الكشف عن مصنع عشوائي للصلامي وحجز مئات الكيلوغرامات..#خبر_عاجل    رضا الشكندالي: "تعطّل كامل لمحرّك الصادرات وتراجع كلفة الدعم بفعل انخفاض الأسعار العالمية وسياسة التقشّف"    لماذا يضعف الدينار رغم نموّ 3.2 بالمائة؟ قراءة معمّقة في تحليل العربي بن بوهالي    "يوتيوب" يحظر حساب مادورو    مسؤول إيراني: لم نصنع سلاحا نوويا حتى الآن لكننا نمتلك القدرة على تصنيعه    تركيا تعتزم إرسال مركبتين إلى القمر في عام 2029    "كنز القدس" يثير غضب إسرائيل.. وأردوغان يرفض تسليمه    عاجل: تأخير وإلغاء رحلات جوية بسبب هجوم إلكتروني    عاجل/ عقوبة سجنية ضد الشاب الذي صوّب سلاحا مزيّفا تجاه أعوان أمن    طقس اليوم: أمطار متفرقة في هذه المناطق    بعد موجة من الانتقادات.. إيناس الدغيدي تلغي حفل زفافها وتكتفي بالاحتفال العائلي    وكالة إحياء التراث تحتفي باليوم العالمي للغة الإشارة تحت شعار "حتى التراث من حقي"    منزل وزير الصحة الأمريكي يخضع للتفتيش بعد إنذار    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    أمين عام الأمم المتحدة.. العالم يجب ألاّ يخشى ردود أفعال إسرائيل    نفذته عصابة في ولاية اريانة ... هجوم بأسلحة بيضاء على مكتب لصرف العملة    في عرض سمفوني بالمسرح البلدي...كاميليا مزاح وأشرف بطيبي يتداولان على العزف والقيادة    تتويج مسرحي تونسي جديد: «على وجه الخطأ» تحصد 3 جوائز في الأردن    استراحة «الويكاند»    صفاقس شاطئ الشفار بالمحرس..موسم صيفي ناجح بين التنظيم والخدمات والأمان!    توقّف مؤقت للخدمات    ميناء جرجيس يختتم موسمه الصيفي بآخر رحلة نحو مرسيليا... التفاصيل    مع الشروق : العربدة الصهيونية تحت جناح الحماية الأمريكية    وزارة الدفاع تنتدب    28 ألف طالب يستفيدوا من وجبات، منح وسكن: شوف كل ما يوفره ديوان الشمال!    هذا ما قرره القضاء في حق رجل الأعمال رضا شرف الدين    عاجل/ المغرب تفرض التأشيرة على التونسيين.. وتكشف السبب    رئيس "الفيفا" يستقبل وفدا من الجامعة التونسية لكرة القدم    عاجل/ عقوبة ثقيلة ضد ماهر الكنزاري    الاتحاد الدولي للنقل الجوي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ مشاريعها ذات الصلة    عفاف الهمامي: أكثر من 100 ألف شخص يعانون من الزهايمر بشكل مباشر في تونس    رابطة أبطال إفريقيا: الترجي يتجه إلى النيجر لمواجهة القوات المسلحة بغياب البلايلي    الترجي الجرجيسي ينتدب الظهير الأيمن جاسر العيفي والمدافع المحوري محمد سيسوكو    البنك التونسي للتضامن يقر اجراءات جديدة لفائدة صغار مزارعي الحبوب    عائدات زيت الزيتون المصدّر تتراجع ب29،5 بالمائة إلى موفى أوت 2025    أكثر من 400 فنان عالمي يطالبون بإزالة أغانيهم من المنصات في إسرائيل    مصر: أب يقتل أطفاله الثلاثة وينتحر تحت عجلات قطار    قريبا: الأوكسجين المضغوط في سوسة ومدنين... كيف يساعد في حالات الاختناق والغوص والسكري؟ إليك ما يجب معرفته    عاجل: تونس تنجو من كارثة جراد كادت تلتهم 20 ألف هكتار!    بعد 20 عاماً.. رجل يستعيد بصره بعملية "زرع سن في العين"    توزر: حملة جهوية للتحسيس وتقصي سرطان القولون في عدد من المؤسسات الصحية    10 أسرار غريبة على ''العطسة'' ما كنتش تعرفهم!    مهذّب الرميلي يشارك في السباق الرمضاني من خلال هذا العمل..    قريبا القمح والشعير يركبوا في ''train''؟ تعرف على خطة النقل الجديدة    نقابة الصيدليات الخاصة تدعو الحكومة إلى تدخل عاجل لإنقاذ المنظومة    أغنية محمد الجبالي "إلا وأنا معاكو" تثير عاصفة من ردود الأفعال بين التنويه والسخرية    حملة تلقيح مجانية للقطط والكلاب يوم الاحد المقبل بحديقة النافورة ببلدية الزهراء    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    البطولة العربية لكرة الطاولة - تونس تنهي مشاركتها بحصيلة 6 ميداليات منها ذهبيتان    بطولة العالم للكرة الطائرة رجال الفلبين: تونس تواجه منتخب التشيك في هذا الموعد    في أحدث ظهور له: هكذا بدا الزعيم عادل إمام    شركة الفولاذ تعتزم فتح مناظرة خارجية بالملفات لانتداب 60 عونا    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    سعيد: "لم يعد مقبولا إدارة شؤون الدولة بردود الفعل وانتظار الأزمات للتحرّك"    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين دقّة الصحفي وجموح الفنّان
نوارس غريبة.. ومرافئ مضرجة..» لسليمان بن يوسف
نشر في الشعب يوم 26 - 06 - 2010

سليمان بن يوسف الأمين، قرر على غير عادة الصحفيين أن يستبد بالقلم ويعانق الورق لا للحديث عن الاخرين ونقل اخبارهم واحوالهم واحلامهم وآمالهم، وانما ليكتب نفسه ذاته قصة في الحياة بكل تفاصيلها.
هل تراه القلم استبد به والورق حاصره ليرغمه على كتابة اعترافاته؟ أم هي تداعياته الصحفية وهواجسه الابداعية التي لم تستطع صرامة العمل الصحفي الميداني واليومي ان تخمدها في داخله.
اعمال روائية عدة استغرقتها هذه التداعيات، التي لطالما تخمرت في ذاته المبدعة وشخصيته القلقة.
الكتاب الذي بين أيدينا لسليمان بن يوسف، عبارة عن مجموعة من الروايات جمعها الكاتب والصحفي في مجلد واحد، وهي على التوالي «عبير الدفلى»، «اهواك حلق الواد»، «أيام الكركدن» و «نرجس أو خيوط الشمس»، ولعل خصّ الكاتب هذه الروايات الأربع بكتاب يعود الى رؤية قد يشترك فيها معه كل من قرأ هذه الروايات وهي كونها أقرب ما يكون الى أدب «السيرة الذاتية» الذي يميل الى التداعيات الحرّة والخواطر التي تحاول استعادة الصور التي ترسبت في ذاكرة الكاتب، وهو في نقله للأحداث لم يكن يكتفي بمجرد التوثيق وانما اعتمد ثنائية «المرجعي والمتخيل».
الواقعي بشخوصه وأحداثه وزمانه ومكانه والمتخيل الذي اتخذه الكاتب جسرا لترميم ما ضاع من تفاصيل في الذاكرة، ومدخلا لتسجيل هواجسه وانطباعاته وأحاسيسه ومشاعره وأفكاره ومواقفه في علاقة بالزمن التونسي الممتدّ منذ طفولته في حلق الوادي الى الحاضر بكل مشاغله وتعرجاته وصولا الى آفاق المستقبل الواعدة والمخيبة، المبشرة والمترددة الحائرة.
يقول الكاتب في تمهيده لرواية «عبير الدفلى» : «انها جولات مدّ وجزر.. كرّ وفرّ... فيها جهد الحياة وشوق الشباب وذكريات الطفولة.. وشقاوة الواقع وآلام الحقيقة وصدماتها المريرة.. وكان فيها مبدأ الهم وأصل المأساة واستقبال المصير».
أما روايته الثانية «أهواك حلق الوادي» فيقول في توطئتها : «الى كل ابناء حلق الوادي، ومن أحبوها ومن مروا بها يوما، ويحاولون استعادة الذكرى».
أما ثالث الروايات «أيام الكركدن» فيصدرها الكاتب بقولة للمنفلوطي اقتطفت من العبرات يقول فيها «الى الاشقياء ربما المقصود المبتلون مثلي بداء / حب الصحافة والتمسوا دواءهم فيها... علهم يجدون في بكائي عليهم تعزية وسلوى»، وتبقى رواية «نرجس أو خيوط الشمس» متفردة عن باقي الروايات الثلاثة بشكلها ومضمونها وبتمهيدها الذي اختاره الكاتب منفتحا على الشعر: قصيد الأول غنائي لطالما تردد على أفواه جيل الثمانينات «خيوط الشمس» اما القصيد الثاني فلماجد عيطان يتغنى فيه بالنرجس:
«يا زهرة النرجس
لا تخرجاني ودعاني أعيش
بين وريقات زهرة النرجس»
محاولات روائية تستحق النظر لا شك، احتوى عليها هذا الكتاب. حاول من خلالها الصحفي والكاتب والشاعر سليمان بن يونس، في جرأة غير مسبوقة على الكتابة الروائية بإسهاب في ساحتنا الثقافية ان يدخل غمار أدب «السيرة الذاتية» لا بوصفها منطوية على ذاتها تحاول الولوج الى عوالم ومتاهات ذات الكاتب الباطنية وحل شفرتها النفسية واستنطاق افكارها واحلامها بقدر ما كانت «سيرة ذاتية» منفتحة على محيطها الاجتماعي حريصة على نقل الهواجس الجماعية لأفراد عايشوا الكاتب وأثروا فيه وكان لهم الفضل في نحت شخصيته وتأثيث ذاكرته وبلورة رؤاه فأحبهم وأحبوه وأخلص لهم في كتاباته.
ولعل لغة الروايات الاربعة التي نزعت نحو البساطة وجمعت في توليفة عجيبة بين اللغة الفصحى والعامية ممزوجة بالفرنسية أرادت أن تحاكي لغة المجتمع التونسي، كما انها لغة بعيدة عن التكلف والتصنع مسكونة برغبة لا تقاوم في القبض على «رأس الخيط» الذي يصلها بالحقيقة الموضوعية كما هي من دون تزيّد أو «ريتوشات».
كان الصحفي في سليمان بن يوسف، يسير جنبا الى جنب مع المبدع والكاتب على إمتداد الروايات الأربعة يحد من ميوله الجامح نحو الخيال، ويعيده الى الواقع اليومي المعيش والعامر بالحياة، لذلك فمن الطبيعي ان تسحرنا هذه التجارب الروائية وتأسرنا لمعايشة عوالمها الداخلية التي تشبهنا في أدق تفاصيل حياتنا اليومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.