بقلم الأستاذ بولبابة سالم يعتبر الجنرال أحمد شابير من أبرز القيادات العسكرية التي كانت شاهدة على أحداث الثورة التونسية و لعبت دورا مؤثّرا في المؤسسة العسكرية . كان مدير الأمن العسكري الذي يشرف على الاستخبارات العسكرية و على علاقة مباشرة بوزير الدفاع خاصة حول التقارير المتعلقة بالشأن العسكري و الأمني العام بالبلاد , هو الذي تسلّم الطرابلسية من فرقة مكافحة الارهاب و أشرف على إيقاف السرياطي . العسكريون و رجال المخابرات لا يتكلمون كثيرا بسبب واجب التحفّظ و الإنضباط العسكري لكن ما قاله الجنرال أحمد شابير في حصّة " لمن يجرؤ فقط " على قناة التونسية هام جدا و بل قد يكون بداية فهم ما جرى خلال فترة الثورة بين 17 ديسمبر 2010 / 14 جانفي 2014 . تكلّم الجنرال عن غرفة عمليات تعمل على بث الشائعات و تضخيم الأحداث و تحدّث عن اختراق الجهاز الأمني و تسارع الأحداث من أجل ابعاد بن علي عن البلاد , تحدّث عن بعض الروايات المضحكة مثل الزورق الذي سيقصف قصر قرطاج كما تحدّث على هيمنة علي السرياطي على مجريات الأمور في الاجتماعات التنسيقية في وزارة الداخلية ,كذّب ما قيل عن قائد جيش البرّ رشيد عمار آنذاك من أنّه رفض أوامر بن علي . ذكر الرجل أن هناك أبطال وهميّون صُنعوا في تلك الفترة لغايات غير معلومة . ما يهمّنا هو ما لم يقله الجنرال أحمد شابير و الذي تراجع عمّا صرّح به في الكواليس لسمير الوافي حسب ما قاله مقدم البرنامج أثناء البرنامج و خاصة في حصّة " ميدي شو " في موزاييك اف م يوم الإثنين فقد ذكر بأن رشيد عمار كان مستعدّا لحرق البلاد من أجل بن علي بسبب ولائه المطلق للرئيس السابق , في تلك الفترة تم التركيز على شخصية الفريق رشيد عمار كأحد أبطال الثورة التونسية و تضخيم صورته بشكل لافت في الاعلام المحلي و الدولي بسبب مكانته في الجيش التونسي وهو أمر رفضه وزير الدفاع المستقيل عبد الكريم الزبيدي الذي تدخّل هاتفيا و رأى في البرنامج تحاملا عليه و على رشيد عمار . الإختراق الخارجي للجهاز الأمني و فكّ شفرة الاتّصالات لا يقوم بها سوى جهاز مخابرات دولة قويّة فلم يكن من اليسير ارباك نظام أمني مصفّح بناه بن علي لسنوات للسيطرة على البلاد و العباد . التدخّل الخارجي وجد أياد داخلية ساعدت على التخلّص من بن علي و إبعاده خارج تونس , ما ذكرناه لا ينفي البتّة شجاعة الشعب التونسي الذي أزال حاجز الخوف و سطّر ملحمة خالدة , فقد تراكمت تجاوزات النظام السابق و جرائمه في حق التونسيين مع تنامي سطوة و نفوذ عائلته و كان الكل ينتظر لحظة اشتعال الحريق مع أوّل شرارة فكانت حادثة الشهيد محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد لتنتفض البلاد من الشمال إلى الجنوب , لكن و للأمانة فقد تحمّلت سيدي بوزيد و القصرين العبء الأكبر في 15 يوم الأولى للثورة . هذه الانتفاضة الشعبية وتنامي سقوط الشهداء دفع أطرافا خارجية فاعلة إلى وضع حدّ لنظام حكم بن علي و لا ننسى أن وثائق ويكيليكس قد أشارت أكثر من مرّة إلى رفض بن علي للانفتاح السياسي و فسح المجال للحريات و احترام حقوق الانسان , لقد أصبح نظامه منبوذا من الداخل و الخارج فكان لابد من التخلّص منه وسط ذلك الحراك الشعبي الذي أصبح يطالب بإسقاط النظام فتونس مهيّأة لتكون دولة عربية ديمقراطية . كان من الممكن أن يتسلّم الجيش السلطة خاصة بعد تلك الشعبية الجارفة التي اكتسبها ابّان الثورة , فقد قال الجنرال شابير أن "السلطة كانت ملقاة على قارعة الطريق " لكن المؤسسة العسكرية متعففة عن الحكم رغم قدرتها عليه , و كان في كلامه رسالة مشفّرة عندما قال : " نرجو ألاّ نندم يوما على عدم تسلّم السلطة بسبب هوّاة السياسة و عدم القدرة على اتّخاذ القرارات " . فشطحات السياسيين لم تعد تعجب الجيش كثيرا, لكن مع ذلك نقول أن القرار الخارجي بتشجيع التجربة الديمقراطية في تونس أكبر من كل الحسابات الأخرى . شعر الجنرال أحمد شابير بأنّه خرج من الباب الصغير بعد مسيرة طويلة في خدمة الجيش و الوطن بسبب إحالته على التقاعد من طرف وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي خاصة أن بلادنا تواجه تحديات أمنية تحتاج فيها إلى كل كفاءاتها { لا ننسى أن الجنرال أحمد شابير قاد الفيلق التونسي بنجاح ضمن بعثة الأممالمتحدة في الكنغو الديمقراطية } كما ساد الجفاء علاقته بالفريق أوّل رشيد عمار في الفترة الأخيرة. الجنرال أحمد شابير هو ابن الجنوب التونسي { وذرف / قابس } و أرجو أن تكون إحالته على التقاعد لأسباب موضوعية , كما نرجو أن يعرف التونسيون مزيدا من الحقائق عن الفترة الأخيرة من حكم بن علي.