* الانتقال الديمقراطي في مصر وتونس وليبيا يستغرق الكثير من الوقت لإرساء توازنات سياسية جديدة
أكّدت المفوضية الأوروبية في تقريرها الصادر مؤخرا حول سياسة الجوار الأوروبية لسنة 2012 أنّ حجم المبادلات التجارية بين تونس والاتحاد الأوروبي قد سجل تقدّما خاصّة بعد حصول تونس على مرتبة الشريك المميّز. وبيّن التقرير أنّ التطورّ المسجل في السنة المنقضية في مختلف دول الجوار للاتحاد الأوروبي لم يكن متكافئا مشيرا إلى أنّه في عدّة دول شريكة للاتحاد فإن الإصلاحات الكبرى منعت أو تباطأت نتيجة مصالح سياسية أو اقتصادية، وفي أحيان أخرى سجل تراجع في الإصلاحات. وأشار التقرير إلى أنّه مع تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع نسبة البطالة والتحديات البيئية التي تزداد حدّة يوما بعد آخر، إضافة إلى تراجع أغلب المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية فإنّ القيام بإصلاحات هيكلية هي من أولويات السياسة الأوروبية للجوار. النمو الاقتصادي وعلى المستوى الاقتصادي، أوضح التقرير أنّ النمو الاقتصادي تسارع في بعض الدول الشريكة مثل جورجياوأذربيجان ولكن هناك تباطؤ في أغلب البلدان الأخرى مشيرا إلى أنّ المخاطر ىالخارجية المتعلقة بالوضع الاقتصادي العالمي وزيادة الصراعات كان لها أيضا تأثير سلبي على احتمالات الانتعاش الاقتصادي. وبالنسبة إلى دول الجوار الجنوبي فقد تمّ تسجيل ارتفاع في معدلات البطالة بين الشباب، إضافة إلى استمرار أوعودة عدم الاستقرار السياسي كان لها أيضا تأثير سلبي على النمو. وأكّد التقرير أنه دون زيادة في النمو وسياسات تشغيلية فعالة (بمافي ذلك توفير الاستثمار في رأس المال البشري ،وتعزيز العمل اللائق، فضلا عن البحث والابتكار) فإنه سيتواصل ارتفاع نسب البطالة بين الشباب ، وسيحظى الاقتصاد الموازي بجزء هام من الاقتصاد الحقيقي. وأشار التقرير إلى أنّ مقاومة الفقر والبطالة يبقى من الأولويات المهمة وبالخصوص في المناطق الريفية مبينا أن الاتحاد الأوروبي أعطى أهمية كبرى لهذا الموضوع بتنظيمه لندوة لتشخيص برنامج السياسة الأوروبية للجوار في القطاع الفلاحي والتنمية الريفية حيث تمّ إنشاء لجان فنية مع أعضاء من المجتمع المدني والقطاع الخاص للسهر على تنفيذ هذا البرنامج في دول الجوار الجنوبي إلى جانب اتخاذ إجراءات في كل من مصر والجزائر وتونس والمغرب وجورجيا صلب هذا البرنامج الأوروبي. وحول الدعم المالي، بيّن التقرير أنّ قيمة الدعم المالي التي قدمها الاتحاد الأوروبي للمساعدة على تنفيذ الإصلاحات في الدول الشريكة بلغت 6.5 مليار يورو خلال الفترة ما بين 2011 و2013 ويشمل هذا المبلغ التمويل الإضافي البالغ 0.95 مليار يورو والمخصص لتمويل الشراكة الشرقية وتعديل السياسة الأوروبية للجوار. وتقدّم هذه التمويلات الإضافية على أساس مبدأ " أعطي أكثر لتحصل على أكثر" وهو يعني التقدم المحرز في إقامة دولة ديمقراطية صلبة ومستدامة وتحقيق الإصلاحات المدرجة. ويتمّ توزيع هذا التمويل الإضافي على برنامجين اثنين الأول بقيمة 540 مليون يورو لبلدان الربيع العربي في البحر الأبيض المتوسط و الثاني بقيمة 130 مليون يورو لدول الجوار الشرقي. الإصلاح السياسي وأكّد تقرير السياسة الأوروبية للجوار أن تونس ومصر تواصل تنفيذ الإصلاحات الدستورية رغم الصعوبات التي تعترضها، مشيرا إلى أنّ تطوّر الوضع في كل من مصر وتونس وليبيا يبرز بوضوح أن عملية الانتقال الديمقراطي معقدّة ويستغرق الكثير من الوقت لإرساء هياكل جديدة وتوازنات سياسية جديدة لتحقيق النمو الاقتصادي والاندماج الاجتماعي استنادا إلى توافق حول القيم والمبادئ الأساسية. وأضاف التقرير أنّ الإصلاح الدستوري بطيء جداّ، والتطوّر ليس دائما مستقيما وفي هذا الإطار يواصل الاتحاد الأوروبي العمل مع شركائه ودعم التقدّم نحو إقامة دولة ديمقراطية مستدامة. وتطرّق التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي يعزز الدعم السياسي والمالي لشركائه الملتزمين بالقيام بإصلاحات سياسية وتحليل التطورات ونتائج الإصلاحات في البلدان الشريكة يدّل على أن السياسة الأوروبية للجوار تعمل عندما تكون هناك إرادة للإصلاح المجتمعات وأن مؤسسات المجتمع المدني تقوم بدور فعال في مسار الإصلاح. وأوضح التقرير أنّ تونس التي تعيش عملية انتقال صعبة قد استجابت لبعض من هذه التوصيات الأساسية حيث تمّت الموافقة على إحداث اللجنة المستقلة للانتخابات ولكن لم يتم إلى الآن الانتهاء من صياغة القانون الانتخابي، مضيفا أنّ الأعمال التحضيرية للتفاوض بشأن منطقة تبادل حرّ بين تونس والاتحاد الأوروبي في تطورّ. وأكّد التقرير ضرورة تعزيز استقلالية القضاء في عدد من البلدان الشريكة ومنها مصر والمغرب والجزائر وتونس. وبخصوص مظاهر الفساد، أوضح التقرير أنه يبقى من بين المشاكل المهمة في أغلب دول الجوار والتي لم يتمّ بشأنها اتخاذ الإجراءات اللازمة للحدّ منها ومنها خاصّة بأوكرانيا ولبنان وأذربيجان وليبيا وبيلاروسيا. وبيّن التقرير أنّ مسار عدالة انتقالية صحيح هو أساسي لنجاح عملية الانتقال الديمقراطي وخاصة بالنسبة إلى الدول التي أطاحت بأنظمة ديكتاتورية متهمة بارتكابها لجرائم ضدّ شعوبها، وفي هذا السياق فإن القيام بإصلاحات صلب النظام القضائي وتكريس سيادة القانون تعتبر من الأولويات في إطار الشراكة مع بعض الدول الشرقية.