لدى افتتاح أشغال مجلس الإدارة، قدم السيد المحافظ عرضا حول مشاركة البنك المركزي في اجتماعات الربيع للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي والتي اجتمع خلالها بعدد من كبار المسؤولين الماليين على المستويين الدولي والإقليمي وخاصة السيدة كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي. وثمن المجلس النتائج التي أسفرت عنها المشاركة التونسية في هذه التظاهرة وخاصة تطابق وجهات النظر على مستوى الخبراء بشأن الاتفاق حول الاستعداد الائتماني لمدة 24 شهرا بقيمة 1,75 مليار دولار أمريكي أي ما يعادل حوالي 2,7 مليار دينار وذلك دعما لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي وضعته الحكومة التونسية بما يساعد على تعبئة الموارد الخارجية الضرورية لتمويل حاجيات ميزان المدفوعات وميزانية الدولة. ثم تطرق المجلس إلى آخر التطورات التي شهدها الاقتصاد العالمي، والتي اتسمت خاصة بمراجعة صندوق النقد الدولي تقديراته للنموّ خلال السنتين الحالية والمقبلة نحو الانخفاض مقارنة بتقديرات شهر جانفي الماضي. وفيما يتعلق بالاقتصاد التونسي، نظر المجلس في آخر تقديرات النمو للاقتصاد الوطني للسنة الحالية، التي تستقر في مستوى 4٪، وذلك بالعلاقة خاصة مع الانكماش المنتظر في القطاع الفلاحي والصيد البحري والتباطؤ في نسق الصناعات المعملية والخدمات. وبالنظر إلى آخر المعطيات الاقتصادية، سجل المجلس تطورات متباينة لأداء القطاعات حيث يتواصل النسق الإيجابي في القطاع الصناعي للشهر السابع على التوالي مع ارتفاع مؤشر الإنتاج ب 2,6٪ في شهر جانفي 2013 وذلك تبعا للتطور الإيجابي في كل من الصناعات المعملية (1,5٪) والصناعات غير المعملية (6,8٪) التي يعود تطورها إلى ارتفاع إنتاج الطاقة، في حين تتواصل الضغوط على قطاع الخدمات نتيجة استمرار انخفاض جل مؤشرات النشاط السياحي، خلال شهر مارس 2013، وللشهر الثالث على التوالي. وفي هذا السياق وباعتبار آخر المؤشرات، سجل المجلس تباطؤ نسق الاستثمار سواء الداخلي أو الأجنبي وأبدى انشغاله من تداعيات هذا التطور على النمو والتوازنات المالية. وبخصوص القطاع الخارجي، أشار المجلس إلى تواصل تحسن وضعية الميزان الجاري خلال الربع الأول من العام الحالي، ليبلغ العجز ما يعادل 1,8٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2,3٪ قبل سنة، بالعلاقة، بالأساس، مع التراجع الذي سجله العجز التجاري نتيجة زيادة الصادرات بنسق أسرع من الواردات (+8,5٪ و+3,9٪ على التوالي) مما ساهم في تحسين نسبة التغطية ب 3,2 نقاط مائوية. إلا أن ارتفاع النفقات بعنوان تسديد الدين الخارجي والذي تزامن مع تراجع المداخيل المتأتية من الاستثمار الأجنبي نتج عنه انخفاض في حجم الموجودات الصافية من العملة الأجنبية ليبلغ حوالي 10.902 مليون دينار أو ما يعادل 102 يوم من التوريد بتاريخ 29 أفريل 2013 مقابل 11.170 مليون دينار و 104 أيام في موفى الشهر الماضي. أما فيما يتعلق بتطور الأسعار، فقد شهدت نسبة التضخم تسارعا، في شهر مارس 2013، حيث بلغت 6,5٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 5,8٪ في شهر فيفري المنقضي، بالعلاقة أساسا مع تصاعد أسعار المواد الغذائية (8,8٪( والتعديل الأخير لأسعار المحروقات والطاقة. وعلى المستوى النقدي، تقلصت حاجيات البنوك للسيولة خلال شهر أفريل 2013، ممّا مكّن من تراجع تدخلات البنك المركزي في السوق النقدية لتبلغ أدنى مستوى لها منذ مطلع السنة، أي 3.476 مليون دينار بالمعدل الشهري إلى غاية 29 من الشهر مقابل 3.560 مليون في مارس. كما واصلت نسبة الفائدة الوسطية في السوق النقدية نسقها التصاعدي لتبلغ 4,70٪ خلال نفس الفترة مقابل 4,33٪ في الشهر السابق، تحت تأثير خاصة القرارات التي اتخذها مجلس إدارة البنك المركزي في اجتماعاته السابقة ومنها الترفيع الأخير في نسبة الفائدة المديرية لمجابهة احتداد الضغوط التضخمية. وعند تدارسه وضع نشاط القطاع المصرفي، لاحظ المجلس ارتفاع قائم الإيداعات، خلال الثلاثي الأول من سنة 2013، ب 2,3٪ وهو نسق أسرع من ذلك المسجل خلال نفس الفترة من سنتي 2012 و2010 (2,1٪ و1,7٪ على التوالي)، وقد شمل هذا التطور شهادات الإيداع و حسابات الادخار. وبالمقابل، سجل قائم المساعدات للاقتصاد خلال نفس الفترة تطورا ب 1,8٪ مقابل 2,4٪ خلال نفس الفترة من سنة 2012. وعلى ضوء هذه المستجدات، أعرب المجلس عن انشغاله إزاء استمرار الضغوط التضخمية وانعكاساتها على القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وخاصة بعض القطاعات الموجهة للتصدير في ظل تواصل فتور الاستثمار الداخلي والأجنبي مجددا دعوته لكل الأطراف الفاعلة لمضاعفة الجهود من أجل التحكم في عوامل ارتفاع الأسعار ومنها تحسين مسالك التوزيع وقرر المحافظة على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير.