مر شهر رمضان هذه السنة بنكهة مغايرة وطعم جديد وظواهر جديدة لم نكن نشهدها قبل الثورة, شهر بدا التونسي يلتمس فيه المناخ التعددي ونسيم الحرية الحقة والبراغماتية. تغير واضح في منظومة الحريات قد يستدل عليه التونسي ببقاء المساجد مفتوحة للصلاة وحلقات النقاش والتوعية واقامة صلاة التهجد التي اقيمت من المساجد التونسية بعد ان منعت منذ الجمهورية الاولى. فبقاء المساجد مفتوحة لا يعتبر مقياس للحرية في الاصل انما في تونس بعد الثورة يعتبر انجازا ثوريا كرس مبدا الاجتماع والتجمع وأسس لمنظومة حريات جديدة قيامها الاحترام والمسؤولية. فلئن كانت المساجد العامة هي التي يفترض ان تؤدى فيها الصلوات يبدو ان بعض التونسيين قد ابتكروا اماكن جديدة للصلاة يقولون عنها انها اوسع وارحب من المساجد ففي القلعة الكبرى ستقوم صلاة عيد الفطر المبارك في الملعب البلدي اما في معتمدية الحمامات من ولاية نابل فان صلاة العيد ستقام على شاطئ البحر بعد ان دعت مجموعة من الائمة الى ذلك ونحن نتساءل هنا عن دور المساجد والغاية من بنائها وتاثيثها. فقانونا يفترض ان تقام الصلوات في الاماكن المخصصة لها لا في اماكن غير محمية وغير مهيأة كالملاعب وشواطئ البحار. فمثل هذه المبادرة في هذا التوقيت بالذات والبلاد تستعد لخوض انتخابات تاسيسية يمكن ان تثير نوعا من الحساسية بين المواطنين انفسهم وقد تترجم الى نوع من الفوضى او الاحتكاك ليس الغاية منه الصلاة فى حد ذاتها انما الغاية سياسية دعائية بحتة قد تتجاوز اشكالية استغلال المساجد لتوظيف الخطاب السياسي الى اشكالية استغلال العيد من قبل بعض الوجوه السياسية. . فمثل هذه المبادرات المحمودة التي ان التزمت بموقعها الاصلي قد توهم الاتهامات السياسية والحملات الاعلامية التي تحاول اخراج الظواهر من سياقها العادي لتوظيفها سياسيا فيما يخدم الحملات الانتخابية لهذا الحزب او ذاك فالدولة التونسية دولة مسلمة ولكنها في نفس الوقت دولة قانون ومؤسسات وجب على المواطنين احترام القانون الساري به العمل في تنظيم عمل المساجد ودورها لا محاولة استغلال الفترة الامنية الصعبة التي تمر بها البلاد لفرض ظواهر لسنا معتادين بها من حيث الهدف لا المضمون . حلمي الهمامي صلاة العيد بين التلقائية و التمسك بالهوية