رئيس غرفة القصابين: أسعار لحوم الضأن تجاوزت ال60 دينارا الكلغ الواحد    الاتحاد الجهوي للشغل بالكاف يدعو إلى تجمع نقابي    لشبهات فساد: إيداع إطار في «الصوناد» ووكيل بشركة السجن    140 تدخلا للحماية المدنية    توقعات صندوق النقد العربي... نمو اقتصاد تونس ب ٪3٫2 في 2025    ارتفاع رقم معاملات الاتصال    وزيرا السياحة والتجارة يفتتحان الدورة 18 لمعرض الصناعات التقليدية بنابل الذي يتواصل من 8 الى    المقاومة تتوعد بإفشالها... تفاصيل خطة احتلال غزّة    اتهامات متبادلة وقرارات غير مسبوقة: تصعيد كبير بين فرنسا والجزائر    أحمد الجوادي: هدفي القادم تحطيم رقم قياسي عالمي والتتويج الأولمبي    البطولة من الهواية إلى الاحتراف... رقم قياسي للبياري و«الأربعة الكبار» يحتكرون الألقاب    الوسلاتية... محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    مهرجان الكراكة – المتوسط يحتفل بخمسين سنة من الفن في حلق الوادي والكرم    حجز كميات كبيرة من الأجبان والبيض والمثلجات في 3 ولايات: تفاصيل المحجوز    وزيرة الصناعة تؤدي زيارة عمل الى المركز الوطني لقيادة النظام الكهربائي    عاجل: سوسة: الاحتفاظ بشخص اعتدى على كلب بآلة حادّة    مستقبل سليمان يعلن رفع عقوبة المنع من الانتداب والحصول على اجازة المشاركة في البطولة    رسمي: منحة غذائية لمرضى داء الأبطن من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل    المهدية تحتضن المؤتمر الدولي الطبي الثاني حول الصدمة النفسية لدى الأطفال من 15 إلى 17 أوت 2025    حالة الطقس ودرجات الحرارة هذه الليلة    عاجل/ مصر: "المنطقة لن تنعم بالأمن"..    عاجل/ تكوين لجنة ميدانية لرصد سكب المياه المستعملة في الأودية والبحر بهذه الولاية    نحو إحداث مركز إقليمي للتكوين في البيوتكنولوجيا يجمع الكفاءات ويجذب الاستثمار    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    وزيرالصحة يشرف بولاية منوبة على ملتقى تقييمي وتكريمي لأفراد البعثة الصحية المرافقة للحجيج    سوسة: يعتدي على كلب جاره مسبّبا له شللا كاملا ومواطنون يتمسّكون بتقديم شكاية    عاجل: فتح باب التسجيل في حركة النقل الوطنية للمديرين والنظار حتى هذا التاريخ    سيدي بوسعيد تتربع على المرتبة الثالثة كأحلى مدينة صغيرة في العالم    خبر محزن: وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    عاجل: محكمة توقف أمر ترامب وتدافع عن حق الحصول على الجنسية بالولادة    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    بسبب المحتوى الخادش للحياء: أحكام سجنية ضد مشاهير على "تيك توك".. #خبر_عاجل    عاجل: الVAR حاضر رسميًا في الرابطة المحترفة بداية من هذه الجولة    عادات يومية بسيطة تنجم تقصّر عمرك ما غير ما تحس..شنيا هي؟    افتتاح المهرجان الصيفي بأريانة في دورته 19 بعرض " الربوخ"    كلغ لحم العلوش يتجاوز 60 دينارا..!    المهرجان الصيفي بدوار هيشر من 13 إلى 18 أوت 2025    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    عاجل/ ردود أفعال دولية على قرار إسرائيل احتلال غزة..    سليانة: تجميع مليون و570 ألف قنطار من الحبوب خلال موسم الحصاد    عاجل/ آخر مستجدات البحث عن الشاب المفقود في شاطئ الهوارية..    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    الكورة ترجع الويكاند هذا: مواعيد ونقل مباشر لماتشوات الجولة الأولى    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام في المباراة الإفتتاحية    باش تمشي للبحر الويكاند؟ هذا هو حالة البحر السبت والأحد    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    الدين القيّم:علم عظيم عن «الرحمان الرحيم»    شجار بين مغنيي راب يثير الجدل : حين يتحوّل الراب من صوت المهمشين إلى عنف الشارع    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    في عرض بمهرجان سوسة الدولي: «عشاق الطرب»جرعة إبداعية ضدّ التلوث السمعي    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الفنانة أحلام: سأغني في قرطاج ولا أريد أجرا ولن أستلم مقابلا من تونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهضة بين خيارين، خيار الحسن أم خيار الحسين
نشر في باب نات يوم 12 - 08 - 2013


فيصل العش
مقدّمة
لم يكن شهر رمضان لهذا العام عاديا نتيجة ما شهدته البلاد من أحداث متتالية أدخلتها في دوّامة من الصراعات السياسية العنيفة بين المعارضة التي تجمّعت مؤقتا في «جبهة الإنقاذ الوطني» لترفع سقف مطالبها وتدعو إلى حل المجلس التأسيسي وجميع المؤسسات المنبثقة عنه وإسقاط الحكومة وتعويضها بحكومة إنقاذ وطني من جهة و «الترويكا» وبعض الأحزاب المؤيدة للشرعية والدفاع عن المكسب الوحيد للتونسيين بعد الثورة أي المجلس التأسيسي الذي كان ثمرة انتخابات شفافة ونزيهة اختار من خلالها التونسيون من ينوبهم لكتابة الدستور الجديد، من جهة أخرى. فبعد زلزال مصر المتمثل في اغتصاب السلطة من طرف العسكر والذي كانت له انعكاسات كبيرة على استقرار الساحة السياسية التونسية حيث تعالت الأصوات هنا وهناك لاستنساخ التجربة المصرية قصد الإطاحة بحكومة «النهضة» ، تّم اغتيال الشهيد الحاج محمد البراهمي أمام بيته في ثاني اغتيال سياسي بعد الثورة . وقد زاد هذا الاغتيال في تأزم العلاقة بين المعارضة ودعاة الشرعية فتمّ الإعلان في نفس اليوم عن تأسيس ما يسمى بجبهة الإنقاذ الوطني في محاولة لتكرار النسخة المصرية التي تحالفت مع العسكر لإسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي . وقد دعت هذه الجبهة إلى حلّ المجلس التأسيسي والحكومة وتعويضهما بهيئة وطنية عليا للإنقاذ الوطني ممثلة للأحزاب السياسة ومكونات المجتمع المدني التي تتولى، بالاستعانة مع خبراء القانون الدستوري، استكمال صياغة الدستور في بحر شهرين ليعرض في ما بعد على الاستفتاء الشعبي و حكومة إنقاذ وطني محدودة العدد لا يترشح أعضاؤها في الانتخابات القادمة برئاسة شخصية وطنية مستقلة متوافق عليها تتخذ ضمن برنامجها جملة الإجراءات الاستعجالية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية و تعد لانتخابات ديمقراطية، نزيهة وشفافة.
ثمّ تتالت الأحداث بسرعة كأنها أحداث مسلسل هيتشكوكي لينزل خبر مقتل 8 جنود تونسيين بأيادي الغدر والإرهاب بجبل الشعانبي على التونسيين عامّة والطبقة السياسية خاصّة نزول الصاعقة لتشحن أجواء الليالي الرمضانية المتبقية بالتوتر والفعل وردّ الفعل بين الأطرف السياسية التي لم تفلح في الجلوس إلى طاولة الحوار فاختارت أن تلعب ورقة التجييش الشعبي أو معركة الشوارع وكأنني بالجميع يسعى إلى تكرار السيناريو المصري ولو باختلاف بسيط فتتالت الاعتصامات والمظاهرات المعادية من جهة والمؤيدة للحكومة من جهة.لينتهي شهر رمضان بتجمعين كبيرين الأول في ليلته السابعة والعشرين جمع عشرات الآلاف من التونسيين من العاصمة وخارجها بساحة القصبة دفاعا عن المجلس التأسيسي ومساندة للجيش الوطني والثاني في الليلة التاسعة والعشرين من رمضان بساحة باردو قبالة المجلس التأسيسي تتويجا لاعتصام الرحيل وإحياء لذكرى مرور 6 أشهر عن مقتل الشهيد والمناضل اليساري شكري بلعيد.
إذا بلغت نسبة التوتّر مداها مع انتهاء شهر رمضان فكيف سيكون الحال في شهر شوال 1434 ه (1)؟ هل ستنجح الترويكا وخاصّة حركة النهضة ومن ورائها الحكومة في تجاوز هذه الأزمة بسلام كما حصل بعد مقتل شكري بلعيد؟ أم أن الوضع أصبح مختلفا ولم يعد للسلم بين الفرقاء السياسيين أفق ؟ وكيف ستتصرف «النهضة» مع هذا الوضع الجديد خاصّة بعد أن تحالفت «الجبهة» مع « الإتحاد من أجل تونس» وبعد أن خلع الإتحاد التونسي للشغل علنا «استقلاليته» وأعلن صراحة مساندته لمطالب «جبهة الإنقاذ الوطني» ؟
النهضة بين خيار "الحسن" وخيار "الحسين"
لم يعد للنهضة مجال كبير من المناورة خاصّة مع تعنّت المعارضة ورفع سقف مطالبها ومع ظهور بوادر الانشقاق داخل الترويكا خاصة من جانب التكتّل من أجل العمل والحريات (2). ولأن أوضاع البلاد لم تعد تتحمّل مزيد الاستمرار في حالة التعطّل والأزمة الراهنة فهي اليوم بين خيارين لا ثالث لهما فإمّا أن تختار التنازل وترضى بقبول شروط المعارضة خاصّة غير المعلنة منها (3) وتضحّي بالحكومة لإنقاذ المجلس الوطني التاسيسي وهي بهذه الطريقة تتنازل عن حكم البلاد لما تبقى من الفترة الانتقالية لفائدة «حكومة الإنقاذ الوطني» كما تنازل «الحسن بن علي بن ابي طالب» عن الخلافة لمعاوية ابن ابي سفيان حفاظا على المسلمين ولتكون الخلافة واحدة في المسلمين جميعاً، ولإنهاء الفتنة وإراقة الدماء (4) وفي هذه الحالة لا أحد قادر على تحديد انعكاسات هذا الموقف خاصة على البناء الداخلي لحركة النهضة ومدى قبول قواعدها هذا المستوى من التنازل.
أمّا الخيار الثاني فهو النزول عند رغبة الجماهير التي تجمّعت في القصبة لاستكمال أهداف الثورة وحماية مسار التحول الديمقراطي وبالتالي عدم الرضوخ إلى ابتزاز المعارضة والمضي قدما في الدفاع عن مؤسسات الشرعية التي اختارها الشعب حتّى لو أدّى ذلك إلى تفكك الترويكا ودخولها في معركة لي الذراع مع من يجاهر بمعاداتها.
يقوم الخيار الثاني على التمسك بالمجلس التأسيسي كمؤسسة شرعية وحيدة بالبلاد والدفع نحو استكمال بناء المؤسسات المنظمة للحكم وخاصّة الهيئة العليا للانتخابات وقطع الطريق أمام أزلام العهد السابق للعودة إلى الساحة السياسية وبالتالي إلى الحكم وذلك بالتمسك بمناقشة قانون تحصين الثورة والموافقة عليه. إنه الخيار الصعب لإتمام الفرز الحقيقي بين قوى الثورة والبناء وقوى الردّة والهدم لكنه سيدفع بقوى الثورة المضادّة واليسار الراديكالي المتحالف معه ورؤساء الأموال الفاسدين إلى المرور إلى السرعة القصوى في مواجهة الحكومة مستفيدين في ذلك من كرم بعض دول الخليج العربي في سبيل القضاء على ثورات الربيع العربي وموقف العديد من القوى الأجنبية المعادي لنجاح أي مشروع للانتقال الديمقراطي في تونس لما لقيام دولة ديمقراطية مستقرة في تونس من تأثير كبير على الساحة السياسية وعلى مصالح هذه الدول بالمنطقة عامّة ومصالح الكيان الصهيوني خاصّة. والنهضة في هذه الحالة ستروم إلى خيار «الحسين بن علي بن ابي طالب» في مواجهته ليزيد ابن معاوية عندما تمسّك الحسين بمبدئه ورفض تحويل الخلافة إلى إرث، وأبى أن يكون على رأس الدولة من لم يختره الشعب، فرفض أن يبايعه ولم يعترف به (5). وفي هذه الحالة سيكون الصراع عنيفا ودمويّا مع شق من المعارضة وبقايا حزب الدستور ومن المحتمل أن تنتصر قوى الردّة لتعود بتونس إلى ما قبل هروب بن علي.
فهل ستختار النهضة «خط الحسن» أم «خط الحسين»؟ أم سيكون لها رأي آخر؟
-----------
الهوامش
(1) تعمّدت اعتماد التواريخ الهجرية ردّا على «أولاد حمد» الذي صنّف التونسيين حسب التقويم الفلكي حيث قال : « نحن في 6 أوت ، وهم في 28 رمضان» . وهي رسالة بسيطة لأعلمه وأمثاله أننا نسكن داخل تاريخ الأمّة وزمانها وليس مثله خارجها
(2) قام مصطفى بن جعفر باتخاذ قرار أحادي الجانب بتعليق نشاط المجلس التأسيسي إلى أن تتم عودة جميع المنسحبين دون استشارة شركائه ورؤساء الكتل النيابية بالرغم من اعترافه بأن الجلسة العامة التي التأمت يوم الثلاثاء 28 رمضان هي دليل على أن المجلس قادر على مواصلة أشغاله بأغلبية مريحة. كما دعى لاعتبار الإتحاد التونسي للشغل المؤسسة التي يمكن أن تكون راعية للحوار الوطني المأمول في الوقت الذي أعلن فيه الإتحاد مساندته ومباركته لاعتصام الرحيل.
(3) أهمّها قانون تحصين الثورة وبعض فصول الدستور. فقد عبّر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في حوار أدلى به لوكالة الانباء رويترز يوم الاثنين 7 رمضان 1434 عن استعداده لتقديم مزيد من التنازلات للمعارضة لانهاء الازمة السياسية في البلاد، وان سحب او تأجيل عرض قانون تحصين الثورة الذي يتيح اقصاء عدد كبير ممن عملوا مع النظام السابق أمر ممكن اذا وصل الفرقاء السياسيين الى اتفاق.
(4) الكامل في التاريخ لابن الأثير، المجلد الثالث، صفحة 406، طبعة بيروت، 1385 ه، 1965م./ صحيح البخاري، كتاب الصلح.
(5) الكامل في التاريخ لابن الأثير، المجلد الثالث، طبعة بيروت،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.