كنت في عديد المناسبات التي تحيي فيها المرأة التونسية عيدها الوطني يوم 13 أوت من كل سنة توجهت بالتحية و التقدير للمرأة النقابية و المرأة العاملة بصفة عامة على جميع المستوايات و في كل المسؤوليات وصولا لعاملات التنظيف اللاتي تعانين ويلات التهميش و الإضطهاد و الحرمان من أبسط الحقوق المادية و الإجتماعية و طالبنا جميع الأطراف و خاصة المنظمات النسائية التي هي من المفروض أول من يساند مثل هذه النداءات للتكريس الفعلي لحقوق المرأة و كنت كذلك توجهت بتحية نقابية للمرأة الفلسطينية و العراقية باعتبارها إضافة لأنها تعيش في وطن مسلوب الحرية فهي تعاني ويلات إضطهاد الإستعمار و ما تلاقيه من عمليات إستغلال و انتهاك لحرمتها كامرأة إضافة لمساهماتها الفعالة في المقاومة و تحملها أوجاع التقيل و السجون و التشريد التي يلاقيها الرجل الفلسطيني و العراقي الذي هو في الأخير إبنها و زوجها و أخوها و والدها و إبن عمها و جارها بالجنب و ذلك اضعف الإيمان بالنسبة لكل هؤولاء النسوة في الداخل و الخارج و نحن ندعم كل نفس تحرري مناضل من أجل الحرية و الإنعتاق و رفض الذل و الميز العنصري بجميع أشكاله في كل أصقاع الدنيا و لكني و أنا أذكر كل هذه المساهمات تفطنت أننا جميعا تقريبا نغفل في كل مرة في مثل هذه المناسبة نوعية أخرى من المناضلات اللاتي تسهم بصفة مباشرة و فعالة في الحياة العامة في كل بلاد العالم و تكوين الأجيال سواء على المستوى التعليمي أو على المستوى رفعة الأخلاق و التمسك بالقيم النبيلة و السلوكيات الرفيعة داخل المجموعة الوطنية إنهن ربات البيوت تلك الشريحة من النساء اللاتي وهبن أنفسهن لصالح المجموعة الوطنية و من يقول ربة البيت ليس معناه أنها غير متعلمة أو ناقصة ثقافة أو معرفة إجتماعية و حتى عقل و دين كما يروج لذلك البعض بمفهوم مغلوط للحديث كثيرات هن صاحبات الشهائد العليا و المتوسطة و الحائزات على شهائد تكوين مهني أو تدريب علمي معين لكنهن آثرن العمل في مواقعهن الصحيحة بتعاطيهن أنبل الأعمال على الإطلاق العناية بالنواة الأولى للمجتمع التي إن هي صلحت صلح المجتمع بأسره و إن هي كانت غير ذلك فعلى الدنيا السلام لأننا و بكل صراحة ذاهب في إعتقادنا بأننا كلما تحدثنا عن حقوق المرأة تقفز لأذهاننا من الوهلة الأولى المرأة المتعلمة و العاملة في مستوايات معينة حتي أننا و على أرض الواقع مازلنا مصرينا إصرارا كبيرا على عدم إحتساب عاملات التنظيف و معينات المنازل باللغة المهذبة حاليا إنما في الواقع مازالنا نعتبرهن من الخدم و »الشركاوة« في خدمة أسيادهن خارج خانة المرأة العاملة التي وجب الدفاع عن حقوقها و إحترام ذاتها البشرية و إلا فلماذا مازلن يعانين كل هذه الويلات ؟ في حين أن الجميع يتبجح بحرية المرأة و إكتسابها حقوقها كاملة و خاصة المنظمات النسائية أو النسوية اللاتي تتحدث في عديد المناسبات عن نضالها من أجل رفع الظلم و المهانة عن المرأة العاملة لا أريد أن أطيل في هذا الجانب إنما الحديث يهم بالدرجة الأولى السيدات المحترمات ربات البيوت اللاتي تفرضن على الجميع إحترام و تقدير المجهودات الجبارة التي يقمن بها على الصعيد الأسري و هنا لا يمكننا أن ننفي عن غيرهن حنان الأم و حرصها على تفوق أبنائها في الدراسة و العناية بزوجها و كل متطلبات البيت أبدا لكن و هذا واقع معاش هناك فرق شاسع بين المرأتين بين من كانت مذبذبة بين العمل و المنزل و قساوة العرف إذا كانت تعمل عند الخواص و ما يتبع ذلك من ممارسات لا فائدة في الرجوع إليها و لا فائدة في الحديث عما يمكن أن تتنازل عنه من أجل قوت عيالها أو معونة زوجها على هموم الزمن لكن تبقى ربة البيت الأكثر حرمة و إستقلالية و إحتراما من الجميع خاصة إذا ما توفقت هذه المرأة للخروج بأفراد عائلتها لبر الآمان و بر الآمان عند الفرد التونسي أنثى كان أم ذكرا زوجا أو أب راحة البال و الاطمئنان للبيت في أي وقت يحتاجه الإنسان لأنه سوف يجد من يؤويه و يسنده في كل متطلبات حياته اليومية و في أي لحظة و لأن الطالب و التلميذ و حتي من يذهب لرياض الأطفال باعتبار ندرة أو إنقراض دور الكتاب في مجمل المدن فانه متأكد من أن العناية موصولة و أسباب الراحة دائمة على القدر الذي يشتهيه بل تزيده من عندها. و لأن كل هؤولاء غير محرومين من أي من شهوات الغذائية التي غالبا ما يكون فيها الكثير من القسوة عليها لكنها تقابل كل ذلك بكثير من الحب و الحنان و التودد لأن شقيقتها غير قادرة على القيام بمثل هذا باعتبار إلتزاماتها المهنية دون الحديث عن إلتزاماتها الأخرى إذا ما كانت تنشط في بعض المنظمات الإجتماعية أو السياسية أو غيرها التي في مثل تلك الفترات تعيش تمزقا داخليا و أسريا لا يطاق و الأهم من ذلك هو حرمان أفراد عائلتها مما توفره شقيقتها ربة البيت أنا لست في باب المقارنة بين هذه و تلك لأنهما في الأصل واحدة من حيث المشاعر و الرغبة في النجاح في كل المجالات لكن يبقى الإمتياز للأولى باعتبار أنها أكثر تضحية بمنطق العصر لأن منطق اليوم أصبح ماديا من جانب الرجل من منطلق بماذا ساهمت في أعباء البيت و من منطلق المرأة و هذا في إعتقاد الجميع هو إثبات للذات و تحقيق للوجود و هنا مربط الفرس و الذي وددت الحديث عنه لأن إثبات الوجود البشري و فرض إحترام الغير له ما كان أبدا مرتبطا بالمكاسب المالية التي كثيرا ما توفرت لكنها لم توفر السعادة و لا الحس العائلي و ما وجد في عديد الأحيان أفراد العائلة طعم الأسرة لما تكون الأم هي محورها و الذين من جيلي و أمهاتهم ربات بيوت يلمسون تماما ما أرمي إليه لأنه و بكل أسف أن المرأة العاملة عند بعض الأزواج يقاس إحترامها و تكون مكانتها عند الجميع بقدر ما توفره آخر الشهر و هو مفهوم مغلوط لكنه و الحمد لله غير معمم. إن الحديث عن ربة البيت لا بد أن يكون ممزوجا بشيء من الإجلال و الإحترام و لا بد أن يتغير مفهوم الحديث عنها أختا و خطيبة و زوجة لأن الأمر أصبح في هذا الزمن شبه إعاقة عند بعضهم ممن أخذتهم المدنية الزائفة في بوتقتها و لفهم بهرجها لأنهم لما يتطرق الحديث عن الأخت الشابة أو الزوجة و ما تعمل في الحياة تتغير النبرة و يخفت الصوت ليعلن على أنها ربة بيت و حتى المشرع فانه لست أدري إن كان الأمر مقصودا أو هو منحى إقتصادى فان المنحة المخصصة لربة البيت في إطار المنح العائلية فهي زهيدة و فيها الكثير من التقليل من شأنها و من قيمة الدور الأسري و الإجتماعي النبيل الذي تقوم به و هو موضوع كان من الأجدر على كل المنظمات النسائية أو النسوية أن تطالب به نصرة و تحقيقا لذات شقيقتها ربة البيت و كذا على كل المنظمات الحقوقية و الداعية للمساواة و حتى الإتحاد العام التونسي للشغل الذي ساندته في بداياته و بدايات الحركة التحررية بالبلاد عديد ربات البيوت سواء بالنضال المباشر أو غير المباشر بتحضير الأطعمة و رتق الملابس و خياطتها و توفير المياه و غيرها إن ربة البيت لم تكن قط عنصرا سلبيا في المجتمع عكس ما يتصور أو يدعو إليه البعض من أن المرأة العاملة هي أفضل مكانة و قدرا في المجتمع من غيرها و هي نظرة لا بد من تغييرها و كذلك لا بد من النضال من أجل أن تمنح ربة البيت راتبا يعوضها أتعابها و مشاقها من أجل إسهامها في المجتمع بعناصر صالحة سلوكا و كم هن أؤلئك اللواتي لم يذهبن قط للكتاب و لا يعرفن القرأة و الكتابة لكنهن أعطين للمجتمع شخصيات سياسية و إجتماعية و حتي دولية هامة و مهمة و أعتقد جازما أن من يقرأ هذه الأسطر التي أردتها تحية نقابية خالصة لكل ربة بيت و كانت والدته الحبيبة من ضمن ربات البيوت من هذه الفصيلة النادرة سوف يهز رأسه لذلك فتحية نقابية لك و لها التي جعلت منك و مني رجالا نعي واقع المجتمع و نسهم بقدر متفاوت في إصلاحه فتحية إكبار و تقدير و إجلال لكل ربة بيت من الأولين و الآخرين التي بكل بساطتها و عفويتها و جهلها لكنه عديد الأشياء و حقائق بعض الأمور المعقدة لكنها آمنت ببيتها و زوجها و أولادها و قدرت الحياة الزوجية حق قدرها تحية إكبار لأمي و أمك و زوجتي و زوجتك ربات البيوت و كل عام و المرأة العاملة و ربة البيت بألف خير و الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق و الجنة تحت أقدام الأمهات.