لا يخفى على أحد وجود سباق تحالفات تسعى من خلاله الأحزاب إلى خلق أغلبية مريحة داخل المجلس التأسيسي الذي لا يفصلنا عن انتخابه سوى ساعات و على الأرجح فإنه في اطار هذا السباق يتنزل اللقاء الأخير الذي اجتمع خلاله الحزب الديمقراطي التقدمي و القطب الديمقراطي الحداثى و التكتل من أجل العمل و الحريات و افاق تونس. هناك من يقول أن الشابي كان خلال اللقاء متحمسا جدا حيث دعا الى أن يتم في أسرع ما يمكن اعلان تشكيل ائتلاف يضم الأحزاب السابق ذكرها لكن حزب الدكتور مصطفى بن جعفر كان موقفه واضحا " لا اعلان عن ائتلاف قبل الإنتخابات" ولا يعنى ذلك أن حزب التكتل يرفض التحالف بل هو سيرصد التوازنات داخل المجلس ثم يتحالف على أساسها . ما هو واضح أن هاجس الأحزاب يتمثل أساسا في الحصول على أغلبية مريحة داخل المجلس التأسيسي للتحكم في القرارات و لعب الدور الأساسي في صياغة الدستور و تعيين الحكومة الجديدة و رئيس الجمهورية الجديد . جميعنا ندرك أن القانون الإنتخابي الذي يقوم على التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر البقايا يجعل من المستبعد الحديث عن أغلبية مريحة في التأسيسي و بالتالى فإنه من الناحية النظرية لن يسمح بهيمنة أي طرف سياسي لكن من الناحية العملية الطريقة المثلى لخلق هذه الأغلبية تتمثل في التحالف. ان سباق الأحزاب لخلق الأغلبية داخل المجلس اتضحت معالمه في البداية خاصة من خلال وجود قائمات مستقلة صديقة لبعض الأحزاب ثم بعد ذلك من خلال تحالف قوى اليسار في القطب الحداثي و أيضا من خلال ائتلاف 23 أكتوبر الذي يضم مجموعة من الأحزاب أبرزها المؤتمر من أجل الجمهورية و حركة النهضة . ما يمكن أن نلاحظه هو أن التحالفات الى حد الآن لا تمثل عنوانا للوفاق و الإتفاق أو التقارب في الرؤى السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية بقدر ما ما تمثل انقساما للمشهد السياسي بين يسار ويمين على أساس ايديولوجي و ما يمكن قوله هو أنه اذا تواصلت التجاذبات السياسية بعد الإنتخابات على أساس ايديولوجي لن يقودنا ذلك سوى إلى مزيد من التوتر والأزمات فهل سستحمل الأحزاب مسؤوليتها التاريخية و تقود البلاد الى بر الأمان ؟