"ارحل..الثورة التونسية"أو DEGAGE ..LA REVOLUTION TUNSIENNE""هو من أبرز المؤلفات الصادرة بعد الثورة في تونس،لأنه أنجز و صدر في وقت قياسي ،و تحديدا بعد شهر و نصف تقريبا،في مسعى لتكريم محمد البوعزيزي،و جاء على الفترة الحارقة من هذه الثورة التونسية الفريدة من نوعها ،و هي 17 ديسمبر 2010 وصولا إلى 14 جانفي 2011. الكتاب صدر في 239 صفحة،عن منشورات LAYEUR أليف،جمع شهادات حية لعدد من التونسيين في مجالات مختلفة ،من مثقفين و إعلاميين و سياسيين و أهل الأدب وغيرهم ،و كانت الكلمة لهم،لكل الذين حرموا من الكلام طيلة أكثر من 23 سنة،تحرروا و هم لا زالوا مرابطين حينها أمام مبنى وزارة الداخلية بالعاصمة. وقبل رصد التطورات المتسارعة للأحداث مع بداية شهر ديسمبر الماضي،عرج المؤلف على واقع عدد من الولايات داخل الجمهورية ،التي عانت التهميش و اشتكى أبناؤها من الإقصاء لعقود متتالية،رغم ثرائها الاقتصادي و الثقافي . ارحل...أو "ديقاج" تطورت الأحداث بسرعة في تونس ،مثلما رصده هذا المؤلف،و التهب فتيل الثورة من تلك المناطق الداخلية ذاتها،و اتسع بشكل تصاعدي ملفت ،لم تنجح معه مسكنا الرئيس المخلوع ،و هو يخاطب شعبه "الوديع"و يصر على "استبلاهه"رغم أن الشرارة الأولى صارت حريقا امتد إلى كل الولايات تقريبا و بنسب متفاوتة.و توقف المؤلف عند يوم 14 جانفي 2011 ،يوم خرجت الآلاف صفا واحدا و هتفت بصوت واحد"ديقاج..ديقاج..ديقاج"و قابلتها عصا البوليس و أسلحته و ذخيرته الحية،في كل شبر من البلاد،و سقطت الأرواح ،من الشباب و جرح الكثيرون ،و ألقي القبض على آخرين،لكن آلة القمع لم تنجح هذه المرة ،في إخماد الهتافات،في تكميم الأفواه المرددة لتلك الكلمة السحرية،مما زرع الخوف في مسؤولي النظام البائد،وفر زين العابدين بن علي و زوجته.... "تاريخ 14 جانفي سحق 7 نوفمبر"مثلما ورد في الكتاب...صفحة جديدة في تاريخ تونس،يكتبها شبابها.. في تحية لكل شهداء الحرية ،اتبع الكتاب خطى الثورة التونسية و مراحلها و منجزاتها،بالصورة ،في الولايات،في اعتصام القصبة ،في الشوارع و خاصة شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة،في مواجهات المتظاهرين مع آلة القمع و الاستبداد،و الكلمة السحرية لا تفارق الشفاه. كما حاول من جهة أخرى "تشريح"الإعلام ،السلطة الرابعة التي ظلت مكبلة لعقود من الزمن،و حتى خلال اندلاع الثورة،و حافظت على أسلوبها الممجد ل"صانع التغيير"..و ..ثم في المقابل لمحة عن الصحف الأجنبية التي تحدثت عن الثورة،منها مجلة Jeune afrique التي أوردت ملفا اسمه"البوعزيزي البطل العربي"و " “ PARIS MATCH التي نشرت ملفا حول سقوط الطرابلسية،و كذلك صحف Le Monde و الشرق الأوسط ،و أخرى عديدة . كما لم يفت المؤلف أن يسجل تحية الرئيس الأمريكي ،باراك أوباما،للثورة التونسية و تحديدا"شجاعة و كرامة التونسيين"داعيا في ذات الإطار إلى" إجراء انتخابات حرة و نزيهة". هذا الكتاب الذي جمع أكثر من 500 صورة و خاصة حول "ديقاج"لبن علي و للتجمع،الحزب الحاكم سابق،و أكثر من 100 شهادة،و وشحت كل صفحة منه برائعة أبو القاسم الشابي"إذا الشعب يوما أراد الحياة ،فلا بد أن يستجيب القدر.....تضمن أيضا تحية إلى الجيش الوطني ،حامي الثورة،و حامي البلاد و العباد،و الذي لعب دورا رياديا منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة... كتاب" DEGAGE ..LA REVOLUTION TUNISIENNE" وثيقة و مرجع رصد فترة مهمة جدا من تاريخ تونس الذي كتبه أبناؤها من جديد،و صاغوه برؤيتهم للحاضر و المستقبل،بل هو أكثر من ذلك بكثير ،هو تاريخ تونس بعيون جديدة،ثارت على القمع و الاضطهاد و الإقصاء..لذلك فهو كتاب كل الأجيال..في تونس .