لا شك ان البرنامج التلفزي »الحق معاك« الذي تبثه التلفزة التونسية حقق نجاحا باهرا واكتسب شعبية كبيرة لدى شرائح عريضة في المجتمع والاهم هو انه اعطى إحساسا مليئا بالامل والثقة بالنفس والاعتزاز بالوطن لعدد كبير من المواطنين وخاصة أولائك الذين تعرضوا للظلم والقهر من بني جنسهم لسنوات طويلة في وطنهم او كانوا ضحايا لعمليات التحيل او أخطاء ادارية قاتلة ارتكبها اعوان في الادارة التونسية عن قصد او عن غير قصد. وتطاوين كغيرها من بقاع العالم لا تخلو من اخطاء او مظالم رغم اننا في تونس نفخر بأن الكلمة العليا هي لسيادة القانون واحترام الحقوق ومع ذلك فإن عدد من المواطنين في ولاية تطاوين كانوا ضحايا لعدد من هذه الاخطاء الادارية المتعجلة اثناء وبعد تنفيذ بعض القوانين تعرضوا للظلم وضاقت بهم السبل نتيجة التسرع وعدم التريث، ومن بين الحالات العديدة نقف عند حالتين اثنتين في هذا الصدد. الحالة الأولى تهم أحد المواطنين في مدينة تطاوين اضطرته الظروف المادية القاسية الى بيع محل سكناه الوحيد، ورغم انه مسكنه الرئيسي والوحيد والذي يفترض ان يكون معفى من الضرائب والأداء عليه الا ان المركز الجهوي للأداءات بتطاوين رأى عكس ذلك فقام بتوظيف القيمة الزائدة العقارية دون ان يتم تبليغ المواطن بقرار التوظيف هذا ولم يتم اعلامه كذلك لأنه مطالب بدفع القيمة العقارية المضافة حيث فوجئ بصدور بطاقة إلزام بالدفع صادرة عن القباضة المالية بتطاوين. ومما زاد الطين بلة ان هذه الاخيرة اي القباضة المالية لم تقم بإعلام هذا المواطن اعلاما أوليا بالشكل القانوني المتعارف عليه عن طريق رسالة مضمونة الوصول الشيء الذي حرمه حق الاعتراض في الآجال القانونية. كما قام كذلك المكتب الاول للقباضة المالية بتطاوين بعد اصداره بطاقة الالزام تلك بتقديم اعتراض اداري على مرتب هذا المواطن المسكين وهو موظف بسيط بإحدى الادارات العمومية بتطاوين وأب لعائلة وافرة العدد... وكان بإمكانه الاستظهار بوثيقة رسمية وتقديم شهادة في مسكن رئيسي وحيد ليتم اعفاؤه من الأداء الموظف على العقار لو قام المركز الجهوي للأداءات بتطاوين بإعلام هذا المواطن بقرار التوظيف في الآجال القانونية وبالشكل القانوني. فهل يجوز ان تقوم الادارة في تونس حقا بارتكاب اخطاء شكلية وبسيطة احيانا كعدم التبليغ في الآجال وبالطرق القانونية في حق المواطنين ثم تعاقبهم بتقديم اعتراض اداري وحجز على المرتب دون اتباع الاجراءات القانونية المعمول بها في دولة القانون والمؤسسات؟ وتتمثل الحالة الثانية في قيام بلدية تطاوين مؤخرا بهدم منزل على ملك احد المواطنين دون سابق انذار أو مهلة قانونية وفي غياب صدور قرار هدم صادر عن اعلى سلطة الاشراف بالجهة وهو الوالي الممثل الرسمي لرئيس الدولة يخص المنزل المشار اليه. وتتمثل صورة الحادثة في قيام هذا المواطن بتحديد أرضه بالتراب وتنظيفها من الاوساخ في انتظار حصوله على رخصة البناء لحمايتها ولكن سرعان ما صدر عن رئيس البلدية قرارا استعجاليا يقضي بإزالة التراب واعادة الامور الى حالها حفاظا على جمالية المنطقة التي تعج بالبناء الفوضوي والعشوائي ومع ذلك التزم هذا المواطن بقرار إزالة التراب كتابيا وعبر عن استعداده لإزالة الأجزاء التي تسبب ضررا على سلامة المواطنين وتسيء الى جمالية المنطقة. وبشكل مفاجئ اقدمت البلدية على جرف كافة الاراضي المشار اليها في غياب صاحبها والأدهى من ذلك انها انتقلت بعد ذلك الى موقع اخر به مسكن على ملك نفس المواطن وقامت بدهس الحيطان وهدم الابواب والاعمدة الاسمنتية على خلفية انه بني دون ترخيص قانوني معتمدة في ذلك على قرار ازالة التراب في غياب صدور قرار هدم للموقع الجديد والتنبيه به مع احترام المهلة القانونية التي يسمح بها القانون التونسي. ومهما كانت اخطاء المواطنين في اعتقادنا وتجاوزهم للقانون فهل يعقل للبلدية او الادارة التونسية عموما والتي تمثل الدولة في هيبتها ان تنهج سياسة العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم مع المواطن العادي البسيط او مع رعاياها؟ الملاحظ ان هذه الاخطاء البسيطة والفادحة في آو واحد وهي اخطاء بشرية لا محالة ناتجة في اغلبها عن التسرع وعدم التريث في اتخاذ القرار الصائب من بعض مسؤولينا للأسف مما يدفع المواطنين الذين لم يجدوا من ينصرهم ويستمع اليهم للهروع الى وسائل الاعلام المتنوعة (تلفزة اذاعة صحيفة) او الى قاعات المحاكم المختلفة ومنها المحكمة الادارية.