهد خليعة وإباحية، وفي خضم كل هذا التطور نطرح هذا السؤال: أين أبناؤنا وبناتنا من كل هذا؟!! وهل هيأناهم لأن يحسنوا التعامل والتواصل مع هذه الوسائل؟! وهل وفرنا لهم الحماية الكافية حتى لا يقعوا فريسة لها؟!!! وهل نتابعهم ونرافقهم أثناء استعمالهم لهذه الوسائل القريبة من أيديهم، "الكبيرة" في بعض الأحيان على عقولهم ومشاعرهم؟!! اليوم بإمكان أي فتى أو فتاة أن تصله أو تصلها عبر الهاتف الجوال إرسالية قصيرة من شخص معلوم أو مجهول تتضمن كلاما نابيا وقبيحا أو كلاما ذا إيحاءات جنسية، ومن اليسير جدا أن يتم تداول مثل هذه الإرساليات بين أبنائنا وبناتنا الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 أو 13 عاما أو اصغر من هذه السن، ولا يخفى علينا التأثير السلبي الشديد لهذه الإرساليات عليهم وعلى سلوكهم... ومن السهل أن يشاهد أبناؤنا وبناتنا تلك الفضائيات التي تبث الكليبات وما تعرضه في الشريط الإلكتروني أسفل الشاشة من عبارات لا أخلاقية في بعض الأحيان أو تلك التي تهتم بعرض الرسائل القصيرة المكتوبة من قبل المشاهدين وما تتضمنه من عبارات العشق والغرام والاكتواء بنارهما.... ما جرني إلى هذا الحديث هو ما أخبرني به أحد الأساتذة من أصدقائي إذ حدثني وعلامات الفزع والاستغراب بادية عليه فقال: كنت كعادتي في القسم أنجز درسا موجها إلى تلاميذ السابعة أساسي، وفي لحظة من اللحظات لفت انتباهي أن تلميذة تناولت كراسا من محفظتها لا علاقة له بدرسنا ووضعته أمامها، فتوجهت إلى حيث تجلس في الطاولة الأخيرة فارتبكت وأرادت أن تخفي الكراس، فطلبت منها أن تسلمني إياه حتى أعيده إليها في آخر الساعة، إلا أنها ترددت، فأخذته منها ووضعته أمامي على الطاولة دون أن أنظر فيه وواصلت الدرس، ولكني لاحظت أن التلميذة مرتبكة ومرعوبة، فشككت في أمر الكراس ففتحته فألفيت اسمها مكتوبا في الصفحة الأولى وهذا الكراس تابع إلى إحدى المواد، وحين تصفحته يا صديقي عثرت فيه على "بلاوي" صدمتني وأفزعتني كيف تصدر عن تلميذة في السابعة أساسي لا يتجاوز عمرها الثالثة عشرة.... وقرأت أشياء يندى لها الجبين، ولم أدر ماذا سأفعل؟ وكيف سأتصرف مع هذه التلميذة؟ وكيف سأساعدها على التخلي عن مثل هذا السلوك المشين لأنها فعلا تحتاج المساعدة وهي ضحية؟! وهل تلميذة بما قامت به قادرة على التركيز وفهم الدروس واستيعابها؟!! وفي ما يلي يا صديقي نماذج مما كتبته تلميذة السابعة أساسي من نصوص قصيرة تجاوز عددها الأربعين مأخوذة من بعض الأغاني المسموعة من قبل الشباب ومن الإرساليات القصيرة المتداولة ومما تبثه بعض الفضائيات: "في عيني لقيتك وفي قلبي حبيتك وبعمري فديتك والله لا لحظة نسيتك" / "أكتب لك على ورق التفاح يا أحلى من نور الصباح. أكتب لك على ورق الليمون يا أحلى من نور العيون. أكتب لك على ورق الشجر يا أحلى من كل البشر..." / "سأظل أحبك حتى يوم وفاتي، ويوم وفاتي لا تبك لأن دموعك أغلى من حياتي" / " معاني البوسة: على اليد ولاء وعلى الخد صداقة وعلى الجبين حنان وعلى الأذن شفقة وعلى ..... اختر بوسة و قل لي أبعثها لك..." / "يا ريزو اطلع شلطة خلي حبي يعمل غلطة ابعث لي آبال أو ميساج في ورقة قبل ما تجيني جلطة ونبقى في الكوما في ورطة..." / "كان أجمل يوم في حياتي كلها هو يوم 1 جانفي 2011 ولكني حزنت فيه اكتشفت "......" (حذفت الاسم) لا يحبني ويحب واحدة أخرى والشيء السعيد هو أني مشيت معه في الشارع وتكلمت معه...." هذه بعض النماذج مما قرأته على ذلك الكراس، وقد اخترت لك يا صديقي ما يبدو مهذبا شيئا ما لأن هناك ما لا يقال وما لا يكتب.....