استشهد عنصر من حزب الله وإصابة 5 اخرين في غارات للاحتلال جنوب لبنان..#خبر_عاجل    مدنين: تدعيم المستشفيات ومراكز الصحّة الأساسية بتجهيزات طبيّة حديثة    قضية الشهيد محمد الزواري: تطورات جديدة..#خبر_عاجل    تونسيون متخوّفون من ''تسونامي'': رئيس مصلحة بالرصد الجوّي يحسم الأمر    باجة: تحذير من استهلاك مياه بعض العيون الطبيعية    التمديد في أجل التمتع بالمنحة الاستثنائية للتسليم السريع لكميات الشعير المقبولة    الإدارة العامة للإداءات تدعو إلى الإسراع في إتمام إجراءات الإنخراط بنظام الفوترة الإلكترونية..    عاجل/ سيعلنه ترامب: التفاصيل الكاملة لاتفاق غزة الجديد..    يديعوت أحرونوت: ترامب يسعى لإتمام الهدنة حتى لو بقيت حماس في غزة    عاجل/ 19 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق متفرقة من قطاع غزة..    الكأس الذهبية: المنتخب الأمريكي يواجه نظيره المكسيكي في المباراة النهائية    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس العالم للأندية    ملتقى تشيكيا الدولي لبارا ألعاب القوى: العناصر التونسية تنهي مشاركتها ب7 ذهبيات و3 فضيات    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الشراردة: وفاة طفلة ال8 سنوات اثر سقطوها من شاحنة خفيفة    جريمة مروعة: العثور على جثة فتاة مفصولة الرأس وملقاة في الشارع..!!    مدير مهرجان بنزرت: تمّت برمجة ''بلطي'' فقط للارتقاء بالذوق العام    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    أسرع طريقة لخفض الحرارة للكبار    الحماية المدنية تُحذّر وتقدّم 6 نصائح للوقاية من الشمس    كرة السلة – البطولة العربية سيدات : على أي قنوات وفي أي وقت يمكن مشاهدة مباراة تونس ومصر؟    وزارة الفلاحة تحذّر من تقلبات جوية    جلسة عمل لمتابعة النسخة المحينة للموقع الرسمي لوزارة السياحة    سحابة سامة قرب مدريد وتحذير من مغادرة المنازل    الفرجاني يلتقي فريقا من منظمة الصحة العالمية في ختام مهمته في تقييم نظم تنظيم الأدوية واللقاحات بتونس    كوريا الجنوبية: تسجيل أعلى معدل للحرارة في تاريخ البلاد    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات - تحت 19 عاما - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره الايطالي 0-3    19سهرة فنية ومسرحية ضمن فعاليات الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي    عادات وتقاليد: «الزردة» طقوس متوارثة ...من السلف إلى الخلف    مع المتقاعدين: منصور كعباشي (قفصة): التقاعد ... فسيفساء من العطاء وتذوّق بهاء الحياة    تونس الجميلة: توزر : جوهرة الصحراء ومدينة الأحلام    مقتل وفقدان اكثر من 30 شخصا في فيضانات مدمرة بتكساس الأمريكية    فوائد غير متوقعة لشاي النعناع    خلافات بين الأعضاء وانسحاب رئيس الجمعية وأمين المال: ماذا يحدث في مهرجان القنطاوي؟    تاريخ الخيانات السياسية (5): ابن أبي سلول عدوّ رسول الله    بين حرية التعبير والذوق العام : هل يُمنع «الراب» والفن الشعبي من مهرجاناتنا؟    الليلة: البحر هادئ وأمطار بهذه المناطق    موسم الحصاد: تجميع حوالي 9,049 مليون قنطار إلى غاية 3 جويلية 2025    ڨبلي: نجاح أول عملية دقيقة على العمود الفقري بالمستشفى الجهوي    وزير التجارة: صادرات زيت الزيتون زادت بنسبة 45%    مدنين: الشركة الجهوية للنقل بمدنين تشرع في استغلال خطوط صيفية ضمن برنامج ذي بًعد اجتماعي    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    جريمة بشعة في القيروان: تفاصيل صادمة حول اقتلاع عيني زوجة بسبب ''كنز مزعوم''    وفاة حارس مرمى منتخب نيجيريا سابقا بيتر روفاي    الحماية المدنية: ''احذروا الصدمة الحرارية كي تعوموا.. خطر كبير ينجم يسبب فقدان الوعي والغرق''    الشاب مامي يرجع لمهرجان الحمامات.. والحكاية عملت برشة ضجة!    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود تبلغ 37.2 %    القصرين: حجز 650 كلغ من السكر المدعّم بسبيطلة وتفعيل الإجراءات القانونية ضد المخالف    عاجل: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر و تونس..وهذه التفاصيل..    الحرس الوطني يُطيح بمنفّذي عملية ''نَطرَ''وسط العاصمة في وقت قياسي    فضله عظيم وأجره كبير... اكتشف سر صيام تاسوعاء 2025!"    قمة نار في مونديال الأندية: كلاسيكو، ديربي، ومفاجآت تستنى!    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    نيس الفرنسي يضم حارس المرمى السنغالي ديوف لمدة خمس سنوات    ترامب يتوقع رد "حماس" خلال 24 ساعة على مقترح وقف إطلاق النار    اتصلوا بكل احترام ليطلبوا الإذن.. ترامب: سمحت للإيرانيين بإطلاق 14 صاروخا علينا    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغتيال الأمنيين واغتيال العقل
نشر في باب نات يوم 25 - 10 - 2013


محمد الحمّار
بالتوازي مع اغتيال شهداء تونس في الشعانبي قبل بضعة أشهر وضباط الحرس في منطقة قبلاط قبل أسبوع واحد ومقتل ستة ضباط من الحرس الوطني بمنطقة سيدي بوزيد في يوم 23 أكتوبر الجاري والمشفوع بمصرع عون أمن بمدينة منزل بورقيبة في نفس اليوم، علاوة على اغتيال المناضلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، العقل يُغتال كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة.
عقل المعلم والأستاذ وعقل الطبيب وعقل المصرفي وعقل الإعلامي وعقل السياسي وعقل الكاتب وعقل المواطن مهما كان تكوينه العلمي والثقافي ومهما كان انتماؤه السياسي يغتال على مرأى ومسمع من العالم كافة. وكأنّ تونس تم تسويغها لمدة غير محدودة زمنيا لجهةٍ أو لقوةٍ سريالية بِنِية أن تجرَّب فيها كل أصناف الحوادث وكل ألوان العذاب، المادي والمعنوي، التي من الممكن أن تصيب إنسانا.
قد يكون السبب الرئيس في عملية الاغتيال الكبرى، اغتيال العقل، هو العداوة الشديدة التي نشأت بين السلطة الحاكمة حاليا وكل الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والفكريين والسياسيين. ففي مجال التعليم لم يعد المرء يسيطر على المناهج التي يُفرض تعليمها فرضا على الناشئة. وفي باب التدين ها هو مفتي الديار التونسية يخلط الحلو بالمرّ ويحمّل الزعيم بورقيبة أوزار الإرهاب. وفي المجال الصحي لا يكاد المواطن يصدق عودة الأوبئة التي استؤصلت قبل عقود خلت. وفي القطاع البنكي والمالي لا أحد يعلم علم اليقين ما الذي حدث للنظام المصرفي وإلى أيّ مدى سيقاوم الناس غلو المعيشة وتقهقر قيمة الدينار.
أما في الميدانَين الفكري والسياسي فالكارثة أعظم والمصاب جلل. و لا يحتاج المرء إلى دراسة معمقة ليميط اللثام عن عاهات الفكر والتفكير والسياسة وممارستها. فالقاعدة المشلة واضحة وجلية. يكفيك أن تقبل بأن يُغسل دماغك بمادة مذهبية ذائعة السيط على غرار الإسلامية أو الفرنكوفونية أو دين العلمانية حتى تتبدد كل قدراتك على التفكير المنطقي وما يتطلبه من مهارات مثل المعاينة والملاحظة والتحليل والنقد والدعم والاستنتاج والاستدلال والاستقراء والتأليف والتلخيص وغيرها فتلقى نفسك في الجهالة سابحا، عن المعلومة مفصولا وعن سياق الواقع معزولا وعن قواعد المناظرة والمناقشة والمفاوضة صائما.
لا يهم إن كان اغتيال العقل سابقا لاغتيال العباد أو إن كان العكس هو الأصح بل الذي لا شك فيه هو أنه بقدر ما يتم المساس بقداسة العقل ما يتولد الميل إلى تنفيذ العمليات الإرهابية، سواء كان ذاك ضد أمنيين أو عسكريين مباشرين لوظيفتهم الشريفة أم ضد سياسيين أم ضد مثقفين أم ضد مدنيين عزل.
إنّ تونس الجميلة، تونس التي كانت مبتسمة على مدار الساعة وفاتحة ذراعيها لضم كل أنماط الثقافة إلى صدرها أضحت معقلا للعنف والجريمة المنظمة وقلما يحلو فيها العيش. تونس التي كانت تضيّف الملايين من السياح سنويا صارت تطارد أهاليها الشبان جوا وبحرا لتُرسي بهم طائراتهم وقواربهم في بلاد الغربة.
مَن المسؤول عن كل هذا وإلى أين نحن ذاهبون؟ حزب النهضة أم الدولة العميقة أم الحكومة أم النخبة أم الشعب أم ماذا؟
مهما يكن من أمر ومهما كانت مسؤولية كل واحد من تلكم الأطراف يبقى الإنسان حمالا لأوزار أساسية لا تحمِلها لا المؤسسات ولا الأحزاب ولا الجمعيات. و هذا الإنسان في تونس اليوم يعرف وضعا مزريا وهو بالتالي بحاجة لمراجعة ذاتية قبل مراجعة السياسيين لطلباتهم وقبل صياغة برامج التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي.
بالنهاية إنّ سلامة الأمنيين والناس أجمعين رهنٌ بسلامة العقل ومعافاته من كل أنواع التسلط الذاتي. وإذا استتب الأمن وحلّ الأمان حينئذ يبدأ البناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.