بلعيد.. تم اتخاذ إجراءات قانونية بحق مؤسسات التعليم العالي الخاص المخالفة    يتضمّن 6 أبواب .. الشروع في مناقشة مقترح تنقيح مجلّة الاستثمار    صابة الحبوب: تجميع حوالي 9.751 مليون قنطار... التفاصيل    اقبال متزايد للجزائرين    مع الشروق : نتنياهو... سفّاح الشرق الأوسط الذي يتغذّى على الحروب    قرار مفاجئ لمبابي قبل مواجهة باريس سان جيرمان في مونديال الأندية    القصرين.. القبض على أحد المعتدين على شخصين بآلة حادة    مهرجان قرطاج: الكشف عن شعار الدورة ال59 'قرط حدشت'    أولا وأخيرا ... فلفل بر العبيد    ماذا في لقاء وزير الخارجية بالمنسقة المقيمة لمنظمة الأمم المتحدة بتونس؟    المحسوسة بلغت 50 درجة: أعلى درجات الحرارة المسجّلة في تونس اليوم.. #خبر_عاجل    بعد المنستير وسليمان... نفوق كميات كبيرة من الأسماك بشاطئ قربة يثير القلق    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات (u19): المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره الشيلي 2-3    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    عاجل/ انتخاب رئيسة جديدة لمجلس إدارة "التونيسار"    عاجل/ رسميا: واشنطن تُلغي تصنيف "جبهة النصرة" كمنظمة ارهابية    عاجل/ بلاغ هام من معهد الرصد الجوي بخصوص الحرارة وال"تسونامي"    الهلال السعودي يحسم صفقة لاعب أي سي ميلان الإيطالي    التمويل المقدم من البنوك لمرفق النقل في تونس لا يتجاوز 3.1 بالمائة من إجمالي قروضها (بيانات مالية)    وزير ينتحر بعد ساعات من إقالته!! #خبر_عاجل    باجة: حريقان بتيبار يأتيان على 5 هكتارات بين مساحات غابية ومزارع قمح    عاجل/ إحداهما أجنبية: مصرع فتاتين واصابة آخرين في حادث مروّع بهذه الطريق الوطنية    عاجل/ الحوثيون يستهدفون سفينة في البحر الأحمر    رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم: تونس تعيش عجزا طاقيا حادّا    وسام إمبراطوري ياباني يضيء مسيرة طبيب تونسي بارز في قلب إفريقيا    عاجل/ في قضية تدليس: جرّاية يرفض المثول أمام المحكمة    كيت ميدلتون: "الأصعب يبدأ بعد العلاج"… الأميرة تتحدث عن تحديات مرحلة التعافي من السرطان    النادي الإفريقي: غدا إنطلاق تربص عين دراهم.. و29 لاعبا في الموعد    عاجل: هذا النادي العربي يدخل في سباق التعاقد مع ليونيل ميسي    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب بولاية منوبة يومي 8 و9 جويلية    مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يستقبل ثاني رحلة عودة لابناء تونس المقيمين بالخارج    الندوة الصحفية لمهرجان جمال: "مرتضى" في الافتتاح وأمينة فاخت في الإختتام    الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف عن مواعيد المسابقات الوطنية للموسم الرياضي 2025-2026    تنديد عربي وفلسطيني باعتقال مدير مكتب قناة الميادين في فلسطين المحتلة    "إشاعات تحاصر الشواطىء".. ومعهد الرصد الجوي يطمئن    قبلي: تواصل مراقبة الوضع الصحي للواحات وعدم تسجيل بؤر مقلقة للاصابة بعنكبوت الغبار    بدنك شايح وناقص ''hydratation''؟ راو خطر صامت رد بالك    طوابع بريدية جديدة تُكرّم محميات تونس الطبيعية    رد بالك من البحر نهار الثلاثاء والخميس! عامر بحبّة يحذّر من اضطرابات جوية مفاجئة    للتوانسة بالخارج : فلوسك تنجم تتحجز في المطار إذا ما صرّحتش بالعملة ...تفاصيل    لمواجهة الحرّ: 2 مليون ''كليماتيزور'' في تونس    بطولة ويمبلدون للتنس - ألكاراز يتأهل لربع النهائي    كي تخدم الكليماتيزور في 16 درجة: تعرفش قداه تستهلك ضوء؟    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    فيبالك.. الي البطيخ في الصيف يولي دواء    من غير كليماتيزور ولا مروحة : الطريقة هاذي باش تخليك تبرد دارك،ب0 مليم!    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني"    عادل إمام يتوسط عائلته في صورة نادرة بعد غياب طويل بمناسبة عقد قران حفيده    نوردو ... رحلة فنان لم يفقد البوصلة    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    بالمرصاد : لنعوّض رجم الشيطان برجم خونة الوطن    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهضة في نسختها الثالثة V 3.0
نشر في باب نات يوم 06 - 02 - 2015


بقلم حاتم الكسيبي
بعد اصطدام التكوين الزيتوني بجدار الحداثة الفرنكفونية، ابان الاستقلال، تلك التي اعتبرته جزءا من حكم البايات وحمّلته آثام الماضي الغابر من جهل و تخلف و ظلم للمرأة، انحدرت الزيتونة بمكوناتها الى الزوايا والجوامع تنشد جيلا جديدا يسير سير المجددين فيتبع خطى رجالات الاصلاح كالأفغاني و عبده وغيرهم. كانت سنوات التيه الديني قاسية على المجتمع فنال الانجراف نحو العلمانية بشتى انواعها الحظوة واعتبر لسنين أنه طوق النجاة واللحاق بركب الحضارة.
في ذلك الظرف العصيب استخرجت النسخة الأولى للتيار الاسلامي في تونس فنشأت الجماعة الدعوية وجابت المساجد والمحاريب تدعو لفضائل الأخلاق والرجوع الى الدين. تنبه أهل الحكم حينها خطر عودة الفكر الديني الزيتوني وهم الذين برعوا في اجتثاث منابعه ولكنهم استحسنوا هذا التلون الثقافي ما دامت دعوتهم مجردة من السياسة و توابعها و متخصصة في "دروشة الجوامع" كما كانوا ينعتونهم. صار لهذا الفكر تلاميذ وطلبة فانطلقت العقول تردد مقولات قديمة تقر بعزة و قوة هذا الدين و تبحث في وسائل عصرية للتنظّم و ابراز هذا الفكر للمجتمع الغارق في التبعية الثقافية والسياسية والاقتصادية يغير المنوال تلو المنوال ولكن الفقر يأبى أن يغادر الديار.
كان ما كان في أواخر الثمانيات و آل الحكم الى المخلوع الذي تبين منذ مدة سابقة لحكمه خطر الفكر الديني الذي اشتد عوده و ذاع صيته داخليا وخارجيا فرواده عن نفسه بالمشاركة في الانتخابات وعرف نواميسه و خصوصياته ثم جنّد طاقاته الحزبية و معارضته الكرتونية في محاولة لاجتثاث هذا الفكر بغثّه وسمينه، بتقليده و تجديده، بمشائخه و نسائه. كانت ضربة قاسمة للفكر الديني تضررت منها النهضة أولا وكل التيارات الدينية والعلمانية التي وقفت تستغرب دواعي هذا الاستئصال و تجرّمه. كانت تلك بداية النسخة الثانية للنهضة التي عانت ويلات القمع والتنكيل ثم خرجت من السجون لتبني ارثا نضاليا لا يجاريها فيه أحد. لم يكن ذلك كافيا لأن تستقبل الثورة و تبني مع باقي الحساسيات الوطنية المناضلة تونس الحرية والكرامة. كان لزاما تغيير العقلية والنظر الى بعيد والحال أن تونس الموحدة الطائفة واللغة والدين مقسمة في ميولاتها ومدارسها الفكرية والثقافية.
لقد جربت النهضة الحكم الائتلافي فاستفادت منه وكسرت "الأنا" التي بداخلها فتغيرت نظرتها لواقع التغيير و سارعت للاصطفاف مع باقي الاحزاب الوطنية في خدمة هذا الشعب ولكنها حافظت على موروثها الفكري الذي يندرج صلب توجه عالمي يدعو لتجديد الحضارة الاسلامية و المفاهيم السمحاء للرسالة المحمدية. كذلك انطلقت النسخة الثالثة للنهضة بعد أن غالبت رصيدها النضالي و تركته أمانة بين أيدي لجان الحقيقة والعدالة الانتقالية و غالبت علوية الفكر الاسلامي فالتصقت أكثر فأكثر بمختلف شرائح الشعب التونسي لتبني من جديد عقلية تكاملية بين موروث سامي المقام و واقع معاش تتخبط فيه مدننا وأريافنا على حد السواء. انّ مشاركة النهضة في الحكم هذه المرة يندرج ضمن هذه النسخة التي أبت الا أن تفرض على قواعدها مهما أحسوا بالألم وعلى قياداتها مهما استقال منها من أسماء معروفة. ان ذلك الفرض أو الطرح الجديد كانت له دواعي مختلفة و عديدة جدا، فمنها الخارجي والاقليمي و منها الداخلي الذي ظهر بعد مراجعات و تنوير مستلهم من سيرة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم. وللقارئ عديد المواقف المحمدية في الطائف و العقبة وبدر وأحد و حنين و صلح الحديبية وفتح مكة و غيرها من مواقف للسيرة العطرة التي تبين التدرج و المرحلية والدفع بالرفق والاقناع بالحجة دون انكار حق العيش المشترك و حقوق الانسانية العامة. ان خروج النهضة في نسختها الثالثة و بهذه الصورة خروج مشرف لها وللمجتمع التونسي الذي انتصر للعقل ولم يجنح للتقسيم والفوضى و الردة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.