نظمّ الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري صباح اليوم الجمعة 11 أكتوبر2013 ملتقى وطنيّا حول موضوع " المديونية في القطاع الفلاحي والصيد البحري"، وذلك بمقره بتونس العاصمة. وشهد الملتقى تواجد عديد من الشخصيات الحكومية ومن المجلس الوطني التأسيسي والأمين العام لاتحاد المزارعين العرب فضلا عن الخبراء في مجال الفلاحة والمنظمات المهنية وكذلك العديد من الفلاحين والصيادين لمتابعة الملتقى وطرح إشكالياتهم وتطلعاتهم في مجال يعاني يوما بعد يوما من عديد الصعوبات والمشاكل القطاعية الهيكلية حسب العديد من المتدخلين. وفي علاقة بالتمويل الفلاحي، أبرز عبد المجيد الزار، رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أنّ الفلاحين والبحارة يواجهون أكبر المصاعب اليوم بسبب انكماش البنوك وعدم تحمّسها لتمويل الفلاحين وذلك نتيجة لعدم مردودية هذا القطاع وهو ما أدى إلى نقص المستلزمات التي يتطلبها العمل الفلاحي وبالتالي نقص الانتاجية. كما وجه اللوم إلى الحكومة لعدم تدعيمها للفلاحة مطالبا بإلغاء سياسة التمييز التي جعلت هذا القطاع الأقل حظّا في التمويل من قبل الدولة بالمقارنة مع القطاعات الأخرى مثل السياحة والصناعة وغيرها رغم كون قطاع الفلاحة من أبرز القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني ودعا بالمناسبة إلى ايجاد حلول جذرية إلى ظاهرة المديونية التي وصفها ب"المحيّرة والمقلقة للفلاحين". ونفى الزار أن يكون ارتفاع نسب المديونية راجع إلى تهرّب الفلاحين من تسديد ديونهم بل أن السبب، حسب قوله، عائد إلى استحواذ نسب الفوائض على قيمة القروض المسندة. وأبرز وزير الفلاحة، محمد بن سالم أهمية قطاع الفلاحة كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني وقاطرة للتنمية ومحركا أساسيا لها مقدما نسبة 8 %لمساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام. وقال إنّ ملف المديونية يعتبر اليوم من أهمّ الملفات المعروضة على طاولة عمل وزارة الفلاحة وأشار أنّ رئيس الحكومة قد عبّر سابقا عن حرص الدولة على فضّ إشكالية المديونية في القطاع الفلاحي قبل نهاية السنة الحالية. وشدّد وزير الفلاحة، في هذا الاطار، على ضرورة ملاءمة آليات التمويل والقروض مع خصوصيات القطاع الذي ترتبط نتائج مردوديته بالعديد من العوامل الطبيعية من جهة والهيكلية من جهة أخرى. وبيّن بن سالم أنّ الدولة حريصة على النهوض بالقطاع الفلاحي لذلك كانت الإجراءات التي اتخذتها، متمشية في هذا الاطار، من ذلك الترفيع في الأسعار الأساسية للحبوب عند الانتاج ومراجعة القيود على القروض الموسمية للزراعات الكبرى ومواصلة العمل بتكفل الدولة بنسبة 50 %من معلوم التأمين الفلاحي في الزراعات الكبرى والترفيع في سعر البذور الذي يخدم مصلحة الفلاح. وأعلن وزير الفلاحة أنّ الوزارة قد أحدثت، منذ بداية سنة 2012، لجنة ممثلة عن الوزارات المعنية واتحاد الفلاحين والبنك المركزي والبنك الوطني الفلاحي والبنك التونسي للتضامن والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري تمّ بموجبها إصدار قرارات جدولة قروض الفلاحين والتخلي عن الفوائض حسب نسبة الاستخلاص مع اقتراح اللجنة المكلفة بمتابعة الملف عن تخلّي الدولة عن كامل الديون الفلاحية أصلا وفائضا والمسندة عن طريق ميزانية الدولة والبنوك والتي لا يفوق مبلغها من حيث الأصل 5 ألاف دينار للفلاحة أو البحّار و قد شمل هذا الإجراء 100 ألف فلاح وبحار وحولي 34 %من مجمل ديون الفلاحين. وأثارت ممثلة وزارة المالية سلبية الإجراءات السابقة ومن اهمها تكريس عقلية عدم الخلاص في انتظار إجراءات فسخ الديون وكذلك تحمل فوائض إعادة جدولة ديون الفلاحين المتضررين من الجفاف مقترحة عديد الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص مثل تدعيم الانخراط في الهياكل المهنية كشركات التعاونية للخدمات الفلاحية والعمل على استقرار دخل الفلاح مما يمكنه من الوفاء بالتزاماته نحو البنوك. وبفسح المجال للعديد من المتدخلين من الفلاحين والبحّارة وكذلك الخبراء في هذا القطاع كانت أبرز التدخلات مؤكدة على ضرورة إيجاد حلول جذرية. وقال الفلاح علي ضوّ في تصريح لوكالة "بناء نيوز" إنّ معالجة المديونية المتعلقة بقطاع الفلاحة في تونس، ومحاولاتها تعود إلى سنوات سابقة، لا بدّ أنّ تمسّ جذور المشاكل التي يعاني منها الفلاح في كلّ موسم، ويعني ذلك إعادة النظر في السياسة القطاعية التي انتهجتها الدولة منذ الثمانينات والتي قطعت بموجبها الدعم عن المستلزمات الفلاحية كالبذور والأدوية مقابل حفاظها على التحكم في أسعار بيع المنتوجات الفلاحية وفق الأسعار التي تحددّها هذا يعني أن الفلاح قد يشتري المواد والمستلزمات بأسعار باهظة في حين أنه قد يبيع منتوجاته بأسعار لا تغطي في غالب الأحيان التكلفة الأساسية وهنا تكون دائرة المديونية، حسب قوله. كما أثار عدد آخر من المتدخلين خلال الملتقى الاسباب الرئيسية لتفاقم مديونية الفلاحين معتبرين أن كساد السوق والظروف الطبيعية من أبرز عواملها مطالبين الدولة بالتكفل بمصاريف الفلاحين في هذه الحالات. كما دعا شقّ آخر من الفلاحين إلى مراجعة سياسة الدعم التي تطبقها الدولة لفائدة المواطنين "على حساب الفلاحين" ومن بين المقترحات التي قدمت خلال النقاش كانت ضرورة مراجعة الأداءات المسلطة على الفلاح. وقد عبّر جانب آخر من الفلاحين المتدخلين عن عدم رضاهم عن فكرة جدولة الديون التي تقترحها الدولة ورأوا فيها محاولة لتكبيل الفلاح متعللين بعدم فاعلية هذا الإجراء نظرا لغياب المردودية في قطاع الفلاحة.