انتهى المجلس الوطني التأسيسي مساء الأربعاء 30 جانفي 2013 من النقاش العام الأول بخصوص باب الهيئات الدستورية في مسودة الدستور الجديد بعد الاستماع إلى تدخلات النواب ومقترحاتهم لتعديل هذا الباب قبل إعادة عرضه مجددا على الجلسة العامة للنقاش والمصادقة عليه. وأيّد أغلب النواب التوافقات الحاصلة داخل اللجنة التأسيسية للهيئات الدستورية لدسترة خمسة هيئات خاصة بالانتخابات وحقوق الإنسان والإعلام والحوكمة والتنمية المستدامة ونوهوا بالعمل التأسيسي الذي قامت به اللجنة. وطالب النواب بإضافة هيئة تعنى بالشؤون الإسلامية وهيئة للتربية والتعليم والبحث العلمي وبإدماج قطاع التونسيين بالخارج في هذا الباب الدستوري، وستعمل هذه الهيئات على تكريس مبادئ وأهداف الدستور بترسيخ الديمقراطية ودولة المؤسسات واحترام الحقوق والحريات وتحقيق التنمية العادلة والمستدامة والحفاظ على هوية البلاد وخصوصياتها الحضارية. وأكّد نواب المجلس على ضرورة استقلالية الهيئات الدستورية عن السلطة التنفيذية وحيادها عن الأحزاب السياسية رغم مسؤوليتها أمام البرلمان الذي ينتخب أعضاءها وضرورة جمعها للكفاءات ذات الخبرة والنزاهة. وقد أجمع عدد كبير من النواب على مطلب آخر وهو إنشاء هيئة دستورية للشؤون الإسلامية أو مجلس إسلامي أعلى، وكان نواب حزب النهضة والعريضة الشعبية أبرز المدافعين عنه مشددين على أهمية بعد الهوية العربية الإسلامية في الفصل الأول من الدستور الجديد. وأكد نواب حزب النهضة على أن هذه الهيئة يجب أن تحافظ على مكانة الإسلام الوسطي والمعتدل وتجدد الخطاب الديني التونسي في مواجهة الخطاب المستورد وتتولى مهمة الإفتاء وتحييد دور العبادة عن السياسة الحزبية وتنظر في محتوى الاتفاقيات الدولية وملاءمتها لخصوصيات المجتمع وذلك بخطاب مطمئن لنواب الكتل الأخرى. وقد أبدى نواب حزب المؤتمر والتكتل والكتلة الديمقراطية مخاوفهم من أن تمس هذه الهيئة من مدنية الدولة ومن إصدار قرارات متضاربة مع المحكمة الدستورية. من جهة أخرى حظيت هيئة التربية والتعليم والبحث العلمي بإجماع كبير من النواب الذين أكّدوا على ضرورة إصلاح هذه المجالات التي شهدت تدهورا في ظل النظام السابق وإخضاعها للتخطيط العلمي الاستراتيجي بعيدا عن السياسات والخيارات الظرفية. وأكد عديد النواب من مختلف الكتل أهمية إيجاد مكانة في الهيئات الدستورية للتونسيين المقيمين بالخارج لتوثيق صلتهم بالوطن وتشريكهم في حياته السياسية والتنمية الاقتصادية وتمتيعهم بحق المواطنة. من ناحية أخرى اتفق النواب من جميع الكتل النيابية على أن تكون تركيبة الهيئات بالتناصف بين النساء والرجال، في ما حظيت هيئة الإعلام التي ستكون جامعة للقطاعين السمعي البصري والصحافة المكتوبة باهتمام كبير من قبل النواب الذين أجمعوا على ضرورة أن تضمن استقلالية الإعلام وحياده عن التجاذبات السياسية وحفاظه على الوحدة الوطنية على أن يوزع الاختصاص حسب كل قطاع بقانون ينظم عملها ويحدد صلاحياتها. وفي ختام النقاش العام أكّد رئيس لجنة الهيئات الدستورية جمال الطويل أنّ هيئة الانتخابات ستكون تقريرية وهيئة الإعلام تعديلية أما بقية الهيئات فستكون استشارية، مشيرا إلى التكامل بين هذه الهيئات وهياكل المجتمع المدني.