قد تكون المرة الأولى في تاريخ المنظمة بل هي كذلك حسب المطلعين على تاريخ الإتحاد، قلت هي المرّة الاولى التي تنتظم فيها ندوة أو على الاصحّ ورشات عمل تهتمّ بالشأن الداخلي للاتحاد لتشريح الواقع والوقوف على بعض الهفوات والإخلالات التي لا يخلو منها أي عمل بشري فما بالك اذا تعلق الأمر بمنظمة تعدّ الالاف في مختلف المواقع والمجالات. هذه الورشة جمعت اللجان الجهوية للنظام والكتاب العامين الجهويين المساعدين المكلفين بالنظام الداخلي بالأخ علي بن رمضان الامين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي واللجنة والوطنية للنظام الداخلي لتوضيح جملة من المسائل وإنارة الرأي العام النقابي وغيره حول ما يختلج في الأذهان وما يساور البعض من أفكار... قد يكون هذا الهيكل في المنظمة أكثر الاطراف احتواء لها وتصورا لتنفيذها أو معالجتها.. وكما أشرنا الى ذلك في عدد سابق جمعت الحلقة الاولى من هذه الورشة جهات الشمال لتليها جهة الوسط والساحل ثم جهة الجنوب وقد تمكنا في المحطتين الاخيرتين من المتابعة عن قرب لاشغال هاتين الورشتين اللتين كانتا بمثابة لقاء مكاشفة صادقة وصريحة وبناءة لا «رتوش» فيها ولا مساحيق تغلف الحقائق وتخفي الثوابت بدليل ان حجم التوصيات التي صدرت فيها الكثير من الجدية والجدوى والتأسيس لغد أفضل للمنظمة وللوطن.... في المنستير كما في قابس كان الإفتتاح في ذاته مؤشرا لاهمية هذه الورشة ومبشرا بنجاحها من خلال كلمتي الاخوين سعيد يوسف الكاتب العام للاتحاد الجهوي بالمنستير والاخ عبد السلام مجيد الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بقابس حيث عبّر كلاهما عن الحاجة الملحة لهذه الندوة او الحركة التي قد يكون طال انتظارها ولكنه انتظار مدروس على ما يبدو حيث انها تأتي بعد الانتهاء من عقد كل المؤتمرات الجهوية والتي كانت (هذه المؤتمرات) محطة تزود لقسم النظام الداخلي بما من شأنه أن يكون وسيلة عمل لتناول القضايا المطروحة... ففي المنستير تجمعت اللجان الجهوية للنظام بكل جهات المنستيرسوسة والمهدية والقيروان والقصرين وفي قابس كان الموعد مع جهات قابسصفاقس وقفصة ومدينين وتوزر وقبلي وطبعا بمشاركة الكتاب العامين الجهويين المساعدين المكلفين بالنظام الداخلي وأدلى كل منهم بدلوه في تدخلات تنْضح في مجملها جدية وصدقية ونشدان الافضل... خاصة في ظلّ ما يحيط بعمل هذه اللجان من قيل وقال.. ضمن قائل انها خلايا نائمة إلى آخر يصفها بالعجلة الخامسة الى آخر يصفها ببوليس الطوارئ... الى غير ذلك من الاوصاف التي حزّت في نفس الحاج كرشود ومنعم عميرة والحبيب الطريفي الذين أثروا الندوة بتدخلات رشيقة أتت على ما يختلج في صدور الحضور من تطلّع وما يعتمل من أفكار حول صلوحيات هذه اللجنة التي من الحيف ان يختصر دورها في الجانب التأديبي الذي ماهو إلاّ مجال من مجالات نشاطها حيث لا تأخذ لجنة النظام هذه الصفة الا في الحالات القصوى اي عند تجاوز الخطوط الحمراء كالمسّ من ثوابت المنظمة أو خيانة الشغيلة أو امانة النقابيين في حين يُغْمط حقها فيما تبذله من جهد في مجالات أخرى كالمؤتمرات على سبيل المثال لا الحصر... تدخلات رشيقة إثر مداخلتي الاخوين الطريفي وعميرة فسح المجال للحاضرين فردا فردا للمساهمة والإنارة فكان الاجماع على تكثيف مثل هذه الندوات التي من شأنها ان تردّ الاعتبار لدور اللجان الجهوية الذي بدا مقرّه في المشهد النقابي العام ومزيد تفعيله بإعتبارها (أي اللجان) وسيلة للنقاش بين النقابيين ومختلف الحساسيات الفكرية. كما تساءل أحدهم عن السرّ في تغييب لجنة النظام عن المكاتب التنفيذية التي عادة ما تتناول الشأن النقابي العام... في حين تدعى للطوارئ فقط، وهو ما ذهب له أحد الاخوة مدافعا عن اللجنة حيث قال «لسنا عصا غليظة في وجه النقابيين ولسنا محكمة واذا سلمنا بذلك فاننا نجرّم من يضر بالمصلحة العليا للاتحاد» كما دعا احد الاخوة الى التصدّي لمحاولة الهيمنة السياسية على الاتحاد لافراغه من دوره وخلط السياسي بالنقابي مما أدّى إلى عزوف الشباب... وعموما فإن هذه التدخلات اعتبرت في اغلبها توصيات ستتحول لجدواها الى أمر ملزم في قادم الايام وسنأتي عليها بالتفعيل بعد أن يتم تبويبها في قسم النظام الدّاخلي... المكاشفة في تونس كما في المنستيروقابس كان اهتمام الاخ علي بن رمضان كبيرا بل لافتا جدّا لهذه التدخلات التي تراوحت بين الشكوى والعتب والرأي... وقد يكون ذلك الدافع الكبير للأخ علي ليتحدث كما لم يتحدث من قبل وليضع النقاط على الحروف.. نقاط طالما تعطش لها الرأي العام النقابي بالخصوص. ففي خصوص لجنة النظام طالب بضرورة قيام هذه الجنة بدورها وفرض نفسها كهيكل منتخب غير منصب وعليه المحافظة على صون الامانة التي أؤتمن عليها بعد اختياره عبر عملية انتخابية في كنف ديموقراطي لا يرقى له حيف وكل خلل في عملها ودورها هو اختلال للشأن الداخلي لمنظمتنا... ويضيف الاخ علي ان اللجنة هي الرقم المهم في عملية فرض القانون وصوْن الهيكل النقابي من كل تجاوز مهما كان مأتاه... هذا على المستوى التأديبي أما بقية الانشطة التي يتناساها البعض فهي كثيرة ولعلّ أبرزها متابعة نشاطات الهياكل وما يبدو عليها من نقائص على غرار ما يحدث في بعض الجامعات التي لا يجتمع أعضاؤها الاّ لماما وهو الامر ذاته في النقابات الاساسية والجهوية: وفي هذا الباب أكد الاخ علي أن التوكؤ على عصا الاغلبية سيقع القطع معه في قادم الايام حيث ان هذا التمشي له تأثير على حياة المنظمة التي لها قوانينها ومراجعها والتي لا يمكن لها بأي حال من الأحوال ان تكسّر بفعل اجماع ظرفي... وبالتالي يقول الاخ علي: أعلنها وأمام الرأي العام والصحافة النزيهة ذات المكانة عندنا، أعلنها لا أغلبية في تكسير القانون ولا رأي فوق القانون... ولا يحق لأحد مهما كان موقعه أن يؤوّل ويجتهد فهذه الأمور لها فضاءاتها على غرار المؤتمر أو المجلس الوطني.. وفي باب العلاقات بين الهياكل ألحّ الأخ علي على نقطة مهمّة وتتمثل في السريّة والحياديّة وتجنب الكيل بمكيالين لان في تعدّد المكاييل تمزيق للقانون.. وهو لعمري من المحرّمات. كما أكد على نقطة أخرى في ذات السياق وهو التزام كل طرف بدوره وصلاحياته من الكاتب العام الى النظام الداخلي الى لجنة النظام في كنف التشاور وليس التداخل. الخطوط الحمر!! الأخ علي بن رمضان شدّد في خاتمة مداخلة على ضرورة تجنب بثّ الدعايات والإنسياق وراءها في ظلّ سياسة الأبواب المفتوحة التي نتوخاها والملفات جميعا على ذمة الجميع بما في ذلك الإعلام النزيه والمسؤول.. فلا فائدة من الدخول في «بوليميك» لا ترجى منه فائدة.. على غرار هذا اللّغط حول الفصل 10 الذي من غرائب ما نسمعه أن نصرف النظر عنه حتى عندما يتعرض كاتب عام للعنف الشديد والظالم أو تتعرض أموال الاتحاد إلى الاستيلاء أو حقوق العمّال للمتاجرة.. كما دعا الأخ علي في الاخير إلى ضرورة الإقلاع عن عادة الحديث خارج أسوار الإتحاد واجتناب الصالونات المغرضة قدر الإمكان وفضاءات النقاش والتحاسب توفرها المنظمة وارتيادها حق مكتسب يرتقي الى حدّ الواجب. الأخ علي ختم بالقول «إن تشخيص حال المنظمة هو التوقّي ممّا يتهددها» مضيفا ومؤكدا على دور هذه اللجان في إحترام القانون الأساسي والنظام الداخلي ودعم المسار الديموقراطي. تغطية وتصوير