نظم نادي الصحافة لمنتدى ابن رشد المغاربي للدراسات وجمعية مركز دراسة الإسلام والديمقراطيّة ملتقى حوار مفتوح شارك فيه عشرات من الإعلاميين والشخصيات الوطنية من مختلف الاتجاهات حول: "العلاقات التونسيّة الأمريكيّة بعد عام من الثورة" وكان ضيفا الحوار الخبيران في الشؤون الأمريكية والدولية وملفات الإسلام السياسي الدكتور ويليام زارتمان William Zartman (الباحث في جامعة جون هوبكنز – واشنطن) والدكتور رضوان المصمودي رئيس جمعية مركز دراسة الإسلام والديمقراطيّة بتونس. وقد ترأس الندوة وأدار الحوار الجامعي والإعلامي الأستاذ كمال بن يونس رئيس منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات الذي أثار في افتتاح أشغالها عدة تساؤلات لا تزال تنتظر إجابة بعد عام من اندلاع الثورة التونسية والثورات العربية من بينها: - لماذا تخلّت أمريكا عن حلفاء استراتيجيين في المنطقة مثل بن علي ومبارك وعن أصدقاء تحالفوا معها في مخططاتها الأمنية وحروبها ضد الإرهاب مثل علي عبد الله صالح ومعمر القذافي؟ - كيف ينظر الأمريكيّون إلى الثورة التونسيّة والثورات العربية بعد عام من اندلاعها وتراكم الصعوبات الاقتصادية والأمنية؟ - كيف تنظر أمريكا إلى صعود الإسلاميّين الى الحكم والى تنامي تأثير السلفيين في عدد من الدول العربيّة بعد أول انتخابات تعددية تنظم فيها؟ - ما هي آفاق تطوير العلاقات الاقتصادية بين أمريكا وتونس بعد استفحال معضلات البطالة وعجز الميزانية؟ - هل من الوارد الحديث عن "خطّة مارشال" جديدة لدعم الانتقال الديمقراطي في تونس ودول الربيع العربي؟ "أمريكا عاجزة اليوم عن مخطط مارشال جديد" واعتبر الخبير الأمريكي زارتمان في إجاباته أن "انهيار نظام استبدادي مثل نظام بن علي في تونس كان معجزة وجلب احتراما كبيرا للشعب التونسي دوليا وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية لعدة أسباب من بينها الصبغة السلمية للاحتجاجات الشعبية التي أدت الى الثورة". وأورد زارتمان أن "درجة نجاح القيادات التي أفرزتها انتخابات 23 أكتوبر الماضي في تلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية وتكريس التعددية السياسية ستحدد مصير الثورة التونسية ومستقبل حكومتها والديمقراطية الجديدة بزعامة إسلاميين من حركة النهضة وحلفائهم". واستبعد زارتمان أن تسمح الظروف الاقتصادية الحالية للولايات المتحدة بتقديم مساعدات مالية هائلة الى تونس مماثلة لمخطط مارشال الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية في دول أوروبا الغربية. كما دعا الدول العربية الى المراهنة اكثر في المرحلة القادمة على تطوير الشراكة جنوب جنوب ومبادلاتها البينية. لكن الخبير الأمريكي اعتبر أن من ابرز شروط نجاح مسار بناء الاتحاد المغاربي حسم الخلافات الجزائرية المغربية وملف الصحراء الغربية. .. "بل واشنطن مطالبة بإعلان مخطط مارشال لتونس" لكن رئيس جمعية مركز الإسلام والديمقراطية بتونس رضوان المصمودي اعتبر أن واشنطن مطالبة بإعلان "مخطط مارشال" جديد دعما للديمقراطية التونسية ولثورتها السلمية. واعتبر أن واشنطن يمكنها أن تقدم مساعدة مالية سنوية لا تقل عن 5 مليار دولار لمدة تستمر 5 أعوام الى جانب تشجيع المستثمرين الأمريكيين والغربيين على الإقبال على تونس "إذا توفرت عدة شروط من بينها تحرك مجموعات ضغط تونسية شعبية وديبلوماسية في هذا الاتجاه داخل الولاياتالمتحدة ومؤسسات صنع القرار فيها". وشارك في الحوار الديبلوماسيان والوزيران السابقان احمد ونيس وحاتم بن سالم والسياسي العجمي الوريمي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة وإعلاميين وسياسيين مستقلين أو معارضين لحكومة الترويكا الحالية. تساؤلات في كل الاتجاهات وقد أثار بعض المتدخلين من بين الإعلاميين وممثلي المجتمع المدني مثل الجامعي والحقوقي حمادي الرديسي والإعلامية هاجر الجريدي تساؤلات حول جدية الحديث اليوم عما أسموه "احترام قيادة النهضة وحكومتها للقيم الديمقراطية الكونية" التي تبرر مطالبة واشنطن والعالم بتقديم دعم مالي وسياسي لتونسالجديدة. واعتبر عدد من المتدخلين أن الإخفاقات والمشاكل تفوق الانجازات ومؤشرات الإصلاح. وحذر بعض المتدخلين من سلبية تعامل الحكومة مع بعض ظواهر العنف والتطرف التي اقترنت بنشطاء من التيار السلفي. لكن ممثل قيادة حزب النهضة السيد العجمي الوريمي أورد أن حزبه سيظل وفيا للمبادئ التي أعلن عنها قبل الانتخابات وعلى رأسها احترام حقوق الانسان والتعددية وقيم الوسطية والاعتدال. كما أعلن أن الحزب يؤمن بالتوازن في علاقات تونس الخارجية حتى تلعب الديبلوماسية دورا فعالا في رفع التحديات الاقتصادية والأمنية الخطيرة التي تواجه تونس والدول العربية منذ اندلاع الثورات الشعبية. بالمقابل افرز النقاش تساؤلات حول جدية احترام واشنطن لحقوق الانسان والديمقراطية بسبب ما أسموه سياسة المكيالين في سياستها الخارجية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والشعب الفلسطيني والدول العربية. كما وجهت انتقادات لإسرائيل بسبب سجلها في مجال انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. لكن الخبيرين زارتمان والمصمودي اعتبرا أن فرص نشر السلام والديمقراطية كبيرة جدا اليوم في كامل العالم العربي والشرق الأوسط بفضل الثورات الشعبية. وانتقد زارتمان رئيس الحكومة الاسرائيلية ناتنياهو والسياسيين الاسرائيليين الذين اعتبروا أن "اسرائيل سوف تصبح في خطر بعد الثورات الشعبية العربية وتنظيم انتخابات ديمقراطية فيها".