تفاؤل بالمسار السياسي العام في تونس رغم كثير من الملاحظات النقدية والتخوفات من المؤشرات الاقتصادية الاجتماعية والامنية الداخلية والخارجية.. مقابل حذر شديد في تقييم الاوضاع واداء السلطات التي امسكت بزمام الامور او توشك في كل من مصر وليبيا.. او تلك التي تتزعم الثورات والتحركات في البحرين واليمن وسوريا.. هكذا لخص عشرات الخبراء والجامعيين والسياسيين من تيارات مختلفة يتقدمهم المناضل الوطني السياسي المغاربي مصطفى الفيلالي والمفكر ابو يعرب المرزوقي والعميد الصادق بلعيد في ندوة نظمت كامل يوم السبت الماضي من قبل جمعية العلوم الاجتماعية ومنتدى ابن رشد والمعهد الاورومتوسطي للدراسات نظرتهم لواقع المنطقة العربية عموما بعد حوالي عام على انطلاق الاحتجاجات الشعبية في سيدي بوزيد.. والتي تطورت الى ثورة سياسية شاملة وطنيا وعربيا.. من بين ملامحها الوصول السريع لرموز» الاسلام السياسي» الى السلطة.. جل الورقات العلمية والمداخلات خلال النقاش العام لاسيما الدكتور احمد الابيض عضو الهيئة التاسيسية لحزب النهضة والمفكر ابو يعر ب المرزوقي رحبت بوصول ممثلين عن المعارضة وتيارات «الاسلام السياسي» الى السلطة بعد الانتخابات الاولى التي عقبت هذه الثورات لاسيما في تونس والمغرب ومصر. كما اعتبر عدد من المتدخلين ان « الاعتدال قد يسود « مع بروز لفوز «اسلاميين معتدلين « مناهضين « للسلفيين المتشددين « و» للجماعات الاسلامية المقاتلة « في اليمن وسوريا بعد انهيار نظاميهما فضلا عن تاكد مشاركة ممثلين عن فصائل اسلامية مدنية ومسلحة في ليبيا ما بعد القذافي..
تحديات ومخاطر
في المقابل لفت عدد من الخبراء والمشاركين في النقاش العام من بين الديبلوماسيين والجامعيين والنشطاء الحقوقيين والطلبة الى المخاطر والتحديات الداخلية والدولية المعقدة امنيا وسياسيا واجتماعيا والتحديات التي تواجه تونس وكامل المنطقة العربية بعد عام من اندلاع انتفاضة عاطلين عن العمل في سيدي بوزيد ومسلسل الاحتجاحات الشبابية العربية». ولم يخف بعض المتدخلين تخوفهم من ان تؤدي تلك التعقيدات الى استفحال بعض الظواهر الامنية «المزعجة « عاجلا واجلا من بينها استغلال بعض المجموعات « الجهادية السلفية المتشددة لمناخ الفلتان الاعلامي والامني والفراغ السياسي لافتعال ازمات تعيد المنطقة الى «المربع الامني». ونبه بعض المحاضرين من امتلاك «تنظيمات مسلحة ثورية» ( مثل الجماعة السلفية للقتال الجزائرية او ماسمي بتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي)» وتنظيمات وشخصيات مسلحة ليبية لاطنان من الاسلحة الفردية والثقيلة التي سبق ان وزعتها عليها الكتائب الموالية للقذافي او الدول الاطلسية والحليفة.
الصراعات بين الاسلاميين والعلمانيين
كما حذرت عدة مداخلات من كون ما وصفته ب«الانفلات الامني والاعلامي» والصراع «الايديولوجي» بين الإسلاميين وخصومهم العلمانيين في وسائل الاعلام والكواليس من بين العناصر التي قد تؤثر سلبا على مستقبل البلدان التي شهدت ثورات وعلى راسها تونس لان اولوية الشباب العاطل والمناطق الفقيرة ورجال الاعمال «اقتصادية ومالية» وليست «ايديلولوجية». في هذا السياق حذرالدكتور الصادق بلعيد والدكتور حمودة بن سلامة من سيناريوهات هيمنة أي طرف حزبي او اديولوجي على الحياة السياسية والاقتصادية بما في ذلك «الاحزاب ذات الميولات الاسلامية».
سياسة المكيالين
وبالنسبة لعلاقات دول المنطقة خارجيا توقف الجامعي والاعلامي الفلسطيني غسان نمر ومدير مكتب وكالة الانباء الفلسطينية بتونس الطاهر الشيخ عند مطلب انهاء «سياسة المكيالين الامريكيةوالغربية في التعامل مع قضايا التحرر من خلال تجاهل العواصمالغربية لحقوق الشعب الفلسطيني ومطالب بعض مواطني بعض الدول النفطية او المجاورة لاسرائيل او لحلفاء استراتيجيين لواشنطن وشعوبها الثائرة، وتبرير قمع ثوراتها مثل ما جرى في البحرين واليمن طوال العام الجاري». مخاطر اقتصادية
وعند قراءة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية توقف عدد من الخبراء بينهم الخبير البنكي محفوظ الباروني والجامعي الاقتصادي رضا الشكندالي والخبيروالعميد الاسبق الصادق بلعيد ورجل الاعمال الحبيب الكشو عند بعض المخاطر ومن بينها الخلل بين الاموال المرصودة لتنمية الجهات الداخلية ومعالجة معضلة البطالة من جهة وتلك التي ترصد لتقديم زيادات ظرفية في رواتب العمال والموظفين من جهة ثانية . كما حذر البعض من «القنابل الاجتماعية الموقوتة النائمة» وعلى راسها استفحال معضلات البطالة وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع نسب الفقر وتراكم الصعوبات المالية للمؤسسات التونسية والاجنبية.. الاستثمار وغلق مزيد من المؤسسات الصناعية والسياحية والخدماتية اوانحدارها نحو الافلاس لاسباب عديدة من بينها كثرة الاعتصامات والاضرابات الفوضوية..
مخاوف من الصدام والاستقطاب
وقد اعتبر عدد من المتدخلين العرب والاجانب في الندوة من بينهم الإعلامي والمحلل السياسي العربي بلندن احمد مصطفى والحقوقية والاعلامية الاسبانية ريجينا لاقونا والجامعي الفلسطيني غسان نمر والاعلامي المصري محمد حمدي والفيسلوف ابو يعرب المرزوقي أن تونس لديها فرصة مميزة لتكون نموذجا لمعنى «التغييرالسلمي في العالم» اذا ضمنت حق الشعب في ان ياخذ زمام الأمور بيده عبر مؤسساته المنتخبة ومنظمات مجتمعه المدني . كما اعتبر الدكتور احمد الابيض عضو الهيئة التاسيسية لحركة النهضة وعضو المجلس الوطني التاسيسي ابو يعرب المرزوقي ان « البرنامج السياسي والاقتصادي لحركة النهضة « ومقولاتها المعتدلة من بين العوامل التي سترجح فرضية « انتصار التيار الاسلامي المعتدل في تونس» ليقدم نموذجا ناجحا. لكن الناشط الحقوقي والوزير السابق حمودة بن سلامة والخبير القانوني الدولي العميد الصادق بلعيد والباحث والخبير الدولي العربي عزوز عبروا عن مخاوف من مخاطر تواصل «الاستقطاب والصدام «السياسي في تونس ومصر وعدد من الدول العربية بين الإسلاميين والحداثيين من جهة والإسلاميين والسلفيين من جهة ثانية. كما حذروا من «ان تخلط بعض الأطراف التي بين مشاركتها في تسيير الشان العام في الوضع الانتقالي والاعداد للوضع الدائم».