استعرض المشاركون في الندوة العلمية التي نظمتها مؤسسة الإذاعة التونسية صباح اليوم الجمعة 11 جانفي 2013 قراء موجزة لواقع الإعلام التونسي منذ 14 جانفي 2010 ذكرى إسقاط رأس الفساد بن علي. ووصف الإعلامي المنصف العياري المرحلة الانتقالية التي يعيشها قطاع الإعلام اليوم بالمتعثرة باعتبار أنها لم ترتق بعد إلى الإعلام الحر والمسؤول وهو النموذج المطلوب في الواقع العربي عامة لا تونس فقط. وأشار العياري إلى المراحل التي مر بها الإعلام ما قبل الثورة حيث "كان مقموعا إلى ما بعد الثورة بالانفلات والافجار الذي أنتج تخمة على مستوى العرض وندر وجود محمل إعلامي يخاطب المتلقي بأسلوب راق"، على حد تعبيره. وأرجع العياري الانفلات الإعلامي إلى غياب مدونة سلوك وضوابط مهنية وأخلاقية تحدد مسار العمل بالقطاع مع استقلالية الهيئات التعديلية ودور معهد الصحافة وكل المؤسسات التكوينية والتدريبية لتطويع برامجها وتكييفها وبالمقابل أتى على الايجابيات التي حققها الاعلام نوعا ما بنجاحه في استعادة ثقة الجمهور. وعدد الخبير الإعلامي رضا النجار في كلمته بخصوص مستقبل الإعلام العمومي السمعي والبصري الأزمات التي يمر بها القطاع من أزمة مصداقية بين المتلقي والباث التي ورثت عن النظام السابق إلى أزمة الهيكلة في مواجهة المنافسة مع الاعلام الخاص، وأزمة مهام أعادها إلى رأس المال الضعيف لهذه المؤسسات مقابل تكاليف انتاج البرامج والفراغ الذي يعيشه القطاع الاعلامي على إثر انعدام هيئة لتعديل الفضاء السمعي البصري. وأكدّ النجار على الآليات المطلوبة للنهوض بالواقع المتأزم وللخروج من هذا الفراغ بإعادة الثقافة الداخلية للمؤسسة الاعلامية مع مراعاة الحيز الزمني لتحقيق ذلك. وبين ماهر تريمش أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية المقاربة السوسيولوجية للحقل الإعلامي التي قدمها حول كيفية انزياح مستوى الأدوار باحتلال الإعلام المرئي والمسموع دورا هاما بعد أن كانت تتحلى به الصحافة المكتوبة لعقود وذكر تريمش 'تلفزيون الواقع' أكبر دليل على قوله خلال الآونة الأخيرة، مؤكّدا على ما باتت عليه المادة الاعلامية من مجانسة بين مختلف الوسائل وانعدام الإختلاف والابداع وبالتالي خلص إلى تشابه الاعلامين أنفسهم 'من صحافة الفكرة إلى الاعلام المتشابه'. واستعرض من جهته مدير المركز الافريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين عبد الكريم الحيزاوي الاطار القانوني للإذاعة العمومية اليوم. وقال إنّ مسار الاصلاح توقف بعد انتخابات 23 اكتوبر مباشرة مع ايقاف مهام الهيئة المستقلة لإصلاح الاعلام وأتى على قانون 4 جوان 2007 الذي لازال جاري به العمل رغم أن مضمون هذا النص القانوني يتنافى وما يوجد في النصوص القانونية. وأشار الحيزاوي إلى الخطأ الذي انجر عن إلغاء وزارة الإتصال وتولي رئاسة الحكومة الاشراف العام على هذا القطاع وكأن حارس البوابة المراقب ظل كما هو، وفق تقديره. وأضاف أنّه بتولي الحكومة هذه المهام توجد امكانية ممارسة وزارة الثقافة رقابة على الإبداع. وأكد الحيزاوي أن بوابة اصلاح القطاع العمومي تبدأ بالاطار القانوني بوضع تشريعات وقوانين تنظم هذا القطاع بحرية ومسؤولية.