اختار الاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة أن يكون احتفاله بذكرى تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل ذا مذاق متميّز هذه السنة حيث نحا وجهة تثقيفية بدعوة الأخ الطيب البكّوش الأمين العام الأسبق للإتحاد لتقديم محاضرة يوم الاربعاء 27 جانفي المنقضي حول »العلاقة بين الحق النقابي وحقوق الانسان«. واستهلت الجلسة بكلمة ألقاها الأخ مصطفى المديني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة رحّب فيها بالمحاضر وبالأخ المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل. وأكد الأخ المديني على أهمية تسلّح المناضل النقابي بالمعرفة لكي يؤدي دوره النضالي في صلب الاتحاد وعلى مستوى البلد ككل على ما يرام، وأبرز الأهمية الخاصة التي تكتسيها منظومة الحقوق النقابية والانسانية بالنسبة للعمل النقابي ومن هنا جاءت ضرورة ايلائها ما تستحق من أهمية. ثمّ أحال الكلمة الى الأخ الطيب البكوش الذي مهّد لمحاضرته بمقدمة حدّد فيها تعريفا للمفاهيم التي سترد في المحاضرة مثل مصطلح »الحق« وحقوق الانسان وتعريفاتها والمبادئ التي تقوم عليها، وعرّف أيضا معنى الحريّة وما المقصود ب »الحرّيات« وأكّد على أنّ منظومة حقوق الانسانية هي كل لا يتجزأ بحيث لو فقد مكون منها فإنّه ينعكس بالضرورة سلبا على باقي الحقوق الأخرى. وتطرّق المحاضر إلى النصوص التأسيسية التي صدرت عن المنظمات والهياكل الأممية ومن أبرزها ميثاق منظمة الأممالمتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر سنة 1948 والعهدان الدوليان المتعلّقان بالحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (سنة 1966) وكذلك الاعلانات والمواثيق والتوصيات في مختلف المجالات. وأشار إلى علوية هذه المواثيق والقوانين وعلى كونيتها فهي ليست غربية ولا شرقية ولا يمكن مواجهتها بالخصوصيات الثقافية والقومية وذلك لأنّها صبغت على يد خبراء يمثّلون مختلف الثقافات والأجناس وضُمِنَتْ كلّ ماهو مشترك وشامل للإنسانية. وتطرّق المحاضر إلى التطور الذي شهدته منظومة حقوق الانسان وظهور مفهوم الحق في التنمية الشاملة أو المستدامة وبين الاختلاف بين مفهوم التنمية هذا ومفهوم النمو الاقتصادي ومسؤولية كلّ من الفرد والدولة وكذلك المنظمات غير الحكومية في انجازه. وتخلص الى الحديث عن مسؤولية الدولة العصرية فهي لم تعد مسؤولة أمام شعبها فقط، بل أمام الرأي العام العالمي الذي يمتلك حق محاسبتها على اخلالاتها بحقوق الانسان، وذكر أنّ منظمة الأممالمتحدة هي منظمة شعوب وليست منظمة دول وهو ما يستشف من ميثاقها نفسه الذي تستهل ديباجته ب »نحن الشعوب« بينما هذا مفقود في منظمات أخرى مثل جامعة »الدول« العربية التي تكفي تسميتها للتدليل عليها. وأبرز المحاضر دور المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، وهي الطرف الثالث بعد الأفراد المواطنين والدولة في الدفاع عن حقوق الانسان وتوسيعها، وذكّر بدور هذه المنظمات والشبكات التي تمثّل المجتمع المدني في الضغط على الحكومات من أجل احترام حقوق الانسان. وأبرز في هذا المجال الدور الذي تحمّلته منظمات المجتمع التونسي والدور الذي اضطلع به الاتحاد العام التونسي للشغل داخلها باعتباره القاطرة التي تجرّ وراءها بقيّة المنظمات وقال أنّ مستقبل البلاد رهين بدور الاتحاد هذا. ودار نقاش ثريّ بين الحاضرين وطرحت تساؤلات توضيحية على المحاضر تناولت الربط بين النصوص والتشريعات والممارسة العلمية لحقوق الانسان ودور التنمية في النهوض بحقوق الانسان والعلاقة بين الاستبداد السياسي والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وممارسة المواطن لها... ومفهوم المواطنة وحقوق المواطن وواجباته في ظلّ العولمة.