كل الخيبات التي حدثت منذ 14 جانفي تاريخ الثورة التونسية، وكل ما تبعها من فوضى واعتصامات تسبب فيها بلا شك الاعلام الوطني بكل منابره المكتوبة والمسموعة والمرئية او بالاحرى ما يطلقون عليه اليوم «الاعلام البنفسجي»... ذات الاعلام كان وراء كل الفشل الذي عرفته الحكومات المتعاقبة.. فهو اصل الداء بل هو «السوس» الذي ينخر وما يزال «خشب نجاة» المجتمع التونسي الذي اتعبه الاعلام الوطني وانهك يومه وتسبب في انهيار قدرته الشرائية... بل ان نكسة القطاع السياحي وراءها اعلام بنفسجي خائن عرقل كل مسارات الاصلاح... وستثبت الايام القادمة ان الاعلاميين هم «قناصة» تلك الايام المشتعلة قبل الثورة وبعدها.. وقد تكشف التحقيقات ان الاعلاميين كانوا وراء تعنيف المتظاهرين يوم 9 أفريل... ما الذي تبقى.. لا شيء سوى ابادة او تهجير جماعي للاعلاميين ونقابتهم وهياكلهم المهنية تجاه مناف يختارونها ان شاؤوا... نقول هذا الكلام بسخرية مذاقها مرير فكل المتدخلين في التلفزات والراديوهات يبدؤون حديثهم ويختتمونه بشتم الاعلام والاعلاميين حتى وان كان الحديث متعلقا باللحوم الحمراء... كل المتدخلين من نواب الشعب بالمجلس التأسيسي لعنوا الاعلام والاعلاميين حتى وان كان الحديث متعلقا بجرحى الثورة... بل ان نائبة محترمة لم تتردد في وصف الاعلاميين «بالذباب».. الاحزاب بعضها في الواقع لم تنس في بياناتها نصيب الاعلاميين ضمن برامجها فهم الشماعة التي تعلق عليها كل الاخطاء وكل الخيبات بحيث تحول الحديث عن الاعلام الى «بسملة» وفاتحةُ بدء لاي تدخل حتى وان كان المنبر غير معني بالموضوع أصلا.. ضُرب الاعلام في صميمه منذ الاشهر الاولى للثورة التونسية مع حكومة الغنوشي اولا ثم كانت قمة الاستهتار واللامبالاة مع حكومة الباجي قائد السبسي الذي لم يترك سبيلا او مجالا الا وعبر فيه عن استخفافه بالاعلاميين الذين تعرضوا للاهانة الأشدّ فيما يعرف بواقعة الخارجية حيث تم عرضهم على الكلاب المدربة قبل التحاقهم بالندوة الصحفية لهيلاري كلينتون ثم تعاقبت بعد ذلك الاعتداءات على الصحفيين بالشائن من الكلام وبالعصي. كان الاعلاميون قبل 14 جانفي بعضهم وليس كلهم في الواقع كالأيتام عوقب منهم كل من تكلم او همس بصوت عال سرا او جهرا وفي اعتصامهم المشهود يوم 12 جانفي بنقابة الصحافيين كانوا بلا مساندات حزبية او حقوقية وقد حاصرهم البوليس من كل المنافذ المؤدية الى مقر النقابة.. لا احد وقتها احتج او اعلن مساندته بل ان اغلب المتحدثين اليوم في الشأن الاعلامي كانوا بعيدا يتأملون المشهد من منافيهم الأريكية. هذا اعلام بنفسجي... هاتوا البدائل ان كنتم صادقين على ان يكون البديل بلا لون.. ستفتح المزادات العلنية قريبا كما بشّرنا «الازرق» فمن يشتري لوننا العمومي البنفسجي ----- *رئيس تحرير جريدة الصحافة التونسية