نظمت المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس يوم الجمعة الفارط أربعينية الفقيد الاستاذ والنقابي محمد المزغوني، ولقد حضر هذا الموكب المؤثر جميع مكونات المدرسة وأصدقاء الفقيد وعائلته. حيث تداول على الكلمة كل من الأستاذ شهاب بودن مدير المدرسة والأستاذ محمد البقلوطي والأستاذ أحمد بوعزي والسيد فتحي المزغوني أخ الفقيد والأخ محمود بوحفص الكاتب العام للنقابة الاساسية للمدرسة والأستاذ رفعت الشعبوني كاتب الدولة للبحث العلمي للتذكير بمناقب ومساهمات الفقيد محمد المزغوني، كأستاذ، كباحث، ككاتب عام مساعد للنقابة الاساسية، كأب، كأخ، كصديق، كمناضل.... وفيما يلي نص مداخلة الأخ محمود بوحفص. نلتقي اليوم لإحياء ذكرى فقدان عزيز علينا أستاذ متميز أخ حنون ورفيق مناضل. كان محمد المزغوني رحمه الله أحد الأساتذة الذين ساهموا طوال حياتهم المهنية في تطوير أداء المدرسة الوطنية للمهندسين والرفع من مكانتها. لقد ساهم في إرساء تقاليد محمودة صلب المدرسة والجامعة التونسية عموما إذ لم يدخر جهدا في دعم و مساندة كل المبادرات في هذا الاتجاه. لا يفوتني اليوم ونحن نحيي أربعينية الفقيد أن أعدد مناقبه وأذكّر بالمحطات والمكاسب التي ساهم فيها: لقد عودنا الفقيد بمشاركته الفعالة في كل نشاطات المدرسة في مختلف المراحل التي مرت بها منذ انتدابه بالتعليم أوائل السبعينات. لقد كانت له إسهامات ثرية في مختلف تلك المراحل إذ لم يدخر جهدا لإيجاد الحلول والبدائل وتشريك مختلف الأطراف في إطار من الاحترام والشفافية لقناعته الراسخة بأن النجاح مرهون بمشاركة الجميع و وحدة الصف. لقد كان موضوعيا وإيجابيا في تعامله مع مختلف المشاكل، كان يصغي للجميع ويتقبل كل الأراء والمقترحات برحابة صدر الأستاذ وعطف الأب وتفهم الصديق. لقد علمنا الفقيد أهمية احترام الآخر بعيدا عن التصنيفات الفكرية والنخبوية. كان يبني بالحب والاحترام والاختلاف بناية وبنية نتعايش فيها اليوم بنفس المبادئ التي نذر لها الفقيد الجزء الأكبر من حياته. كان الأخ محمد محل احترام وتقدير داخل الجامعة و خارجها منطلقه ومنتهاه حب العمل وتشبثه بعمومية الجامعة التونسية. كان أستاذا نشيطا ومناضلا صلبا لم تقهره الصعاب بل زادته صلابة و مسؤولية. هكذا كانت حياته حافلة بالانجازات مفعمة بالحب مليئة بالدروس والعبر. لم تغير السنوات من سلوك الفقيد بل زادته إيمانا وإحساسا بثقل المسؤولية وأهميتها وقد اكتشفناه في جانب آخر عندما تحمل مسؤولية إدارة قسم الهندسة الصناعية فكان قريبا من الأساتذة والموظفين والطلبة حريصا على مد يد المساعدة والنصح، وكم كان تأثره لبعض النتائج السلبية لبعض الطلبة. كان الفقيد مناضلا نقابيا ملتزما فهو أحد مؤسسي النقابة الأساسية بالمدرسة مؤمنا بالحوار وملتزما بالديمقراطية وبحقوق الانسان، من مدرسة هاجسها الموضوعية والوسطية والحوار مع الرفاق والخصوم أيضا. كان على نفس الدرجة من المسؤولية في عمله و في انتمائه وانخراطه في العمل النقابي صادقا مخلص وغيور. كان رمزا من رموز النضال النقابي بالجامعة وميثالا يحتذي به في الصدق والاخلاص. رحم الله الفقيد لن ننساه أبدا ولن ننسى المبادئ والقيم السمحة التي غرسها فيها والتي ناضل من أجلها طوال حياته. إن فقدان أستاذنا وأخينا محمد خسارة لأننا سنفقده دوما وسنتذكره للأبد. لقد رحل عن الدنيا لكنه مستقر في القلب وخالد في الذهن. رحمه الله الفقيد وأسكنه فراديس جنانه وألهمنا وذويه جميل الصبر والسلوان