تحت عنوان »إن بعض الظن إثم« كتبت للجامعية الأستاذة ألفة يوسف مقالا تحدثت فيه عن التعليم في تونس بصفة عامة و بالتحديد عن نتائج امتحان الباكالوريا و ما أفصحت عنه من نسب لا يمكن أن نقول بالاعتماد عليها إلا أن التعليم في بلادنا بخير و إنه تمكن من بلوغ درجة عالية من الجودة... كيف لا بعد أن أصبح من الممكن الحصول على معدل 21 من 20 كما أعلنت صاحبة المقال عاليا عن توبتها و اعترفت بذنبها و خطئها و أنها قد أثمت إذ أساءت النية بمستوى التعليم في بلادنا و انضمت إلى حزب المصفقين و المهللين والمزغردين والمطبلين بعد أن علمت بأن البلاد سائرة في طريق الجودة في تعليمنا الذي نعرفه جميعا. لا يخفى على أحد أن صاحبة المقال قد اختارت أسلوب السخرية و التهكم في حديثها عن نسب النجاح في امتحان الباكالوريا و عن مستوى ناشئتنا التي بلغت »ناصية اللغة« و هذا الاستنتاج لا يتطلب أن يكون قارئ المقال ذا ذاع وذراع مختصا في حل الرموز و فك الطلاسم و لكن ما يشد القارئ أن هذا الأسلوب المعتمد في المقال لم تكن غايته السخرية أو الهدف منه الاستخفاف بمستوى التعليم في بلادنا انبرت فيه صاحبة المقال وهي تحلق في الفضاء أو تطل من شرفات برجها العاجي كي تتشفى وتستهزئ و لكننا على يقين بأن السيدة ألفة يوسف قد اتخذت هذا الشكل لتطفئ به نار الغيرة على بلادها و اللوعة على المستوى الذي وصل إليه التعليم في بلادنا عند شريحة كبيرة من المتعلمين في مختلف المستويات و على سبيل المثال لا الحصر نسبة الأصفار التي فاقت المئات في مادة الفرنسية و الأنقليزية سواء في مناظرة السنة التاسعة أساسي أو امتحانات الباكالوريا و حيرة المصححين أمام تحارير المترشحين لا على المستوى اللغوي و الفكري الهابط فقط و إنما لوجود اللغات الثلاث في نفس التحرير خاصة و أن صاحبة المقال لا تكتب من فراغ بل هي تعايش الطلبة وتختبر مستواهم كل يوم و تقارن ذلك بين سنة و أخرى و هي كذلك على علم تام بعزوف الطلبة و التلاميذ عن المطالعة مما أدى إلى قصورهم على مستوى اللغة و التعابير في العربية و لا تسل عن ضعفهما في الفرنسية و الأنقليزية و الأدهى من ذلك و الأمر أن نلمس ذلك الضعف الفادح و المستوى المتدني في صفوف طلبة الآداب. إنما جاء في مقال الجامعية ألفة يوسف تدعو من خلاله و بطريقة غير مباشرة إلى وقفة حازمة لا تتهم فيها أي طرف و إنما تنادي فيها برص الصفوف و التفاف كل من له علاقة بالمنظومة التربوية بعضهم ببعض حتى يعيدوا للمدرسة التونسية و جامعتها مستواها الأكاديمي الذي كان ذائع الصيت في الشرق و الغرب مما كان يخول لأبنائها الطلبة ولوج أي جامعة كبر شأنها في العالم و الفوز بنتائج مشرفة. إن مقال الأستاذة ألفة يوسف يحكي بين سطوره بأن العبرة ليست في الأعداد المضخمة و النسب العالية و لكن الأهم هو الحفاظ على المستوى التعليمي و الثقافي لناشئتنا فلا تغرنا العشرون و الواحد و العشرون لأن الزبد يذهب جفاء و ما ينفع الطلبة و الناشئة هو ما يتلقونه من تكوين جدي يجمع بين التشبع باللغات حتى يجيدوا استعمالها و بلوغ ناصيتها لم لا و بين بناء فكر يحلل و يستنتج و يؤلف؟