من الطبيعي جدا عند سقوط أي نظام قمعي على يد ثورة مجيدة أن تنتشر بعض من مظاهر الفوضى الوقتية مع انفلات أمني وتجاوزات تحصل نتيجة الفراغ الأمني الذي يسببه غياب أجهزة الشرطة ومن الطبيعي كذلك أن تتكون بعد سقوط أي نظام حكومة مؤقتة تعمل على الأخذ بزمام الأمور لكي لا تتواصل هذه الفوضى ولإعادة الأمن والاستقرار وملإ الفراغ الأمني والسياسي ولكن من غير الطبيعي ومن غير المقبول أن تكون أغلبية أعضاء هذه الحكومة المؤقتة من شخصيات كانت رموزا زمن النظام السابق استولت على الوزارات السيادية دون اعتبار لرأي الشعب الذي قام بثورة عظيمة يشهد بها العالم ومازالت تأثيراتها تتجسد في محيطها من الغريب فعلا و بعد انتصار الثورة أن تتواصل سياسة التخويف التي اتبعها رأس النظام السابق ضد الشعب التونسي قبل سقوطه لكن يبدو أن الشباب قد تشبعوا من معاني الحرية التي أطلقوها وأصروا أن يتموا ثورتهم وأن ينظفوا حتى النخاع عصابات الفساد والقمع التي نهشت أجهزة الدولة ويتحمل بعض الوزراء الذين كانوا في الحكومة المؤقتة نتائجها تخويف الشعب من الفراغ و الفوضى لن تقنعه فهو متعود على مثل هذه الخطابات الممزوجة بالتهديد من جهة والتوسل من جهة أخرى وهو أصلا لم يقتنع بخطاب بن علي قبل هروبه وهاهو الوزير الأول محمد الغنوشي يستجيب لمطالب المتظاهرين في القصبة ويقوم مجبرا بتغيير بعض الأسماء المشبوهة وتعويضها بشخصيات مستقلة وذات كفاءة إلى حين انتخاب حكومة وافق عليها أغلبية التونسيون وهدأت من غضب المتظاهرين من حق المتظاهرين الذين تحملوا آلاف الكيلومترات للوصول إلى القصبة في مسيرة الحرية والكرامة أن يطالبوا بتغيير أسماء كانت ضالعة في تركيز الاستبداد وساهمت بشكل كبير في الإساءة للشعب الذي عان الأمرين طوال 23 سنة من القمع والعذاب ترهيب المتظاهرين بدعاية الفوضى والفراغ ومخاطر انهيار اقتصاد الدولة لم ينفع أطراف معينة كانت موجودة داخل الحكومة كما لم ينفعها محاولات بث الفرقة بين المتظاهرين ونشر الجهويات بينهم وبين سكان العاصمة الذين قاموا بالمستحيل لمساندة قافلة الحرية على مواصلة التظاهر كما لم تنفع محاولات شراء الذمم بدنانير بعض من يريد الالتفاف على مطالب الأحرار تغيير بعض الأسماء داخل الحكومة أثبت دون شك بأن الشعب هو الضامن الوحيد لقيام ديمقراطية حقيقية وعدم الالتفاف على المطالب المشروعة لذا فإن تخويف التونسيين بالفوضى والفلتان الأمني لن يجدي نفعا وكما قال الوزير محمد الغنوشي إن هذا الشعب تعلم كيف يدافع عن حقوقه وكيف يحاسب الحكومة على كل حال القرار الأخير بإبعاد بعض الوجوه هو أمر ضروري وحكيم لتهدئة الشارع وهو ما حصل فعلا حيث عبر بعض المتظاهرين عن تأييدهم لقرار الحكومة الأخير إضافة إلى بعض الهياكل الأخرى كالإتحاد العام التونسي للشغل الذي أكد أن التغييرات الجديدة هي خطوة في الطريق الصحيح لذا فإن الفوضى غير واردة بل الوارد الآن هو بناء دولة حرة قائمة على التعددية السياسية وعلى احترام إرادة شعب سيبني بالتأكيد أولى الديمقراطيات العربية وعلى الجميع الآن حكومة كانت أو معارضة تحمل مسئولية بناء مستقبل مشرق للشعب التونسي كريم