برئاسة الأخ المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم الدواوين والمنشآت العمومية بالاتحاد العام التونسي للشغل انعقد مجمع القطاع العام بإشراف الأخ الامين العام عبد السلام جراد وبحضور الاخوة الأمناء العامين المساعدين: عبيد البريكي، محمد سعد، رضا بوزريبة، فضلا عن الأخوات والأخوة النقابيين ممثلي مختلف القطاعات وفي كلمته التأطيرية أكّد الأخ الجندوبي أهمية هذا اللقاء باعتبار مكانة القطاع العام بالنسبة للجميع فهو ملف هام يتردّد باستمرار مبدأ الدفاع عنه في لوائح وشعارات مختلف الهياكل النقابية التي استقته من لوائح مؤتمر الاتحاد العام، ولأن الاتحاد كما أكّد الأخ الجندوبي من مهامه أيضا استشراف أشكال التدخل واستباق سبل التوقي فقد بادر إلى مراسلة الدوائر المعنية بملف التخصيص إثر الاخبار التي سربتها وسائل الاعلام حول اعتزام الدولة خصخصة بعض المؤسسات العمومية مع مفتتح السنة »كشركة صناعة الاطارات المطاطية« بمساكن و»معمل السكر« بباجة وفتح رأسمال مؤسسات أخرى للإكتتاب كالشركة التونسية للملاحة ومصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة، ومثل هذه النوايا والبرامج تقتضي من هياكل الاتحاد كلها إعداد استراتيجية عمل واضحة، فعدد المؤسسات التي تنوي الحكومة خصخصتها كلّيا يبلغ (116) مؤسسة ما خصّص منها الى غاية 31 ديسمبر 2009 بلغ نسبة 53٪ وما تتجّه النيّة لخصخصته جزئيا يبلغ 29 مؤسسة تمت بعد خصخصة 13٪ ، أمّا المؤسسات المزمع فتح رأس مالها، فتبلغ 10 مؤسسات منها 5 مؤسسات تمّ بها هذا الأمر الى جانب مؤسسات أخرى تدخل قائمة اللزمات وأخر ويُتّجه بها نحو التصفية ومؤسسات تدرج ضمن جدول عمليات أخرى تصبّ في حواف التخصيص. وقد أشار الأخ المولدي الجندوبي إلى أن هياكل الاتحاد كلّما خاضت نضالات من أجل الدفاع عن القطاع العام إلاّ وحققت مكاسب وتصدّت للمزيد من نوايا الخصخصة مثل التحركات الناجحة (اضرابات) التي تمت في »اتصالات تونس« فحالت دون خصخصة نسبة أخرى منها (16٪). الأخ عبيد البريكي أكّد بدوره اثناء كلمته اتّفاق الجميع على شراسة العولمة وما صاحبها من سطوة للقطاع الخاص مشيّرا الى أن انعقاد هذا المجمع هو خطوة جديدة لتدارس سبل التصدّى لمزيد من استشراء داء الخوصصة، فالاتحاد العام التونسي للشغل عند عودته بعد أزمة 85 وجد نفسه إزاء حالة عالمية واجهتها حالة من الارتباك واليوم نحن نفتقد الدراسات الاستراتيجية حول القضايا الهامة... لذلك علينا خلق حوار وطني حول مسار التخصيص والعمل على اقرار توحيد الامتيازات بالنسبة للمسرحين في حالات الخوصصة، وختم كلمته بالتأكيد على أن الأزمة المالية الحالية قامت على فساد سياسة التعويل على القطاع الخاص. ثم توالت تدخلات ممثلي مؤسسات القطاع العام من النقابيين الذين حاولوا بلورة منهاج تدخل مستقبلي للتصدي وانقاذ ما تبقى من مؤسسات القطاع العام في بلادنا وذلك من خلال تقديم أرقام مهمّة ودالة على خطورة الخصخصة وتكلفتها العالية اجتماعيا مثلما هو الحال مع معمل السكر الذي يشغّل المئات من العمّال ويعتبر علامة مميّزة لجهة بأكملها فضلا عن مواطن الشغل المتعلقة بنشاطه الرئيسي التي كان يوفرها من خلال زراعة نبتة »البتراف« التي توفر اليد العاملة والعلف والخميرة والغبار مما يوسع كتلة الأجور التي كانت تغذي منطقة كاملة ولكن ماذا سيكون المآل في حالة التفويت في كل هذا للقطاع الخاص؟ وكذلك الامر بالنسبة لقطاع الكهرباء والغاز الذي طالته الخصخصة من خلال محطة التوليد »قرطاج باور« التي »تدخل في الربح وتخرج من الخسارة« باعتبار ضغطها على الكلفة (عمّال أقل) وترفيعها في سعر البيع ب 8 مليمات للكلوات مقارنة باسعار مؤسسة »الستاغ« فالانتاج الخاص للكهرباء سيكلّف البلاد خسارة ب 80 مليار خلال 20 سنة لذلك نرى اليوم أن دولا كفرنسا وإنقلترا، قد تراجعت عن خوصصة القطاعات الاستراتيجية. ونفس مرارة الخصخصة نجدها قد طالت في بلادنا قطاعا حيويا آخر هو قطاع النقل العمومي وقطاعا ثانيا هو قطاع البناء (إسمنت، آجر، سيراميك) وحتى الوظيفة العمومية لم تسلم من الخصخصة من خلال المناولة في مختلف الوزارات... لذلك أجمع النقابيّون أن المساس بالمؤسسات العموميّة هو خطر يهدّد التشغيل والإستقرار الإجتماعي ويهدّد المنظمة الشغلية في وجودها باعتبارها تقوم على منخرطيها من العمّال. وبمرارة أشار إخوة نقابيون الى جهنميّة المخططات التي تحاك للمؤسسات العموميّة من أجل تعمّد ادخالها في نفق الأزمات ثم الإتيان بحلّ خصخصتها فقديما كانت المؤسسات الخاسرة تخصخص واليوم باتت المؤسسات الرابحة هي المستهدفة بالخصخصة في سبيل إثراء طغمة من الأثرياء الجدد... وقد توالت اقتراحات النقابيين لبلورة أشكال التحرك من خلال عقد هيئات إدارية جهوية للتعبئة وهيئات ادارية وطنية للتحرك وتخصيص أيام تحركات تحت شعارات الدفاع عن القطاع العام تكون موحّدة في مختلف الجهات، وشنّ الاضرابات التضامنيّة، فلا سبيل بعد اليوم للتعاطي الجزئي مع إشكالية عامّة من خلال تقييمات وتدخلات ومقاربات قطاعيّة أو جهويّة لإشكاليّة وطنيّة تحتاج رؤية موحّدة تنبني على دراسات دقيقة ومضبوطة تقوم بها مختلف الهياكل النقابيّة لتشريح واقع القطاعات ووضع الإصبع على ماهو حاصل وما يُدبّر في الافق من ضرب للقطاع العام تحت تسميات مختلفة (خصخصة جزئية، كلية... إفراق، مناولة)، كما اقترح بعض الإخوة العمل من أجل توضيح التشريعات المتعلقة بالأمر والنهوض بها وفتح نقاش وطني في الغرض تساهم فيه وسائل الاعلام الوطنية بغاية إشراك الرأي العام في مسألة الخصخصة التي تهمّ الجميع وليس هياكل الاتحاد فقط، هذه الهياكل التي عليها أيضا أن تنقل بعض تحركاتها إلى حيث مواطن المؤسسات التي يزمع تخصيصها من أجل الدفع المعنوي للعمّال، ومن أجل مزيد بثّ روح المقاومة والتصدّي لهذا الغول، فالقطاع العام مقوّم من مقوّمات مُواطنتنا، ولإنجاح كل هذه المقترحات اتفق الاخوة المتدخلون على أهمية توفر بنك معلومات حول معضلة الخصخصة يكون رافده الأساسي ما تعدّه الهياكل النقابية في مختلف القطاعات من تقارير وملفات.