سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التركيز على العلوم الانسانية والفلسفة في مناهج التدريس وإعداد اجراءات ضرورية للحفاظ على مكانة المرأة الرئيسة المديرة العامة لديوان الاسرة والعمران البشري الدكتورة: نبيهة ڤدانة للشعب:
بثقة العارف وإيمان الواثق وتواضع المدرك كانت الدكتورة نبيهة ڤدّانة الرئيسة المديرة العامة لديوان الأسرة والعمران البشري تواجه حيرة سؤالي عن مكانة المرأة التونسية بعد أكثر من خمسين سنة على صدور مجلة الاحوال الشخصية وبعد ما يقرب من 45 سنة على انطلاق تدخلات الدولة في مجال الصحّة الانجابيّة. ❊ ماهي ملامح الفترة القادمة لتدخلات ديوان الاسرة بعد كل هذه العقود من العمل لفائدة النساء التونسيات وكيف كانت نتيجة كل هذه السنون؟ من أهمّ الأدوار التي اضطلع بها ديوان الأسرة والعمران البشري هو المساهمة في رسم السياسة السكانية في تونس ووضع البرنامج الوطني للصحة الانجابية الذي عرف مراحل عديدة كان أوّلها برنامج التنظيم العائلي الذي بلغنا به نسبة عالية من التحكم في تزايد السكان وشملت تدخلاته كل المناطق والفئات ممّا جعلنا نبلغ انخفاضا ملحوظا في المؤشرات السكانية ومن تحقيق بعض الاستقلالية للمرأة بتخليصها من الاعباء المتزايدة ممّا حتّم علينا التفكير في مجالات جديدة تهم صحة الاسرة ومنها الإهتمام بالشباب لذلك وضعنا برنامجا هاما انطلق منذ سنة 1997 وهو اليوم في جزئه الثاني، وهو يتوجه الى الشباب من الجنسين لأن عدد غير المتزوجين بين هذه الفئة اكثر من عدد المتزوجين لذلك رأينا الاحاطة بهم في مجال الصحة الجنسية من أجل حياة جنسية مسؤولة وذلك دون حثه على خوض هذا المجال ولكن الحدّ من أضراره بالتوعية وذلك عبرنشر مبادئ الإمتناع والوفاء وشرح وسائل الوقاية... ونحن في تونس لدينا من الشجاعة ما يكفي لمواجهة ما يطرأ على مجتمعنا من تغييرات وتأطير شبابنا وحمايته من الاخطار من خلال تربيته على قيم احترام الذات وقداسة الجسد وترك ما من شأنه المساس بحرمة جسده كالتدخين والجنس والكحول والمخدرات والعنف لاننا لاحظنا أنّ هناك قلة وعي بهذه المخاطر لذلك رأينا أن نتوجه الى الشباب والانصات له وخاصة في المناطق الاقل حظا ولدى الفئات الاقل تعليما بغاية أن يحترم الشباب ذاته ويثمنها فنحن نعدّه حتى يتحكم في نفسه ويكون هو سيّدها وفي المستقبل ينصبّ اهتمامنا على تمكين النساء والنهوض بواقعهن الاقتصادي. ❊ وكيف تفاعلت نساء تونس مع ما قُدم لهنّ؟ نساء تونس من مختلف الشرائح واعيات أن لديهن في مجلة الاحوال الشخصية وفي باقي القوانين حماية، وقد بتن يتصرفن بتوازن اليوم وما حققناه في مجال تعليم النساء خير دليل على نجاح رهاناتنا في تونس... ومازالت جميع الاطراف تعي أهمية مسؤولياتها ودورها في تجاوز النظرة الدونية للمرأة ولكننا بتنا نرى للأسف تيارات سياسيّة تدّعي أنها تتركز على الدين بغاية اكتساح بعض المجالات واستهداف بعض المكاسب التي تحققت للنساء ونحن اليوم نعمل مع وزارة الشؤون الدينية للمحافظة على هذه المكاسب وتطويرها بل وتحقيق القفزة المرجوّة لتبلغ المرأة أعلى المراتب... ❊ كيف تنظرين لمكانة المرأة اليوم وغدا؟ أراها بخير.. ولكن علينا تكثيف العمل مع كل الاطراف المتدخلة، والعمل مع الشباب في السنة الوطنية والدولية للشباب، إذ ينتظرنا عمل دؤوب من أجل تحقيق أهداف المشروع المجتمعي الجديد الذي يتركز على القيم التي تثبّتُ مكانة المرأة... هناك عمل مطلوب في مستوى وزارة التربية ووزارة التعليم العالي: علينا تثبيت قيم الحداثة من خلال برامج التدريس وعلى هذه الوزارات تشريك وزارة المرأة لوضع برامج وملامح المرحلة القادمة.. ونحن لدينا المؤسسات والاليات الكفيلة بهذا... والاهتمام بالحفاظ على مكانة المرأة لا يجب أن يبقى حكرا على كبار المسؤولين فقط بل يجب أن يدخل صلب الآليات وعلينا أيضا أن ننتقل للشباب حيث يكونون لسماعهم وتوجيههم، كل هذا من أجل تفعيل حقيقي لقضية المرأة وإعداد الشباب للشراكة المجتمعية وبهذه الطريقة وبمساهمة كل الاطراف يمكن أن نتصدّى لما تبثه التيارات السلفية، وعلى الشباب أن يُعاد لدراسة الفلسفة والعلوم الانسانية ودراسة الدين في مناهجنا الدراسية ووفق النظرة المعتدلة والوسطيّة. ❊ هل يمكن أن نعتبر أن برنامج تحديث المجتمع التونسي قد سقط تحت ضربان معاول الهجمة السلفيّة؟ إننا نحيا صراع هويّة في مجتمع معنّف، لقد صار المسلم اليوم معنّفا في وجوده من لدن الغرب، وقد نزع الآباء ملابسهم وتشبهوا بالغرب ولكن الشباب اليوم تعلّم وتمكن من أسباب وجوده وصرخ في الغرب قائلا »لن أقتدي بك بعد اليوم« لذلك نلاحظ حالة عامّة من عدم الارتياح والفوضى في طريق رسم ملامح الهوية الجديدة... وظاهرة الحجاب مثلا هي ظاهرة وقتيّة وردّة فعل على توترات ثقافية ومجتمعيّة كالحروب والاخفاقات السيايسة والاقتصادية، وهناك دائما المتربصين بمثل هذه الوضعيات كبعض التيارات السياسية التي تغتنم هذه الظروف وتركز على الهشاشة النفسية والاقتصادية للشباب لتمرّر أفكارها... ولكن بلادنا قطعت مراحل كثيرة ومتينة تجعل من بعض المخططات صعبة القبول... علينا أن نعترف أن هناك تأثير ملحوظ للعالم الفضائي الديني المعولم على الناس ولكن الامر ليس كارثيا وليس علينا أن نخاف بل فقط علينا الانتباه واعداد المشاريع التي تتوجه للشباب لا في البعد الاقتصادي فقط (التشغيل) ولكن بالتركيز أيضا على التربية والتعليم وقد قطعنا أشواطا في هذا ولكن العمل لا ينبغي أن يتوقف من زاوية الرضى على ماهو حاصل بل يجب استلهام تجارب وتضحيات من سبقوا ومن سبقن من أجل بلوغ ما نحن فيه الآن، فنساء كوحيدة بالشيخ أو راضية الحدّاد قد كنّ رائدات في مجال الصحّة الانجابية، ولا نتصوّر أن ما نحن فيه اليوم جاء سهلا ودون عناء وتضحيات سيدات عظيمات ولكن تونس ماتزال ولاّدة وقادرة على الاتيان بمن يحمي منجزاتها دائما... علينا تثبيت القناعات والافكار الحاصلة ولدينا مثلا برنامج شراكة مع وزارة الشؤون الدينيّة لتوعية الوعاض والأيمة لنشر قيم المساواة واحترام حقوق المرأة وصحتها، نحتاج أكثر من أي وقت مضى لتوحيد الجهود وتنسيق البرامج وتوضيح المنهجيات وعلى الجميع تحمّل مسؤولياتهم... إننا نتقدّم بما يتناسب مع سيرورة المجتمع وأنا شخصيا بما شهدته وعشته في هذه البلاد لا أخاف على مكانة المرأة التونسية التي ستبلغ مرحلة الشريك في الاسرة والحياة الاقتصادية والاجتماعية... علينا قتل الام للحصول على شريك كما يقول المثل، وهذا إعداد يبدأ من المدرسة الأولى البيت ثم المدرسة الحقيقية من أجل أن لا يظل الطفل والرجل لاحقا يبحث طيلة عمره في المرأة عن أمة بل عليه ان يبحث فيها عن شريكته.