بقلم الأستاذ بولبابة سالم ثلاثون سنة من النضال من أجل الحرية و الديمقراطية , ثلاثون سنة في مواجهة نظام الإستبداد و القمع , اضرابات جوع , تحرّكات احتجاجية , و صور لمحطات نضالية عديدة للحزب الديمقراطي التقدمي الذي كان مقرّه ملجأ لكل المناضلين الشرفاء في سنوات الجمر , في قاعة الأخبار بشارع الحبيب بورقيبة تصدّرت جريدة الموقف المناضلة رواقا كاملا بها عناوين التحدّي لماكينة الإستبداد عندما كان للكلمة الحرة ثمنها الذي يعلمه الجميع من تضييقات و ملاحقات أمنية و هرسلة يومية في الوقت الذي كان الإعلام التونسي يتنافس في التطبيل و تلميع صورة بن علي و نظامه مقابل فتات من موائد الإستبداد و امتيازات و رحلات إلى الخارج تُدفع من أموال الشعب المقهور . من يشاهد ذلك الأرشيف من مؤتمرات الحزب الديمقراطي التقدمي يرى المناضلون الحقيقيون من مختلف التيارات السياسية المناضلة عندما كانت المتابعة الأمنية المجهرية لكل من تطأ قدماه اجتماعات الحزب و مؤتمراته باعتباره حزبا لا يفوّت مناسبة لفضح نظام الإستبداد لدى الرأي العام في الداخل و الخارج و لعل البعض قد تعجّب و قال : " أين كان هؤلاء الذين يتصدّرون المشهد الإعلامي و السياسي اليوم ؟ " . لقد كانت جريدة الموقف صوت المعارضة التونسية بامتياز و صوت من لا صوت له لذلك تعرّضت إلى مختلف أشكال التضييقات و الحرمان من الإشهار العمومي بل وصل الأمر إلى حدّ تهديد الأكشاك التي تبيعها مما اضطرّ الأمينة العامة للحزب مية الجريبي للنزول إلى الشارع لبيعها بنفسها . التقى المناضلون من مختلف الأحزاب السياسية و استحضروا ذكريات الماضي و ردّد الحاضرون الأغاني الثورية . ما نرجوه هو أن يعود الحزب الجمهوري إلى روح الحزب الديمقراطي التقدمي و يستخلص الدروس من انتخابات 23 أكتوبر 2011 و يستعيد دوره في جمع شتات القوى الثورية المناضلة لتحقيق أهداف الثورة و التصدّي لقوى الردّة و النظام القديم الذي يعيد تنظيم صفوفه كما فعل عندما كان حجر الأساس في تأسيس هيئة 18 أكتوبر 2005 التي جمعت الأطراف التي تؤمن بقدرة التونسيين على التعايش الديمقراطي . لقد انتصرت الثورة لأن التونسيين كانوا مُوحّدين و تحقيق أهداف الثورة غير ممكن دون وحدة رفاق النضال في الحكم و المعارضة.