في خطوة تدفع إلى الإستغراب و الشك في الهدف منها دعا الإتحاد العام التونسي للشغل بولاية تطاوين إلى إضراب عام في جميح حقول البترول أيام 28 , 29 و 30 من الشهر الجاري رغم اللقاءات التى تمت بين ممثلين عن الإتحاد وممثلين عن الشركات البترولية . كما يبدو إذا فإنه في تقدير اتحاد الشغل هذا الوقت مناسب تماما لإضراب مماثل لن تكون عواقبه سوى التأثير سلبا على إنتاج المحروقات و قد يتسبب في أزمة في تزويد البلاد بها و كما يقول المثل المصائب لا تأتى فرادى فما إن بدأ دخان الحرائق التى أكلت ألسنة لهبها العديد من المنشآت العمومية في ولاية قفصة ينقشع حتى تذكّر اتحاد الشغل في تطاوين الوضعية التى يعيشها العمال في الحقول البترولية وها هو ينادى بتسويتها. جميعنا نقدس الدور الذي من المفروض أن يلعبه اتحاد الشغل في ضمان حقوق العمال و الدفاع عنها لكن ما يؤكد عليه المراقبون هو أن العامل ليس سوى بيدق في رقعة الشطرنج السياسية يقع استغلال مطالبه و طموحاته البسيطة لتركيعه و جعله مجرد دمية تحركها خيوط السياسة المتشابكة و المعقدة. لا يخفى على أحد أن نتائج الإنتخابات النزيهة و الشفافة لم تعجب شريحة من التونسيين أو بالأحرى جزءا من النخبة التونسة التى رغم أنها أقلية كما تدل الموازنات داخل المجلس التأسيسي لها حضور قوي على المستوى الإعلامي و لها أيضا تأثير كبير خاصة في المنظمة الشغيلة. هذا التأثير بدا جليا بعد الإعلان عن نتائج الإنتخابات من خلال تتالى الإضرابات في عديد القطاعات الحساسة نذكر منها النقل و البريد و يبدو أن من يحرك الإضرابات يرفض قطعا منح فرصة للأطراف الفائزة في الإنتخابات بمساندة كل من يريد خدمة البلاد لتثبت قدرتها على الوصول بنا إلى شاطئ الأمان من عدمها لذلك بدأت الإضرابات اليوم تنذر بعودتها لتزيد من تعكير الحالة الحرجة التى يعيشها إقتصادنا و تغذي إمتعاض و غضب الشعب و تشعره بأنه و قع خداعه بوعود و برامج لا يمكن تطبيقها سوّق لها تيار سياسي معين خطابه مزدوج و لا يقدر على تسيير دواليب الدولة و سيقودنا إلى المجهول و سيدخل البلاد في الفوضى. وزارة الصناعة ستحاول تقريب وجهات النظر بين ممثلين عن الإتحاد وممثلين عن الشركات البترولية بتطاوين لتجنب الإنعكاسات السلبية للإضراب المرتقب و إن عجزت الوزارة عن ذلك و تمسك بعض قادة الإتحاد بلعبة السياسة المغلفة بمطالب العمال فليس لنا أن نتمنى أن يكون المؤتمر المقبل للمنظمة الشغيلة حاسما في تطهير بيت العمال و جعلها فعلا قلعة من قلاع الدفاع عن حقوقهم و حمايتها.