«فلا الصمت فاتحة البلاغات القديمة!!! ولا القول مجترح بياض النصوص كما نشتهي» ❊ نور الدين الشمنقي »الشوارع لا تدور كما نشتهي!!!« عنوان مجموعة الشاعر صاحب خطو الظل نور الدين الشمنقي صدرت عن دار آفاق للنشر اخر صيف لآخر سنة في الألفية الثانية وهي تمتد على مساحة ورقية تقارب التسعين صفحة موشاة بصورة تشكيلية على الغلاف لمحمد بن طبيب وتحوي خمس عناوين لكل منها مجموعة من القصائد تدور في نفس المناخ تقريبا. ان المتأمل مساحة النص الشعري في تونس في فترة التسعينات وزخم المجموعات التي وطئت الذوق القرائي او حاولت النفاذ الى المدونة الشعرية التونسية يلحظ دون شك موجة جديدة توسلت الثورة على الارث الشعري السابق بشتى الطرائق من الالتجاء الى التقاطع مع نصوص شعرية برانية الى الانغلاق والعود الى الماضي السحيق واحياء القصيد العمودي الى التهافت وانتاج نصوص هي مزيج لتجارب ومدارس ورؤى مختلفة. ولئن جاءت بعض القصائد المتناثرة هنا أو هناك ببعض الجدّة وعمّقت الشعور بوجود أزمنة ما في الماضي الشعري التونسي فإن تلك المحاولات ترقى الى مستوى التأسيس وذلك ان جل الشعراء قد انخرطوا في ألاعيب النص وجمالية الشكل كردّ على ما يسمى لامتهانا ب »شعر الايديولوجيا«، فجاءت أغلب النصوص الشعرية مدرسية ميّتة لا طعم فيها ولا رائحة واصبح بعض الشعراء محل تندر المثقفين والمتعملين وضاع بريق الشعر عند الناس وتهاوى صرح الشاعر كأحد رموز الذات الانسانية التائقة الى التمرّد والتجدّد والانفعال. نور الدين الشمنقي دخل هاته المساحة في أوج مصالحة النص الشعري التونسي مع اللامعنى وأصدر مجموعته الاولى في 1996 وها هو الآن يصدر هذه المجموعة التي تنبئ من خلال عنوانها بصرخة اخرى مخالفة للمألوف التسعيني متصالحة مع الماضي إذن؟ لسنا نعلم ذلك تماما لأن الصرخة قد انفجرت عارية في العنوان وستختفي داخل القصائد وراء جمل وتراكيب مواربة، هل هي المصالحة اذن مع الشعر التسعيني؟ لسنا نعلم ذلك ايضا. »وإنّا نظل حيارى كلما نقف« ص 35 م . ش، والنص الذي لا يستوقف قارئة، لا ينفث فيه سمّ السؤال اي سمّ المعنى يظلّ نصا من انتاج القارئ قبل قراءته اي نصا مألوفا ويتحول الى نص متعلق لا معنى فيه للآخر فهو يعني كاتبه فقط ينتهي معناه على الورقة قبل ان يجف الحبر.