العرب اونلاين دعت ابنة وزير داخلية سابق عمل في نظام بن علي واعتقل بعد الثورة، حكومة بلادها إلى الاسراع بتطبيق "عادل" العدالة الانتقالية وتفكيك كامل نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إذا ما أرادت فعلا تطبيق المصالحة الوطنية بعد الثورة. وطالبت لمياء القلال ابنة وزير الداخلية السابق في نظام بن علي عبد الله القلال ورئيسة جمعية "حق الرد" التي تتابع وضع المساجين من نظام بن علي، في مقابلة مع صحيفة "العرب الدولية" اللندنية الحكومة التونسية بالكف عن تقديم "أكباش فداء" للرأي العام وبإنهاء المحاكمات الصورية. وبحسب لمياء أثبتت التحقيقات أن القلال المعتقل بسجن المرناقية بالعاصمة ليس مورطا في قضايا فساد، حيث لم تثبت الكشوفات البنكية لحساباته وجود أي أموال مشبوهة. وقد أسقط القضاء تهمة اختلاس أموال عمومية الموجهة إليه وأبقى على تهمة المشاركة في "الإضرار بالإدارة عبر استغلال النفوذ" لجهة مسؤولياته السابقة في حزب التجمع الدستوري المنحل. وقالت لمياء "أذكر أنه "القلال" رفض سنتي 1978 و1979 حينما كان مسؤولا بوزارة الدفاع صفقتي فساد ورشوة بقيمة 150 ألف دينار "100 الف دولار"". والقلال معتقل من بين 10 موقوفين، وجلهم وزراء ومقربين من النظام السابق تم تجيمعهم في سجن المرناقية بالعاصمة. وألقي القبض على القلال في 10 مارس "آذار"2011 إلى جانب عبد العزيز بن ضياء وعبد الوهاب بن عبد الوهاب، وهم وزراء لدى الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وذلك بدون إذن قضائي وقبل إيجاد التهم، حسب رواية لمياء. وقالت لمياء القلال إن والدها لم يكن من بين المدرجين في قائمة مصادرة الأملاك التي صادق عليها مجلس الوزراء في شباط "فبراير" 2011. لكن مع استلام رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي للحكم في الوزارة في مارس "آذار" من العام الماضي أضيف اربعة وزراء إلى القائمة الأصلية التي كانت في حدود 110 أي عائلة بن علي وأصهاره. وتعتقد لمياء ان إيقاف والدها ومصادرة أملاكه رغم شرعية اكتسابها، يتجاوز التهم الموجهة إليه الى تصفية حسابات نفذها رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي. ويلاحق القضاء العسكري التونسي القلال بتهم تتعلق بالتعذيب في القضية المعروفة باسم "قضية براكة الساحل"، والتي تقدم بها ضباط سابقون بالجيش ضد الرئيس السابق ووزير الداخلية آنذاك عبد الله القلال ومدير الأمن السابق محمد علي القنزوعي وعدد آخر من المسؤولين الأمنيين. وأصدر القضاء العسكري حكما بسجن القلال والقنزوعي بسنتين في طور الاستئناف. ولا تزال القضية في مرحلة التعقيب لكن لمياء تشير إلى أن المحاكمات صورية وتفتقد إلى حقوق الدفاع من جهة وإلى قرائن الإدانة من جهة أخرى. وتولى القلال حقيبة الداخلية في حكم بن علي بين شباط "فبراير"عام 1991 وكانون الثاني "يناير" عام 1995، وهي الفترة التي أعقبت فوز بن علي بانتخابات عام 1989 وبداية شنه للحملات ضد الاسلاميين والمعارضين حتى داخل المؤسسة العسكرية. وقالت لمياء القلال "منظومة التعذيب في تونس تم ارساؤها منذ خمسينات القرن الماضي وقد تداول على وزارة الداخلية 24 وزيرا فلماذا الاقتصار على والدي". وأضافت لمياء "الأرشيف يثبت أن القلال أصدر مناشير لضباط الأمن لمنع التعذيب واحترام حقوق الانسان وأحال عدد منهم على التحقيق بعد تلقيه لشكاوى.. لدينا أيضا شهود أن القلال لم يكن موجودا في غرف التعذيب ولا في جهاز أمن الدولة لكنهم يمنعوننا من اعتماد شهاداتنا في حين تم قبول شهادات زور كذبها الضحايا أنفسهم". ويصر حقوقيون ومحامون تولوا الدفاع عن ضحايا التعذيب في قضية "براكة الساحل" على مسؤولية القلال في ممارسات التعذيب التي كانت تمارس في أقبية الداخلية ويعتبرونه شريكا حتى وإن كان بالصمت. غير ان المحامية والناشطة الحقوقية المعروفة راضية نصراوي، وعلى الرغم من اقرارها المبدئي بمسؤولية وزارة الداخلية في تعذيب ضحايا قضية "براكة الساحل"، إلا انها شككت في تصريحات سابقة لفرانس24 بشأن استقلالية القضاء لعدم سماحه بالاستماع لشهود القلال في المحاكمة، وأيضا لاقتصار المحاكمة على عبد الله القلال دون غيره من الوزراء الذين استلموا حقيبة الداخلية في تلك الفترة. وقالت نصراوي إن هذا الأمر لن يكون منصفا أيضا لضحايا التعذيب. وفي ذاكرة السياسيين والحقوقيين المخضرمين بتونس فإن قضية "براكة الساحل" هي الشجرة التي تحجب الغابة، إذ بدأت أصوات أخرى تنادي بفتح ملفات التعذيب ضد النقابيين والمعارضين واليوسفيين، أبرز المعارضين لنظام الرئيس الأول الحبيب بورقيبة، منذ ستينات القرن الماضي. وتحاول وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقلية التي أحدثت بعد الثورة التوصل إلى إرساء مشروع للمصالحة الوطنية، وقد أطلقت مبادرة للحوار أشركت فيها العشرات من منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك جمعية "حق الرد"، غير ان الجهود في تحديد صيغة المشروع مازالت متعثرة. وتخشى جمعية "حق الرد" وعائلات الوزراء المساجين من نظام بن علي، أن يقع في نهاية المطاف تقديم أقاربهم ك"أكباش فداء" إرضاء للرأي العام دون أن تنجح العدالة الانتقالية في تفكيك كامل منظومة الفساد والتعذيب والتوصل في الأخير إلى تحقيق مصالحة فعلية. هل المحاسبة من أجل التعذيب فرض كفاية اقتصرت على عبد الله القلال أم تمس الباجي قايد السبسي أيضا و الأخرون ؟ رسالة مفتوحة من ابنة عبد الله القلال إلى السيد رئيس الجمهورية التونسية ابنة عبد الله القلال تتفاعل مع تصريح الأستاذ عبد الستار بن موسى : من قال أن جرائم التعذيب ثابتة على الباجي قايد السبسي؟ وقال عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان للعرب "هناك تأخير كبير في رسم قانون العدالة الانتقالية والتي تنتهي بالمحاسبة ثم المصالحة". وأضاف بن موسى "الوزارة تقول إن الأمر يتطلب وقت ولكن الموقوفين والمعنيين بالمحاسبة أعمارهم فوق السبعين.. أعتقد ان المماطلة تعكس إرادة ضعيفة لتفكيك كامل للمنظومة القديمة". وقالت لمياء "ننتظر قرارا جريئا وشجاعا من الحكومة ودون تجاذبات.. نريد مرحلة جديدة ومعرفة الحقائق". وأضافت "نريد تطبيق العدالة الانتقالية بقلوب صافية". وتطالب لمياء بأن يراعى الجانب الصحي لوالدها الذي جاوز سن السبعين عاما. وهو يعاني من امراض السكري ويحمل خمسة شرايين بديلة في القلب. وقد سبق ان طالبت لمياء السلطات القضائية بكشف طبي على صحة والدها. وتم تعيين لجنة طبية في الغرض في آب "أغسطس" من العام الماضي، تتكون من ثلاثة اطباء تونسيين وطبيب فرنسي. وتقول لمياء إنه إلى الآن لم تلتزم اللجنة بتقديم تقريرها عدى الطبيب الفرنسي. وجاء في تقرير الطبيب الفرنسي فيليب أباستادو إن حياة عبد الله القلال معرضة للموت في أي لحظة، نظرا للتعقديات الصحية التي يعاني منها إلى جانب مضاعفات الإرهاق والضغط والاستجوابات. وتشكو "جمعية الرد" أيضا من ظروف اعتقال سيئة في سجن المرناقية حيث يتم حشر أكثر من عشر مساجين في غرفة واحدة. كما تشكو من تشدد الإجراءات خلال الزيارات لعائلات المساجين. وقال عبد الستار بن موسى "وصلتنا شكاوى من اهالي السجناء وقد تقدمنا بمكتوب إلى وزار العدل لتحسين ظروف السجن ومراجعة اجراءات الزيارة كما طالبنا بتشكيل لجنة لزيارة السجن ومعاينة ظروف الاعتقال". وأضاف بن موسى "نلاحظ نفس الممارسات التي تمت معنا في قضية البغدادي المحمودي سابقا.. الوزارة لم ترد علينا إلى اليوم. ويبدو ان سكوتها يعكس عدم رغبتها في التجاوب معنا بشأن تشكيل لجنة".