120 مليونا: رقم قياسي للمهجرين قسراً حول العالم    صديق للإنسان.. جيل جديد من المضادات الحيوية يقتل البكتيريا الخارقة    عاجل/ بشرى لمنخرطي "الكنام"..    السعودية: ولي العهد يعتذر عن المشاركة في قمة مجموعة السبع    العدوان الصهيوني على غزة/ هذا ما طلبته حركة حماس من أمريكا..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ وفاة عون أمن ومهاجر أفريقي خلال عملية اخلاء لإحدى العمارات بصفاقس..تفاصيل ومعطيات صادمة..    عاجل/ وفاة أمني ومهاجر إفريقي خلال مداهمة عمارة سكنية    هذا ما قرره القضاء في حق رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي..#خبر_عاجل    زاخاروفا تعلق على العقوبات الأمريكية.. روسيا لن تترك الأعمال العدوانية دون رد    "اليويفا" يعلن عن قرار جديد بشأن استخدام تقنية "الفار" في كأس أوروبا    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    سمير سحيمي رئيسا لاتحاد الكتاب التونسيين بسوسة    تستهدف التونسيين القادمين من دول أجنبية ...ملايين من الأورو والدولار المدلّس تباع في بومنديل وباب الجزيرة    «أيّ مدرسة نريد؟»...كتاب جماعيّ ينشد مدرسة المستقبل «الممكنة»    قراءة تأويلية لقصة «الختان» للكاتبة حبيبة المحرزي/ج 1    كتاب «العنف والممكن الإنسانيّ» لعادل الجريدي    بهدوء ...أشرار ... ليس بطبعنا !    الموسيقى والنص /ج 2    منها فتح البوابات الأربع المُشتركة بمعبر راس الجدير: هذا ما تم الاتفاق عليه بين تونس وليبيا    إعادة فتح معبر رأس جدير جزئياً أمام هذه الحالات غدا    الرابطة1.. تعيينات حكام الجولة الاخيرة "بلاي آوت"    تونس تتوج بالمرتبة الأولى عالميا في المسابقة الافرو آسيوية الدولية لزيت الزيتون البكر الممتاز    تونس تسجل تطورا ب89% في عائدات تصدير زيت الزيتون    تونس وليبيا تتفقان على فتح البوابات الأربع لمعبر راس جدير    اختتام اختبارات الدورة الرئيسية للبكالوريا...اجمالي حالات الغشّ في بنزرت    لاعب التنس البريطاني موراي يثير الشكوك حول مشاركته في أولمبياد باريس    ألكاراز ونادال يقودان منتخب إسبانيا للتنس في أولمبياد باريس 2024    عيد الاضحى : وزارة النقل تضع برنامجا استئنائيا للتونسيين    عدد من نواب الشعب يعربون عن عدم رضاهم لاقتصار أشغال المجلس على مناقشة مشاريع اتفاقيات القروض    زغوان: تركيز نقطة بيع الأضاحي من المنتج إلى المستهلك    كأس أوروبا 2024 : موعد المباراة الافتتاحية والقنوات الناقلة    سيدي بوسعيد : يتعمدون دهس شخص بشاحنة ثم يلوذون بالفرار    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الدربي    قابس: اجماع على ضرورة تطوير نشاط الميناء التجاري    أسعار الخضر والغلال بسوق الجملة بئر القصعة    زغوان : دعوات إلى إحداث إدارة جهوية للسياحة    اشتعال النيران في الكويت : أكثر من 41 وفاة وعشرات الإصابات    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    تونس: ''أمير'' الطفل المعجزة...خُلق ليتكلّم الإنقليزية    سوسة: الاحتفاظ ب 5 أشخاص من أجل تدليس العملة الورقية الرائجة قانونا    تونس عاصمة التكامل الاقتصادي الأفريقي    83% من التونسيين لديهم ''خمول بدني'' وهو رابع سبب للوفاة في العالم    بالفيديو: ذاكر لهذيب وسليم طمبورة يُقدّمان الحلول لمكافحة التدخين    83 بالمائة من التونسيين لديهم خمول بدني    عاجل/ الكشف عن سبب اندلاع حريق منتزه النحلي    طقس الاربعاء: خلايا رعدية محلية مصحوبة ببعض الأمطار    شيرين عبد الوهاب تعلن خطوبتها… و حسام حبيب على الخطّ    اليوم انعقاد منتدى تونس للاستثمار: التفاصيل    علي مرابط يشرف على إطلاق البوابة الوطنية الجديدة للتلقيح    أنس جابر تتأهّل الى ثمن نهائي دورة نوتنغهام    وفاة الطفل ''يحيى'' أصغر حاجّ بالأراضي المقدّسة    وزارة الصحة: جلسة عمل لختم وتقييم البرنامج التكويني لتنفيذ السياسة الوطنية للصحة في أفق 2035    ديوان الإفتاء: مواطنة أوروبية تُعلن إسلامها    دار الافتاء المصرية : رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    موعد عيد الاضحى: 9 دول تخالف السعودية..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الامبراطور هولند وزيارته الى تونس
نشر في باب نات يوم 06 - 02 - 2014


بقلم نزار بولحية
القدس العربي لندن
قبل ان تحط طائرة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند على مدرج مطار تونس قرطاج في زيارة هي الثانية في غضون ستة اشهر لحضور احتفالية ختم الدستور المقررة الجمعة المقبل في قصر الرئاسة بعثت لوبيات الاعلام في فرنسا رسائل مفتوحة ومشفرة في نفس الوقت تلتقي كلها على امر واحد وهو انه اصبح الان بمقدور "المستعمرة السابقة" ان تطمح للحصول على مقعد العضوية الشرفية في نادي الديمقراطية العريق والمغلق بعدما صادقت على الدستور وسلمت مقاليد الحكومة لفريق من "التكنقراط" .
المصالح وهي البوصلة التي تقود نخب السياسة ودوائر المال والاعلام في باريس دفعت برئيس يواجه عواصف هوجاء من الانتقادات بدءا بادائه المهزوز طوال العام الاول من عهدته الرئاسية وانتهاءا بمغامراته وغرامياته التي لا اول لها ولا اخر الى القدوم على عجل الى العاصمة تونس كي يقطف ما بدا ثمرة تغري رائحتها قبل طعمها الكثيرين في الشرق والغرب بالانقضاض على منطقة ظلت ردحا طويلا من الزمن تدور في فلك الامبراطورية الفرنسية وحدها .
الصحف الفرنسية وقنوات التلفزيون اصيبت بشلل جزئيء ادخلها في غيبوبة قصيرة افاقت معها وهي لا تكاد تصدق ما يجري في بلد وصفته قبل اسابيع قليلة بانه ينحرف شيئا فشئيا نحو حرب اهلية طاحنة توشك ان تاتي على الاخضر واليابس بفعل جنون الاسلاميين واندفاعهم نحو تخريب منجزات الحداثة والتنوير واصرارهم على فرض نموذج غريب وغير مقبول على ابناء بلدهم .
المفاجاة لم تكن فقط في عدم حصول شيء من كل ذلك بل ايضا وهذا الاهم في ان " اصحاب اللحي" كما يصفهم جزء كبير من ذلك الاعلام قطعوا خطوات جريئة وغير متوقعة نحو ترسيخ المكتسبات القديمة في الدستور وتجاوزها الى مراحل لم تبلغها حتى اعرق الديمقراطيات الغربية مثل دسترة التناصف بين المراة والرجل في المجالس المنتخبة وحتى التزام الدولة بحرية الضمير ومنع دعوات التكفير وهي مواضيع لم يسبق ان تم التنصيص عليها في الدساتير العربية.
اثناء مناقشة فصول الدستور لم تصدق مراسلة صحيفة" لومند" العريقة نفسها فكتبت بحماسة شديدة عنوانا يقول" تونس تدير ظهرها للشريعة" نشر على الصفحة الاولى وجعل نفس الصحيفة تكتب بعد ذلك بايام في افتتاحيتها للعاشر من الشهر الماضي مقالا مطولا تحت عنوان "وعود النموذج التونسي".
ما اربك باريس وخلط اوراقها هي انها لم تحاول منذ فوز حركة النهضة في انتخابات اكتوبر2011 ان تستوعب امكانية التعايش مع حكومة ائتلافية تضم اسلاميين معتدلين للمرة الاولى فالحركات الاسلامية بنظرها وحسب التصريح الشهير لوزير الداخلية مانوال فالس الى اذاعة اوروبا 1 اياما بعد اغتيال الناشط شكري بلعيد تعني "فاشية اسلامية" لا غير.
التحول اللافت كان في الزيارة الاولى لهولند مطلع يوليو تموز الماضي ساعات فقط بعد ازاحة الرئيس المصري محمد مرسي من الحكم و قال وقتها امام نواب المجلس التاسيسي بان فرنسا لا ترى تعارضا بين الاسلام والديمقراطية وانها مستعدة للعمل مع اي طرف تفرزه صناديق الاقتراع في تونس.
بعد خطاب هولند وزيارته التي ظلت تتاجل عدة مرات بفعل البرود الواضح في علاقة باريس بتونس حدث الاغتيال السياسي الثاني في ظرف عام واحد وهنا لم تحاول فرنسا ان تنخرط في الازمة السياسية التونسية بنفس الحماس السابق بل حافظت على نوع من الحياد الظاهر رغم استقبالها لعدة قيادات من المعارضة و قدوم بعض النواب الفرنسيين لمساندة اعتصام الرحيل الذي نظم الصيف الماضي للاطاحة بالمجلس التاسيسي والحكومة.
ليس معروفا حتى الان ان كانت فرنسا قد لعبت دورا مباشرا في اللقاء الشهير بين الشيخ راشد الغنوشي وزعيم حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي في احد فنادق عاصمة الانوار والذي مهد الطريق فيما بعد للوصول الى توافقات خطة الرباعي وخارطة الطريق والتي قادت بدورها فيما بعد الى المصادقة على الدستور وولادة حكومة "التكنقراط" لكن الثابت انها ترى في التطورات الحاصلة في تونس خطوات مهمة للحفاظ على نفوذها الثقافي والسياسي الواسع فضلا عن مصالحها الاقتصادية والتجارية المتشعبة.
اماخروج الاسلاميين من الحكومة بالتحديد فهو يعني الكثير لباريس اذ يشعرها بالاطمئنان و بعودة الثقة بينها وبين حلفائها التقليديين في السلطة ممن تخرجوا من جامعاتها وتاثروا بثقافتها الفرنكفونية ويجنبها ايضا "وجع الراس" والتوجس من نوايا الوافدين الجدد على السلطة في الانفتاح على اقتصا دات دول اسيوية وامريكية لم يكن هناك مجال في السابق لاقتصاد تونسي وضع منذ الاستقلال تحت رحمة المستعمر ان يفكر او يحلم يوما بالوصول اليها.
لن يضخ هولند معه قناطير الذهب والفضة في ذلك الاقتصاد المازوم بالتاكيد لكنه سوف يقدم ايماءة مناسبة تدل على عودة الصفاء الى العلاقات التونسية الفرنسية بعد جفاء طويل . اما بالنسبة لحركة النهضة فهي تجد نفسها الان قد كسبت الكثير بذلك الخروج المشرف في الوقت المناسب لان نجاح حكومة المهدي جمعة سوف يحسب لها ولقرارها الشجاع اما فشلها فسوف يدعم رصيدها الانتخابي ويعزز فرص فوزها بالانتخابات المقبلة. وهو ما يدركه الجميع تقريبا بمن فيهم الفرنسيون ايضا و من اجل كل ذلك فسوف يكون الحذر هو الشعار الانسب لتعاملهم مع الوضع الانتقالي لتونس في انتظار توضح الصورة اكثر بعد الانتخابات.
ما حصل بهروب بن علي قبل ثلاث سنوات من الان قد يعيد بعض الرشد للسياسة الفرنسية فلا دعمها الاعمى لنظامه اثبت جدواه في السابق مثلما لن يكون عدائها المطلق للاسلاميين الان مفيدا لا على المدى القريب او البعيد.
مهمة الامبراطور هولند اذن لن تكون بالسهولة المتوقعة خصوصا وان الحشود التي ينتظر ان تصل تونس لنفس الاحتفال لن تكون مرتاحة بالتاكيد لاستعادة باريس لنفوذ ظن الجميع انه ذهب مع الامبراطورية القديمة ولم يعد ممكنا في ظل التحولات الجديدة ان يستمر بنفس الاسلوب والمنطق.فهل ينجح في حماية مكتسبات الامبراطورية ام يظل الطريق؟ لننتظر ونرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.