استأنف المجلس الوطني التأسيسي النقاش العام بخصوص باب السلطتين التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينها، وقد تبيّن من خلال تدخلات النواب أنّ مواقفهم من طبيعة النظام المذكور في تقرير اللجنة متناقضة وتختلف أغلبها مع اختيار النظام المختلط، فقد ذهب نواب حركة النهضة إلى اعتبار النظام البرلماني هو الأمثل في هذه المرحلة الانتقالية وفي تحقيق الحرية والعدالة، في حين ذهب نواب آخرون إلى ضرورة اعتماد نظام مزدوج حقيقي. من جهة أخرى اعتبر نواب المجلس أنّ تسمية النظام السياسي غامضة وغير واضحة بشكل جلي في هذا الباب من مسودة الدستور ممّا قد يوحي بعدّة تأويلات. وقال رئيس اللجنة عمر الشتوي إنّ اختيار النظام المختلط ليس أمرا مصطنعا، مبرزا أنّ أغلب الأنظمة السياسية المختلطة أثبتت أنها أنظمة فعالة وقادرة على إدارة الشأن السياسي وامتصاص الأزمات، مؤكّدا أنّ هناك إجماعا على النظام المختلط داخل اللجنة. وأكّد الشتوي أنّه لا وجود لتضخم في صلاحيات رئيس الجمهورية مثلما ذهب إلى ذلك عدد من النواب. وأشار الشتوي أنّ دور رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يتمثل في تكوين الحكومة وحلها ووضع المراسيم والسياسة الخارجية والفيتو الرئاسي، مبيّنا أنّ غالبية الخبراء أجمعوا على نصح اللجنة بهذا النظام وأنّه لا أحد دافع عن النظام الرئاسي البحت أو النظام البرلماني البحت خلال النقاشات. وأضاف عمر الشتوي أنّ دور رئيس الجمهورية يجب أن يدير عملية الشراكة بين السلط حتى لا يحدث اختناق في إدارتها، أمّا صلاحيات مجلس الشعب هي سن القوانين وإقالة الحكومة وإصدار لائحة لوم والرقابة من خلال الأسئلة الشفاهية والكتابية للحكومة والمصادقة على الميزانية وإبداء الرأي. وأشار الشتوي أنّ فصول مسألة الحصانة وردت مألوفة ولم تقصد اللجنة تغيير أو تجديد في هذه الفصول حسب ما عرف عليه في الدساتير المقارنة. من جهته قال نائب رئيس اللجنة زياد العذاري إنّ تسميات النظام السياسي تعني فقهاء القانون ومختصين وإنّ اللجنة لم تسم هذا النظام حرصا على أن يكون الأمر مفتوحا أمام الاستماع إلى آراء النواب، معتبرا أنّ المسألة تتجاوز التسمية على حدّ قوله. وأكّد العذاري أنّ هوية النظام السياسي تتشكل بالمعطيات القانونية والحزبية والانتخابية ومن المعطيات الشخصية وبالتجربة الدستورية. مبرزا أنّه خلال المناقشات داخل اللجنة كان هناك إشكال في علاقة رئيس الحكومة برئيس الجمهورية وإشكال في طبيعة انتخاب رئيس الجمهورية، مضيفا أنّ التوجه الأول كان في أنّ رئيس الجمهورية هو رئيس حكم ولا يتدخل في الشأن اليومي للسلطة التنفيذية أي الحكومة. من ناحية أخرى قال النائب عن كتلة الوفاء آزاد بادي إنّ الأغلبية تتجه نحو اختيار النظام المزدوج، مطالبا بضرورة اعتماد نظام مزدوج حقيقي يضمن عدم عودة تغول السلطة التنفيذية والاستبداد. وفي هذا الإطار أبرز بادي أنّ لجنة التشريع العام ستناقش قريبا مشروع تحصين الثورة وهو المشروع الضامن لتطبيق هذا الباب من الدستور وعدم عودة الاستبداد. من جانبها بيّنت النائب عن كتلة حركة النهضة حليمة القنّي أنّه يجب النص في هذا الباب من الدستور على أن يكون رئيس الجمهورية المنتخب مسلما وذلك من باب احترام الشعب لأن أغلبية الشعب التونسي مسلم. من جهته أكّد النائب فرح النصيبي أنّ أفضل نظام حكم يمكن أن يميل إليه تشريع اللجنة هو النظام البرلماني، معتبرا أنّه هو الأفضل للانتقال الديمقراطي في هذه المرحلة الحرجة.