عاد الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي إلى الظهور مجددا و ليس هذه المرة من خلال حوار تلفزي يدوم ساعات بل من خلال بيان أصدره الإربعاء للرأي العام لا يخلو من التشاؤم و تهويل الأوضاع و هو الى حد ما شبيه بخطاب شريحة من الطبقة السياسية و مواقفها من الإئتلاف الحاكم . فهذا البيان محتواه أو مضمونه لم يأتىى بجديد بل هو تكرار لمسائل سبق أن صرح بها بعض المعارضين للحكومة وتداولتها وسائل الإعلام حتى أصبحت مستهلكة فتضييع الإئتلاف الحاكم أسابيع في اقتسام المناصب وتحمله مسؤولية الإحتقان الإجتماعي وربما مسؤولية أخطاء ال 50 سنة الماضية و تصاعد وتيرة العنف والتطرف و تهديد الحريات و دخول البلاد في أزمة منذ أن بدأ هذا الإئتلاف يحكم وضرورة ايجاد بديل له , قصص مل منها التونسيون وكرهوها. التونسيون ينتظرون تشغيلا و تنمية و تخفيضا في الأسعار و غيرها من الإجراءات التى تمسه مباشرة لكنه يجد إما أطرافا تحرض على الإعتصامات و الفوضى وإما أطرافا أخرى تنفخ في مسائل جانبية مثل النقاب و السلفية و تجعل منها مشكلا و قضيتها الرئيسية فتتحدث مرة عن التطرف ومرة عن تهديد الحرية و عودة الديكتاتورية ومهما كان من يتسبب في توتير الأوضاع فالحكومة هي من يتحمل المسؤولية و الحل هو ايجاد بديل لها يضمن انجاح المسار الديمقراطي ويحمى الحريات العامة و الفردية . البديل كلمة تكررت كثيرا في الأيام الأخيرة فهمّ من ليسوا في الحكم ليس تقديم مقترحات وحلول للمشاكل العاجلة خاصة المتعلقة بالتنمية والتشغيل , ليس همهم غلاء المعيشة ونسبة الفقر , بالطبع ليس ذلك من أولوياتهم , لا بل هدفهم الأسمى هو الحكم في حد ذاته فمحور اهتمامهم هو من في السلطة و من خارجها فلا تسمعهم سوى يتحدثون عن عجز الحكومة و ضعفها و فشلها وعدم قدرتها على إدارة المرحلة و يقدمون أنفسهم على أنهم الأجدر بالحكم و كأنهم دخلوا أو أنهم فعلا دخلوا مبكرا في حملة انتخابية أولى مراحلها ضرب الإئتلاف الحاكم شعبيا من خلال تقديمه في صورة العاجز الذي أخلف وعوده . البديل و أيضا التطرف و الإنتخابات كلمات مفاتيح في بيان الباجي قائد السبسي فهذا البيان ليس في الحقيقة مجرد إبداء للرأي في خصوص ما تمر به البلاد بل واضح أنه يتنزل في إطار ضرب الإئئتلاف و المراهنة على إفشاله في الإنتخابات القادمة فالباجي قائد السبسي تحدث عن أزمة و مخاطر تهدد الأمن , الإقتصاد و المجتمع و عن التطرف في إشارة ضمنية إلى فشل الحكومة ثم تحدث عن الإنتخابات وضرورة اجرائها في أكتوبر القادم و بعد ذلك تحدث عن البديل الذي دعا إليه القوى التى قال إنها ترفض التطرف و العنف و كأنه يبرهن بالخلف على أن الإئتلاف الحاكم يقبله . الباجى قائد السبسى إذا و كأنه من خلال بيانه يراهن على فشل الإئتلاف أو أحد مكوناته في الإنتخابات القادمة لكن كنا نتمنا لو أن الباجى قائد السبسي يطلعنا علي الدور الذي سيلعبه فهل سيكون زعيم البديل الذي دعا إليه و الذي من المؤكد أنه سيجمع مبدئيا الحزب الديمقراطي التقدمي و بعض الوزراء السابقين في حكومته ؟ أو سيكون فقط بمثابة الأب الروحي للمعارضة حتى تصل إلى الحكم ؟