بسببهما وحولهما. ارتبطا في هذه الاحداث ارتباطا وثيقا الى درجة الالتصاق بين اعلام الارهاب وارهاب الاعلام. شخص مثل بن لادن صحيح انه تمكن من تنفيذ عملية عسكرية ضخمة لا مثيل لها في تاريخ العنف من قبل ذلك، انما الابرز هي مهارته في استخدام الاعلام فكانت نتائجها اعظم وانجح تأثيرا من فريقه الانتحاري. فهو عندما اختار الولاياتالمتحدة، وخص مدينتي نيويوركوواشنطن، وتحديدا مباني مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع، اختار اهدافا اعلامية بالدرجة الاولى. فلو وقعت الاصابات في مدن اخرى غير نيويورك او واشنطن او دولة، بلا إعلام حي فيها، فان الهجوم مهما كان عظيم الشأن لن يحدث الوقع نفسه ولن يرى العالم سوى بقايا غبار مثلما حدث عند وقوع تفجيرات سفارتي واشنطن في افريقيا. فرغم ضخامة الحوادث الا ان قلة انتبهت لفداحة تلك التفجيرات الكبيرة لانها وقعت في بلد بلا وسائط اعلامية كبيرة. الاعلام هو من أهم، ان لم يكن اهم، وسائل ادوات الارهاب، لانه يريد بث رسائله وليس فقط تدمير عمارتين او قتل بضعة الاف. وهذا النجاح الاعلامي في هجمات الحادي عشر من سبتمبر بلغ اقصى العالم وشاهده كل المبصرين في العالم. الفاعلون يعرفون ان الترويع اعظم اثرا من التدمير وهذا ما حققوه. وبلغ نجاحهم درجة ان الحدث ومتابعاته هيمنت واستمرت تؤثر على كل ركن من اركان العالم حتى بعد نحو شهرين من تلك الاحداث. اما الفصل الثاني فهو ارهاب الاعلام الذي يعتبر عملية مضادة للاولى. حدث ويحدث على الجانبين، بمنع الاعلاميين او تخويفهم من ردود الفعل العامة والرسمية. وهذا ما عبر عنه الاستاذ مأمون فندي في هذه الجريدة عندما كتب يقول ان الاسهل على الكاتب العربي ان ينتقد الولاياتالمتحدة لانه سيذهب الى فراشه مطمئنا لكن فرائصه ترتعد عندما يتعرض بالنقد لجهة كتنظيم «الجهاد». التصدي للرأي الشائع، او ما يسمى بالرأي العام، مهمة صعبة سواء بالنسبة لكاتب اميركي في بلاده او كاتب عربي في بلادنا. المشكلة موجودة في ديار طالبان وموجودة في ديار بوش لكن بطبيعة الحال المقارنة هنا ساقطة نسبيا من حيث المضاعفات. فالطالبان قد تعدم من يكتب رأيا ضدها، اما في الولاياتالمتحدة فصاحب الرأي قد لا يجد من يرحب بمقاله. ولأن في منطقتنا العربية تهيمن الفئة المناصرة لمعاداة الولاياتالمتحدة اساسا فلن يحتاج اي مرتكب جريمة في اي حي اميركي جهدا يذكر لكسب تعاطف عامة الناس معه. هذا الرأي العام جاهز في احكامه ومستعد لتبني مثل هذا الموقف بسبب تراكمات الصراع العربي الاسرائيلي اضافة الى الدعاية المتراكمة من العهود الناصرية والقومية والبعثية التي بنت جدارا من الاسمنت يصعب ان تخترقه اي وجهة نظر اخرى مهما كانت سليمة.