*بقلم عادل السمعلي أفاق الشعب التونسي صبيحة يوم الخميس على خبر فاجع و محزن ومثير للحيرة تمثل في استشهاد اثنين من عناصر الجيش الوطني وإصابة آخرين بجروح خطيرة إثر انفجار لغم أرضي في طريق قرب جبل الشعانبي بالقصرين . إن هذه الحادثة الجديدة في منتهى الخطورة وتنذر بمزيد تعقيد الاوضاع الامنية في البلاد بعد أن عرفت تونس استقرارا نسبيا خلال الاشهر الاخيرة ومكمن الخطورة يتمثل في التأكيدات المتواترة و من مصادر مختلفة أن اللغم الذي إنفجر على سيارة عسكرية قد وقع وضعه في طريق أو ممر قد سبق تمشيطه منذ مدة قصيرة من قبل الجيش الوطني بل أن البعض ذهب إلى التأكيد أن اللغم قد وضع صبيحة اليوم مما يؤشر لخطورة الموقف والتلاعب المقصود والممنهج لاستنزاف قوى الجيش الوطني و الرغبة في إدخال البلاد في أتون الفوضى والانفلات الأمني . وبما أن عامل التوقيت مهم في تحليل الظواهر وسبر كنه الاحداث فقد تزامن هذا العمل الاجرامي الجبان مع زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لتونس وإمضاؤه اتفاقيات تعاون اقتصادي ومالي مع الجانب التونسي وما أكتنف هذه الزيارة من حملة سياسية وإعلامية من الاطراف التي سبق أن تحدثنا عنها مرارا وتكرارا في موقع باب نات وهي التي أطلق عليهم تسمية اللوبيات الاعلامية والمالية أصحاب نظرية تجفيف منابع تمويل الاقتصاد التونسي تمهيدا لرجوع ذيول التجمع ( أنظر كتابنا معالم الثورة المضادة في تونس... القسم الثالث : المعالم الاقتصادية ) كما أن هذا العمل الجبان الذي يستهدف مؤسسة الجيش الوطني ومن وراءه أمن البلاد جاء متزامنا مع الحراك السياسي والشعبي لمناقشة مشروع الدستور الذي يصر البعض على رفضه أو نقده جزافا وهو لم يقرأ منه ولو حرفا واحدا فهؤلاء الدستور بالنسبة لهم مرفوض ويهدد الدولة المدنية مادام صادر عن ائتلاف الترويكا فهم ليسو بحاجة لأن يقرؤوه أن يتدارسوه ليعلنوا رفضهم له فشعارهم الدائم هو (كلمة لا ما تجيب بلاء) بالإضافة لذلك فقد تزامنت هذه الجريمة الدنيئة مع احتداد النقاش والتجاذب حول تمرير مشروع قانون تحصين الثورة الذي يقصي فلول التجمع من الحياة السياسية حتى لا تعود عصابات الحق العام لنهب البلاد من جديد حتى أن أحد مرتزقة اليسار التجمعي الذي أصبح يحتكر المنابر الاعلامية هدد الشعب التونسي بحرب أهلية في صورة تمرير هذا القانون في المجلس التأسيسي و من هنا تكمن خطورة عملية جبل الشعانبي إن الشعب التونسي فطن وذكي و ليس بالبلاهة التي تعتقدها الاطراف المرتبطة بالنظام السابق والتي بصدد العمل الكثيف والمركز والخبيث لإدخال البلاد في الفوضى العارمة وما الاستهداف الممنهج للجنرال رشيد عمار مباشرة إثر هذه الحادثة وإتهامه بالتورط في مثل هذه العمليات إلا دليل آخر على محاولة زعزعة الاستقرار وزرع الشكوك والظنون داخل الجيش الوطني والنخب و الاوساط الشعبية . كما أن التونسي لا يمكن أن تنطلي عليه نظرية الارهاب المسلح والأجدى أن نتحدث عن الارهاب السياسي والإعلامي الذي تقوده اللوبيات الاقتصادية والمالية بتناسق مع الآلة الاعلامية الرهيبة الكاذبة التي نشرت خبرا كاذبا ظهيرة يوم الخميس يتحدث عن إنفجار لغم ثان على سيارة إيسوزي مدنية . لقد سبق أن نبهنا لهذا الامر منذ أشهر عديدة في مقال سابق حين قلنا ( إن أتباع الجنرال الهارب يعتمدون على خطة انقلابية تتكون من محورين أولهما إدخال الشك والبلبلة في نفوس التونسيين بهذه العمليات المنظمة وثانيهما تتعلق ببعث رسالة للخارج وللدول الكبرى مفادها أن تونس ما بعد الثورة تسير في طريق يؤدي للإرهاب ولسيطرة الجماعات السلفية، وهي بذلك تستجدي الخارج حتى يتدخل و يضع حدا للمسار الانتقالي في تونس وهذه الحقيقة ليست رجما بالغيب بل صرح بها أكثر من سياسي وإعلامي محسوب على النظام السابق وكانوا كثيرا ما يستحضرون النموذج الجزائري في بداية التسعينات ( فلول بن علي ينتحلون السلفية الجهادية أنظر مقالنا : ) إن اعتقادنا جازم أن الأطراف التي وضعت ومازالت تضع الألغام في جبل الشعانبي هي نفسها التي قتلت شكري بالعيد وهي نفسها التي حرقت المقامات والأضرحة وخططت للاعتداء على السفارة الأمريكية والشعب التونسي لم تعد تنطلي عليه نظرية الإرهاب المسلح لأن السلفية الجهادية أصبحت مطية ولعبة مخابراتية بامتياز ... إن الأصح في مثل هذه الاحداث أن نطلق عليها ( نظرية الارهاب السياسي )... ورسالة مضمونة الوصول تم بعثها منذ أيام قليلة حين صرح أحد الازلام في الاعلام : قانون تحصين الثورة هو إعلان للحرب الاهلية ... فهل وصلت الرسالة للمعنيين بالأمر ... أرجو أن يعي الشعب التونسي ذلك قبل فوات الأوان وأن تتولى الاجهزة الامنية والعسكرية الشريفة تفكيك هذه الألغاز للوصول للبلاد لبر الأمان . وختاما تحية إجلال وعرفان للجيش الوطني التونسي المرابط في أعالي الجبال و رحم الله شهداءنا الابرار ورزق الشعب التونسي الصبر والثبات حتى إجلاء آخر لص تجمعي وفاسد من البلاد