قد أبالغ قليلا إن عنونت مقالي بهذا الكلام، ولكني أعي أني لم أبالغ كثيرا، على أي حال. السيد حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل لم يعجبه عمل المجلس التأسيسي المنتخب من جانب الشعب التونسي، ويرى حقوقا له، في إملاء ما يريد وما لا يريد. فليس المهم "الشعب يريد" اليوم بل "الاتحاد يريد". في ندوة 23 جانفي بعنوان "أي دستور يريد الاتحاد". أعطى العباسي لنفسه حق البحث عن "خارطة سياسية واضحة" تهم القضاء والأمن والإعلام وكل المجالات الأخرى، إلى جانب كتابة الدستور، هذا هو عمل نقابة عمالية تعنى بالتشغيل وظروف العيش الكريم للعامل التونسي...أضحى حزبا وجبهة سياسية، لا نقابة. وفي غمز يفهمه حتى صاحب الحوافر الأربع، ذكر العباسي بضرورة استتباب الأمن، الذي غاب للتذكير على يديه منذ بدأت حكومة الثورة عملها، ثم ثنّى بأوهام المليشيات لحماية الثورة، ويعني بذلك المجتمع المدني الجديد لما بعد الثورة الذي لم يتجانس مع المجتمع المدني لما قبلها، المرسوم بأقلام ومساطر الدكتاتور. وذكر العباسي أن غياب الأمن يؤثر على الاستثمار !. ولكي يعمل الاتحاد على استتباب الأمن والاستقرار الغائب، ما على الحكومة والتأسيسي والرئاسة سوى الخضوع للاتحاد والائتمار بأمره وتبنّي ما اصطلح على تسميته "مبادرة الاتحاد". خذ وهات، خذ العنف وشلال الإضرابات، وهات خضوعا لا مشروطا، وخذ استقرارا أستطيع سحقه عبر شبكاتي ونفوذي وهات الانصياع التام، لي، نحن العباسي، ومن ورائي، الطوائف المنسية من الجماهير "الغبيّة"، في الانتخابات التأسيسية. لقد قابلت منذ أيام رجل أعمال تونسي محترم جدا، نزل البلاد منذ 2005 واستثمر فيها، وتعرض كغيره إلى جشع الطرابلسية، وبعد الثورة، استبشر خيرا وعدل عن قرار عودته إلى أوروبا، ولما تناقشت معه أخيرا عن الأوضاع، قال لي بالحرف الواحد "أنا بصدد الترتيب للهروب والانسحاب النهائي، فقد استحال العمل والاستثمار بتونس، الاتحاد يحكم البلاد والموظف بالدولة أصبح يرعد ويزبد ويهدد بالاتحاد إن وقع تذكيره بتقصيره، والقطاع الخاص مختنق حد التأكسد. الوضع لا يطاق". نعم الاتحاد "يحكم البلاد يريد أن يصوغ الدستور كما يريد من يمسك بمكتبه، وأغلبهم من تيارات مهزومة سياسيا...أصبح الاتحاد مركبا لمن لم تستطع صناديق الاقتراع إسعافه وأصبح الشعب يهدَّد بليّن الكلام في أمنه واستقراره وسيادته ... وهكذا أيها الكرام، أضحى الاتحاد حزبا سياسيا، وأضحى السيد العباسي، حضرة رئيس الجمهورية. سمعا وطاعة يا مولاي وأضع يدي في النار إن لم تكن الآن تقول، إن كتب لك أن تقرأ هذا المقال "كيف عرف هذا .. إني حلمت بهذا البارحة " لا تعجب يا سيدي فأنا "طايح" على سيدي بوسعيد".