بقلم حلمي الهمامي لا أحد من التونسيين يشك في الدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية في نجاح الثورة التونسية وحماية الأرواح والممتلكات في الوقت الذي كانت فيه البلاد مفتوحة على عديد السيناريوهات على أحدها تلك التي وصفها الوزير الأول الأسبق محمد الغنوشي بحمام الدم. ملابسات الثورة التونسية وسيرورة أحداثها ماتزال غامضة الى حد الأن خاصة في علاقة بملف الشهداء وفرار المخلوع وصولا الى الأطراف الاساسية التي شاركت في نجاح الثورة سواء كانت أشخاص أو مؤسسات, لكن الثابت أن للجيش التونسي الدور الأكبر في نجاحها والخروج من حالة الفوضى التي عمت البلاد بأقل الاضرار المادية والبشرية خاصة. يبدو أن بعض الأحزاب الافتراضية على غرار حزب القراصنة أو القرصان والتي تسعى الى ارتداء بدلة الثوار لم تجد سوى التشكيك في المؤسسة العسكرية كعنوان لدعاية اعلامية بعد أن فشلت في تسييس قضية جرحى الثورة, فالقراصنة يطالبون القضاء العسكري بكشف الحقيقة في قضايا ماتزال التحقيقات فيها جارية بل يتعدون ذلك الى مطالبة باستقالة الفريق الركن رشيد عمار بعد أن أشاد جميع التونسيين بدوره رفقة جيش تونس الحر في الذود عن الارواح والممتلكات. أحزاب افتراضية تريد نقل نشاطها الى الواقع فلم تجد سوى المناداة بكشف الحقيقة بعد أن كانت "الحقيقة" حوالي عام ونصف لا تهمهم بدرجة أولى وملف الشهداء ليس من أولوياتهم, فبطل الأمس أضحى غريم اليوم والتشكيك في المؤسسة العسكرية أصبح السبيل الوحيد الى تحقيق مأرب سياسية قد تكون مدفوعة الأجر مسبقا. لست هنا بصدد تقديس المؤسسة العسكرية أو الدفاع عنها فلا أحد فوق المحاسبة والقانون بعد الثورة لكن محاولات البلبلة وبث الريبة في نفوس التونسيين فيما يتعلق بأكثر الملفات حساسية لدى المواطن في الوقت الذي استعادت فيه البلاد عافيتها يطرح أكثر من سؤال. كنا ننتظر أن "تناضل" الأحزاب الافتراضية من أجل كشف "الحقيقة" التي ترضاها تزامنا مع صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق حول أحداث الثورة التونسية لكن ذلك لم يكن ضمن أولوياتها السياسية أن ذاك لتخرج علينا بعد حوالي شهر من صدور التقرير مشككة في المؤسسة العسكرية. فبدل أن يشكك الافتراضيون في تقرير لجنة تقصي الحقائق ذهبوا الى استهداف المؤسسة العسكرية وكأن هذه الأخيرة قد اشرفت على التحقيقات وصياغة التقرير النهائي لملف جرحى الثورة وشهدائها.