بقلم عادل السمعلي على إثر حادثة اغتيال السياسي محمد البراهمي عضو المجلس التأسيسي أتحفتنا إذاعة محلية مختصة في صناعة الخبراء صباح يوم الجمعة 26 جويلية 2013 باستضافة الخبير الاقتصادي مراد الحطاب لتحليل تداعيات هذا الاغتيال الجبان على الأوضاع الاقتصادية بتونس خاصة وأننا نمر بفترة حرجة مع تزايد نسب التضخم وتراجع احتياطي العملة الصعبة فسمعنا منه ومن تحليلاته بعض ما نؤيد من التوصيفات التي يعرفها الجميع وأكثر ما قال كذب وزيف وقلة إدراك بالتحديات الأساسية منها إصرار البعض وتعنتها في المضي قدما في تعطيل آلة الإنتاج وفي نفس الوقت يطالبون بزيادات في الأجور لا تتماشى مع حجم الإنتاج بالإضافة لمشاكل هيكلية أخرى على علاقة بعهود السرقة واللصوصية ولكن ما لفت انتباهي حقا هو أنه تمت إستضافة نفس الشخص من طرف القناة الوطنية في أخبار السادسة لنفس اليوم ليعيد علينا نفس الاسطوانة المشروخة والتحليل ألكوارثي ثم يبدو أنه لم يبارح هذه القناة من وقتها إذ أنه تمت استضافته مرة ثانية في نشرة الأخبار الرئيسية على القناة الوطنية فتحدث بكل أريحية عن انهيار الاقتصاد والكوارث القادمة وتباكى بدموع التماسيح على موسم السياحة وعلى هروب المستثمرين المحليين و الأجانب من الاستثمار في تونس كما أكد ( الضحك ممنوع ) عن خسارة 180.000 موطن شغل خلال النصف الأول من سنة 2013 .كما لم يتوانى هذا الذي تم تقديمه على أنه خبير اقتصادي عن الحديث عن نسبة مديونية تقارب180% (لا أدري من أين أتى بهذا المؤشر). وقد تجرأ هذا (الخبير) بكل بلاهة على التأكيد أن السقوط السياسي للترويكا لا يتم إلا إذا تم السقوط الاقتصادي وهو بذلك يعطي إشارة خبيثة لمزيد تعطيل عجلة الاقتصاد والمساس بأرزاق الناس بغية تحقيق أهداف سياسية دنيئة ولم تنته هذه المداخلة المهزلة عند هذا الحد بل تواصلت حين سألته المذيعة عن الحلول الممكنة أجاب وهو واثق:(يجب حل المجلس التأسيسي وتكوين جبهة إنقاذ وطني بمشاركة أقطاب المعارضة وإتحاد الشغل وإتحاد الصناعة بدون مشاركة للترويكا لإنقاذ تونس من سيناريو الإفلاس) خلت نفسي وأنا أستمع لهذا التحليل أنني أمام الخبير المزيف المكشوف الأوراق معز الجودي لولا أن الصورة التلفزية خذلتني حيث أنها تشير إلى مراد الحطاب خبير المخاطر الائتمانية والأزمات المالية فراجعت ذاكرتي مليا لأن استمعت لنفس التحليل تقريبا من معز الجودي إثر اغتيال شكري بلعيد وتساءلت في نفسي هل تم استبدال الخبير المزيف معز الجودي بآخر على شاكلته وبنفس منهجيته التزويرية للرأي العام خاصة بعد أن كشفت أوراق الأول وأصبح أضحوكة في أفواه العام والخاص. وبما المشاهد التونسي متعود تلفزيا على مثل هذه الأطروحات الكارثية وسمعه مرارا وتكرارا من معز الجودي الذي تعاقدت معه أغلب وسائل الإعلام لتخويف التونسيين والحديث الدائم عن الانهيار والإفلاس أردت أن أتعرف على هذا الخبير الاقتصادي الجديد القادم على مهل في نفس المنابر الإعلامية التي تعدنا دائما بالخراب والانهيار وحيث أني لم أبذل كثيرا من الجهد والوقت لكي أتعرف على الخبير الجديد وعلى خبرته الاقتصادية وحنكته المالية ويكفي للقراء أن أورد لهم خبرا ورد في الموقع الرسمي لحركة نداء تونس بتاريخ 5 أفريل 2013 لتقفوا على كيفية صناعة خبراء اقتصاد وهميين بتونس يحترفون التضليل لأسباب سياسية : حيث أورد الموقع الرسمي لحزب نداء تونس هذا الخبر الموثق : ( استقبل الباجي قائد السبسي، اليوم،الدكتور خالد شوكات الكاتب والمحلّل السياسي والأستاذ مراد الحطّاب الخبير الاقتصادي إثر انضمامهما إلى حركة نداء تونس ) يبدو أن انكشاف أوراق معز الجودي التجمعية في بث نزعات التخويف والكارثية قد سارعت بالالتجاء لخبير آخر ليقوم بنفس الدور وعلى نفس المنابر فلعل وعسى ينجح فيما عجز عنه سلفه. وفي الأخير نؤكد أن الاقتصاد التونسي في مأزق حقيقي ويتطلب تكاتف الجهود لإرجاع النسق التنموي لطوره العادي ولكن الحقيقة أن التجاذب السياسي بلغ مرحلة مضرة بالاقتصاد وجعل بعض المتوترين يعملون على انهياره لتحقيق مكاسب سياسية وأن استجلاب الخبراء المزيفين جزء من اللعبة القذرة التي يقودها لوبيات الفساد المالي والإعلامي .
