على هامش أشغال اجتماع المنظمات النقابيّة العربيّة الأعضاء في الكنفدرالية النقابيّة العالميّة كرّم الإتحاد العام التونسي للشغل الصديق »ڤاي رايدر« أمين عام الكنفدراليّة وقد ألقى الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للإتحاد كلمة توجّه في مستهلها إلى الحاضرين بجزيل الشكر لحضوركم هذا الحفل البهيج الذي أُقيم تكريما للرفيق العزيز»ڤاي رايدر«الأمين العام للاتحاد النقابي العالمي الذي سيضطلع إثر مؤتمر (Vancouver) في جوان القادم بمسؤوليات دولية أخرى بعد أن قضى حوالى عشر سنوات على رأس الجامعة العالمية للنقابات الحرة، ثمّ الاتحاد النقابي العالمي. إننا اليوم نكرّم صديقا للاتحاد العام التونسي للشغل ولتونس، صديقا للنقابيين العرب وللمنطقة العربية، صديقا للنقابيين الأفارقة ومناصرا لقضايا البلدان النامية ومدافعا صلبا عن حقوق العمال في العالم. لقد عاشرنا هذا الرجل منذ عشر سنوات ولمسنا عن قرب رفعة أخلاقه وتعلّقه بالقيم الإنسانية النبيلة، وبخاصة حرصه على الانصات لمشاغل كل النقابيين في العالم فضلا عن جرأته في الدفاع عن القضايا العادلة بكامل الأمانة. وأضاف الأخ عبد السلام جرا د قائلا: لقد التقيت »ڤاي« لأول مرة في أواخر سنة 2000 بمكتبه بمنظمة العمل الدولية ب »جنيف« حيث شرحت له أهداف عملية التصحيح النقابي التي باشرناها في ذلك الوقت صلب الاتحاد العام التونسي للشغل، فأبدى من التفهم والتجاوب ما شكّل منطلقا لعلاقة شخصية وطيدة قوامها الصدق والاحترام المتبادل وقد تدعمت هذه العلاقة بينه وبين الاتحاد العام التونسي للشغل عندما حضر مؤتمرنا الوطني التصحيحي بجربة سنة 2002 بعد أسابيع من توليه مسؤولية الأمانة العامة للكنفدرالية العالمية للنقابات الحرة. في جربة تعرّف »ڤاي« على النقابيين التونسيين وقد شدّته أجواء التنافس الانتخابي والتنوّع الفكري والسياسي داخل منظمتنا، كما أبى »ڤاي« إلا أن يشاركنا مؤتمرنا الموالي بالمنستير سنة 2006 تأكيدا للعلاقة المتينة التي جمعته بالمنظمة النقابية التونسية، وقد ترسخ هذا الرصيد من التفاهم والمودّة خاصّة في اللقاءات الدورية التي جمعتنا في» بروكسال« بمناسبة اجتماعات الهياكل المسيرة للجامعة العالمية للنقابات الحرة ثم الاتحاد النقابي العالمي وكذلك في »جينيف« بمناسبة الدورات السنوية لمنظمة العمل الدولية. وفي كل تلك المناسبات وغيرها من اللقاءات كان »ڤاي« حريصا على ملاقاة الوفد التونسي والتحادث معه لتبادل وجهات النظر حول الأوضاع النقابية بتونس وبالمنطقة العربية وإفريقيا وهي لقاءات سادتها دوما اجواء من المودة والصراحة، ولم أِشعر يوما بأي حرج في التعبير عن رأيي، بل كان »ڤاي« كعادته منصتا لمشاغلنا وهادئا في النقاش وحريصا على تدوين كل الأفكار والمناقشات لمتابعة انجازها. وبالمناسبة فإني أتوجه إليه بجزيل الشكر لما لمسناه لديه دوما من رحابة صدر وتقدير لما تتصف به وجهات نظر الاتحاد العام التونسي للشغل من رصانة ومصداقية والتزام بمبادئ العمل النقابي الحر سواء بتونس أو بالمنطقة العربية أو على صعيد القارة الإفريقية عموما. تجاوب غير مسبوق ولقد شكّل هذا التجاوب أحد العناصر الهامة في العلاقات المتميزة التي أقامها »ڤاي« مع المنطقة المغاربية والعربية وإفريقيا حيث حضر تقريبا كل المؤتمرات الإقليمية ومنها مؤتمرات الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي والمنظمة الجهوية الإفريقية إلى جانب مشاركته في العديد من التظاهرات التي انعقدت مغاربيا وعربيا وإفريقيا وغيرها من الأنشطة المرتبطة بمنظمة العمل العربية والهيئات الإفريقية المختصة. إن المجال لا يسمح بحديث مفصّل عن الروابط المتينة التي أقامها »ڤاي« مع نقابات الجنوب، لكني أودّ الإشارة إلى العلاقات المتميزة التي جمعته بالنقابيين العرب وبالمنطقة العربية عموما. لقد شهدت الحركة النقابية العربية تحوّلات هامة في العشرية الأخيرة وكان »ڤاي« إلى جانبنا في مجمل هذه التحوّلات التي غيّرت إلى حدّ كبير المشهد النقابي العربي من خلال بروز منظمات نقابية تؤمن بالمبادئ النقابية العالمية وتناضل في سبيل الحريات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بما دعّم مكانة الحركة النقابية العربية إقليميّا ودوليا. لقد اقتحمنا معا بلدانا كان فيها العمل النقابي محرّما كما وقفنا معا إلى جانب أشقائنا النقابيين في كثير من الأقطار العربية لدعم استقلالية قرارهم ومساندة نضالاتهم الاجتماعية، وفي كل الظروف وجدنا »ڤاي« سندا قويا للمواقف الداعية صلب الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب إلى ترسيخ الحرية النقابية بالمنطقة العربية. وبما أن نضالنا كنقابات عربية لا يقتصر على قضايا العمل والتنمية وإنما يشمل التحديات الناجمة عن الاحتلال، فلقد وجدنا لدى »ڤاي« كل الدعم والمساندة لقضايانا العربية العادلة، وبهذه المناسبة لا يسعني إلا أن أحيّي شهامة هذا الرجل في دفاعه الثابت عن مبادئ الشرعية الدولية. لقد رفع »ڤاي« صوته وصوت الاتحاد النقابي العالمي عاليا للتنديد بغزو العراق وشجب العدوان الإسرائيلي على غزة وأدان جدار الفصل العنصري وسياسات الاستيطان كما زار الأراضي المحتلة مرات عديدة للتعبير عن تضامنه مع العمال الفلسطينيين وحركتهم النقابية ومطالبة بإنهاء الاحتلال والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. تصريحات جريئة لقد التقى »ڤاي« الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وهو محاصر في رام الله مؤكدا وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني في كفاحه العادل وظلّ بتصريحاته الجريئة وتقاريره الدورية التي يعرضها على الهياكل المسيرة للمنظمة النقابية العالمية يتابع عن كثب الأوضاع بالأراضي المحتلة ويدعم اتحاد عمال فلسطين، ولم يشعر وفد الاتحاد العام التونسي للشغل في أي مناسبة سواء في اجتماعات »بروكسيل« أو في المؤتمرات النقابية العالمية بأي ضيق وهو يدافع بحزم عن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وكافة القضايا العربية العادلة، بل وجدنا لدى »ڤاي« كل التسهيلات للتعبير عن آراءنا بكامل الحرية بما مهّد الطريق أمام المنظمة النقابية العالمية لإصدار لوائح مؤيدة للقضية الفلسطينية وللقضايا العربية العادلة وبخاصة في مؤتمريها المنعقدين ب »اليابان« و»فيانا« علاوة على مشروع لائحة السلام التي ستعرض على مؤتمر (Vancouver) والتي نعتبرها مكسبا هاما للنقابات العربية ودعما صريحا لنضالها من أجل دحر الاحتلال الإسرائيلي والأجنبي عن الأراضي العربية. وأضاف الأخ عبد السلام جراد قوله: لقد نجح الصديق »ڤاي رايدر« بامتياز في امتحان توحيد الحركة النقابية العالمية وكان بمثابة المهندس لمسار التوحيد الذي توّج بتأسيس الاتحاد النقابي العالمي في سنة 2005 ، هذا الاتحاد الذي يستعد لعقد مؤتمره العالمي الثاني بعد أسابيع مما يؤكد نجاح »ڤاي« في كسب رهان الوحدة وقدرته على توسيع العائلة النقابية العالمية في إطار وفاق نقابي عالمي ينبني على التضامن بين مختلف النقابات برغم اختلاف مشاغلها في بعض الأحيان. كما توفق »ڤاي« بفضل اتزانه وتفتحه على جميع الآراء في خلق توازن بين نقابات الشمال ونقابات الجنوب وكذلك بين ما يسمّى بالنقابات الكبيرة والنقابات الصغيرة، فضلا عن اهتمامه الخاص بقضايا العمال ببلدان الجنوب وبمشكلات التنمية بالقارة الإفريقية. شهادة تقدير لقد أردنا اليوم تكريم الرفيق »ڤاي رايدر« لا من باب المجاملة وإنما هي شهادة تقدير من الاتحاد العام التونسي للشغل ومن النقابات العربية لهذا المناضل الذي التزم طيلة مسيرته على رأس المنظمة النقابية العالمية بالمثل النقابية النبيلة واضطلع بمسؤولياته بكامل التواضع، متحليا بروح التسامح والتفتح، مصغيا إلى جميع الآراء وثابتا في الدفاع عن قضايا الحق والعدل. ولعل ما لفت انتباهي وانتباه الجميع هذه الأيام هو أن »ڤاي« يواصل بنفس العطاء والحماس إعداد المؤتمر القادم وتأمين كل أسباب نجاحه وهو يعلم أنه سيباشر مسؤوليات جديدة فور انتهاء هذا المؤتمر مما يعكس رفعة أخلاقه وإخلاصه في أداء الواجب. سنلتقي أيها الصديق العزيز بعد أسابيع في (Vancouver) لا لتوديعك وإنما لنتمنى لك النجاح في مهامك الجديدة، تحدونا ثقة كبيرة في أننا كسبنا صديقا كبيرا سيظل مخلصا على الدوام للمبادئ النقابية، صديقا وفيا للاتحاد العام التونسي للشغل وللنقابات العربية ومدافعا صلبا عن مصالح إفريقيا وبلدان الجنوب. وفي خاتمة كلمته قال الأخ عبد السلام جراد للصديق »رايدر«: »نأمل أن نراك مرّات أخرى في تونس، متمنيا لك، باسم مناضلي ومناضلات الاتحاد العام التونسي للشغل ونيابة عن المنظمات النقابية العربية دوام النجاح والتوفيق«.