تصوروا أن قتلة الشهداء ينظمون وقفة احتجاجية للمطالبة بتطهير الأمن .. تصوروا أن من يعرفون بقضاة الطرابلسية يدخلون في إضرابات جوع للمطالبة بتطهير القضاء .. أؤكد لكم ان ذلك ليس مستبعدا خاصة بعد الوقفة الإحتجاجية لعدد من المنتسبين للقطاع الإعلامي التى ظهر خلالها عدد من الذين كانوا يسبحون بحمد بن علي و يناشدونه البقاء مدى الحياة في سدة الحكم يطالبون بتطهير الإعلام وضمان إستقلاليته و كما يقول المثل من لا يستحى يصنع ما يشاء . لسنا هنا ندافع عن الحكومة التى لا شك أنها أخطأت بإجراء تعيينات في قطاع الإعلام دون مشاورات مع أهل الإختصاص النزهاء و الشرفاء لكننا في الحقيقة ننبه إلى أنه من الخطأ أيضا أن نتصور أن مالكي وسائل الإعلام و الإعلاميين الذين ولدوا من رحم النظام القديم يرغبون فعلا في إصلاح القطاع و تطويره . تدخّل الحكومة في الإعلام قد يكون فعلا مؤشرا خطيرا لكن أيضا رؤية صاحب مقولة بابا الزين نبيل القروي على سبيل المثال يطالب بتطهير الإعلام و إصلاحه نذير شؤم على مستقبل القطاع فالإبن يظل وفيا لأبيه حتى بعد رحيله. الحكومة قالت إنها سستفاعل مع الإحتجاجات و ذلك ليس منة منها , فحرية التعبير و الصحافة و غيرها من الحريات مكاسب فُرضت بعد 14 جانفى و لا مجال للعودة إلى الوراء فلا الحكومة الحالية و لا التى تليها ستكون قادرة على المساس بها فمن رفض بالأمس بن علي سيرفض اليوم كل من ينتهج نهجه و يقلد سياسته فالشعب التونسي الذى خرج شاهرا سيف الحرية عندما كان الإعلام لا يزال يعيش في عصر العبودية النوفمبرية و يتحدث عن خطابات بن علي العظيمة وانجازاته التاريخية هو الضامن الوحيد لحماية هذه الحريات في انتظار أن يقع تطهير أغلب القطاعات حتى تكون في مستوى الإنتظارات. فالشعب التونسي الذي حرر الطبقة السياسية بيمينها و يسارها ووسطها و الذي أعتق الإعلام بوطنيته الأولى و الثانية و نسمته وشمسه و صباحه وشروقه و موزاييكه .... لن يسمح للحكومة الحالية أن تتخذ قرارات أحادية تعيد إلى أذهانهم ماضى الديكتاتورية كما لن يسمح لأمثال نبيل القروى باستبلاهه و اقناعه بأنهم يرغبون فعلا في إصلاح القطاع و تطهيره فلا يزال الشعب التونسي ينتظر في انجازات ملموسة للحكومة الجديدة و ينتظر أيضا متى يرتقى الإعلام إلى مستوى الثورة , إلى مستوى طموحاته فمتى ترد الطبقة السياسية و الوسائل الإعلامية الجميل لشعب انتقل بهم من عصر الديكتاتورية و العبودية إلى عصر الحرية .