بدافع الانتقام.. اعتقال رجل طعن سمكة قرش    الذكاء الاصطناعي يقضي على الوظائف : هل ستكون مهنتك التالية في الخطر ؟    بسبب «عربدة» الجزارة والقشارة والخضارة و«اللواجات»: وزارات التجارة والفلاحة والنقل تفشل في «امتحان» العيد    رئيس جمعية قرى الأطفال "آس أو آس" : زكاة الشركات أبرز مواردنا... وقريبا فتح قرية جديدة في سيدي بوزيد    جمعية تونس نظيفة: "لم نتمكن من جمع سوى 20 بالمائة من جلود الأضاحي    في عمليات لوحدات الديوانة: حجز 15 ألف قرص مخدّر وهواتف ب 800 مليون    أول أيام عيد الاضحى: شجار بين الجيران ينتهي بجريمة قتل بمنزل تميم    طقس الأحد: الحرارة في انخفاض طفيف بهذه المناطق    في حفل تكريم الموسيقي لسعد المؤخر ...موسيقيون لأول مرّة يجتمعون وبالذكريات يتأثرون    منح جائزة محمود درويش الأولى بعد الوفاة للشاعر الصغير أولاد أحمد عن مجمل أعماله (لجنة تحكيم)    مع الشروق : لوبيات الأضاحي    كأس الرابطة الإفريقية لكرة السلة : الإتحاد المنستيري يفوز على ريفيز النيجيري    كين يمنح الانتصارا لمنتخب انقلترا أمام أندورا ضمن تصفيات كأس العالم    نائب بالبرلمان: النيابة العمومية اذنت للحرس الوطني بمباشرة الابحاث حول شبهات فساد بشركة اللحوم    الامريكية كوكو غوف تفوز ببطولة رولان غاروس للتنس لأول مرة    فرصة العمر لهؤلاء المختصّين للعمل في ألمانيا...سجّل الآن!    اتحاد الشغل واتحاد الصناعة يرحّبان بقرار منظمة العمل الدولية رفع عضوية فلسطين إلى دولة مراقب    رونالدو ينهي الجدل ويعلن موقفه النهائي من المشاركة في مونديال الأندية    غرفة التجارة والصناعة بتونس: ورشة عمل حول إنضمام تونس إلى الكوميسا يوم 17 جوان 2025    سفارة تونس في ستوكهولم تنشر بلاغا بشأن الشاب عبد المجيد الحجري    بورصة تونس: "توننداكس" ينهي شهر ماي 2025 على إرتفاع بنسبة 0،80 بالمائة    12 سنة و6 أشهر سجناً لمتهم خطط لعمليات قتل بدافع تكفيري    المنتخب الجزائري: تسريح بلايلي وتوغاي للالتحاق بالترجي استعدادًا لمونديال الأندية    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي يحذّر: السياسات النقدية الحالية تُعمّق الركود وتمنع تراجع التضخم في تونس    الإدارة العامة للاداءات تضبط الرزنامة الجبائية لشهر جوان 2025 وتدعو لتفادي الاكتظاظ    1,6 مليار دولار: من هي الفنانة الأكثر ثراءً في العالم سنة 2025؟    حجز حوالي 745 رأس غنم لغرض المضاربة والاحتكار خلال فترة عيد الأضحى    فريق طبي بولاية القصرين ينقذ حياة مريضين تعرضا لجلطة قلبية حادة بفضل منصة "نجدةTN"    دراسة صادمة : النوم الكثير قد يقتل دماغك أكثر من قلة النوم!    استقرار في قتلى حوادث الطرقات منذ بداية السنة والى غاية 5 جوان مقارنة بنفس الفترة من 2024    جريمة مروعة: تقتل زوجها ذبحا بمساعدة عشيقها..معطيات وتفاصيل صادمة..!    عاجل/ جريمة قتل إمرأة على يد طليقها بجندوبة: جمعية أصوات نساء تكشف وتُحذّر..    كأس العالم للأندية لكرة القدم 2025: "فيفا" يعتمد تقنيات مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في المباريات    فظيع/ حادث مرور مروع يوم العيد..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    المنسق العام لموسم الحج بوزارة الصحة: "كل حجاجنا صعدوا عرفة ولم نُسجل أي حالة وفاة"    رولان غاروس: على أي قنوات وفي أي توقيت ينقل نهائي السبت بين سابالينكا وغوف ؟    عاجل: احذروا ضربة الشمس... نصائح وتوصيات للتونسيين يجب الالتزام بها    بعد العيد، فرصة ثقافية للعائلة: الوجهة المتاحف!    المنتخب التونسي يواجه جمهورية إفريقيا الوسطى : الوقت و المكان    عاجل : يوم القر 2025 ينطلق رسميًا وتوصيات بعدم تجاهله    "بعد خلاف حاد.. ماسك يرد على تمنيات ترامب له    بلدية تونس: تنفيذ سلسلة من التدخلات الميدانية في مجال النظافة يوم عيد الاضحى    طقس اليوم الثاني من العيد : هكذا ستكون الحرارة    ماذا يجري بين ترامب وماسك؟    موارد مائية: ضرورة مواجهة الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية بمرناق    ليبيا: اشتباكات دامية في صبراتة أول أيام عيد الأضحى تُخلّف قتلى وجرحى وتعيد مشهد الفوضى إلى الواجهة    جيش الإحتلال يعلن رسميا مقتل 4 جنود وإصابة 5 آخرين بهجوم خانيوس جنوب قطاع غزة    هل من الخطر شرب المشروبات الغازية مع لحم العلوش؟    تكلفة الحج 2025 في العالم العربي: أرقام وصدمات لا تتوقعها!    دولة واحدة فقط في العالم قادرة على إطعام سكانها دون الحاجة إلى الاستيراد.. فما هي؟    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    









الطبخ في الأدب والفنّ، من العشاء الأخير إلى الوليمة الكبرى
نشر في الشعب يوم 04 - 09 - 2010

الطبخ، والأكل والمطبخ وفنونها لا تغيب عن الفنون. في الرسم والسينما والأدب والمسرح يحتلّ الطعام أهميّة كبرى.
لنحاول القيام برحلة عبر الفنون.
أشهر لوحة عن الأكل هي لوحة «العشاء الأخير للسيّد المسيح» للعبقري «ليوناردو دي فانشي» وهي لوحة مشهورة رسمت على جدار قاعة الطعام بدير المسيحين الدومينكان بميلانو ما بين 4441 و8941 وقد تمّ تقليدها أكثر من مرّة في انكلترا ب «اكسفورد» وفي «انفرس» وفي «فيانا» وغيرها، وهي اللوحة التي انطلق منها كتاب «شفرة دي فانشي» أكثر الكتب مبيعا منذ عشر سنوات للأمريكي «دان براون».
غير أنّ المطبخ والطّعام برزا في أعمال أخرى، فالرسام الشهير «بروغل الأب» البلجيكي الفلامندي كرّس العديد من لوحاته للطعام والأكل والحصاد والجني ويأتي الرسام الهولندي الأشهر «فيرمير» الذي أدهش عشاق الفنّ واختصاصي الصورة برقته في لوحته «الحلايبية» (La laitiaire) أهم سنفونيّة للطعام وقد استعملت هذه اللوحة في العديد من ومضات الأشهار.. وللتذكير فإنّ «فيرمير» الذي تهافت على لوحاته حكّام العصر أنجز آخر لوحة له «مدينة دلفت» التي باعها للخبّاز الذي كان مدينا له بثلاث سنوات من الخبز.
وقد جعل الرسام الايطالي الشهير «أركامبلدو» في القرن السادس عشر من الخضر والغلال أساس رسومه التي حيّرت المحلّلين حتى أفرد لها عالم السيميائيات» «رولان بارط» دراسة كاملة.
غير أنّ الطعام ومكوّناته يحتل جزءًا هامّا من مدونه الرسم العالمية وذلك في ميدان ما يسمّى بالطبيعة الصّامتة وهي رسوم يحاول فيها الرسام محاكاة الطبيعة برسم لوحات تحتوي على ثمار وغلال وخضر وحتى طيور صيد ولم تخل مدرسة فنيّة من لوحات الطبيعة الصّامتة ومن أهمّ روادها في تونس جلال بن عبد الله الذي جعل من العنب والدّلاع والبطيخ والفلفل والطماطم أساس رسومه.
أمّا المدونة الأهم بالنسبة لتونس في علاقة الفنّ بالأكل والخضر والغلال والأسماك فهي مدونة الفسيفساء التونسيّة التي يسمّيها المختصون «فسيفساء افريقيا الرومانية».
ويكفي التجوّل بين متاحف باردو ونابل وسوسة والجم ومكثر ودقة وبلاريجيا لاكتشاف روائع الفسيفساء التي أتت وكأنّها رحلة في ما كان يستهلكه القرطاجنيون في مطابخهم.
في الأدب
أمّا في الأدب فللمطبخ والأكل والطعام حظوة كبرى وقد احتلّ هذا الجانب أهميّة عند ابن الرومي الذي يزخر ديوانه بوصف الأطعمة والحلويات غير أنّ الرواية العربية تزخر بذكر المطبخ ناهيك عن الفول في مصر الذي يحتل أكثر من موقع في أدب نجيب محفوظ اضافة الى الروائي المصري الناطق بالفرنسية «البيرقوصري».
أمّا في الآداب العالمية فإنّ المدونة الأدبية تزخر بالطعام ويكفي تصفّح كتابي الفرنسي المختص في الطبخ كورتلين «زولا على الطّاولة» و«بالزاك على الطّاولة» وقد أتي فيها على ذكر الأكلات الواردة في رواياتهما واضعا الوصفة اللازمة لكل أكلة. والمعروف أنّ بلزاك أعطى للطبخ والطاولة مكانة هامّة في أعماله وهاهو «بودلير» يخصّص قصيدة للحلويات (Le gâteau) وأتى الطبخ عند «مارغوين دوراس» و«الفونس دودي» و«فيكتور هوغو» و«موبستان» و«ملير» وخاصّة «بروست» و«رابلي» و«جول فارن» و«فوليتر».
والطريف هو ما أتى من وصفات في رواية «غوستاف فلوبير» الشهيرة «صلامبو» والطعام عند القرطاجنيين.
ولابدّ من ذكر أهم قصّتين أساسها الطعام «نزهة رائقة» لعلي الدّوعاجي التي حوّلها فريد بوغدير الى شريط قصير ضمن فيلم «في بلاد الطرنني» وقصّة «صحن كفتاجي بالعظمة» لمحمود التونسي ولا يسعني الاّ أنّ أتذكّر
بيت المرحوم صالح القرمادي:
أحبّك حبّا طريّا شهيا
ككتف العلّوش على الكسكسي.
أمّا المسرح فقد تناسى المطبخ والطّعام غير أنّ العديد من الفرق في أوروبا تقوم اليوم بدورات تدريبية أساسها إعداد الطعام فيتدرّب محبّي المسرح على الركح بأعداد طبق من الطعام غير أنّ أشهر من قام بربط المسرح بالمطبخ فهو الممثل الفرنسي «عبدال علولي» الذي اشتهر كطبّاخ ماهر وممثّل في برنامجه عن الطبخ في (canal+) الفرنسيّة.
غير أنّ المسرحيّات الراديوفوبيّة التونسية وخاصّة منها في رمضان وأشهرها «أمي تراكي» و«حاج كلوف» جلّها تدور حول المطبخ وحول الطعام.
المطبخ في السينما
غير أمر السينما العربيّة فإنّك قل ما تعثر على فيلم عربي به مشاهد، أكل أو في المطبخ الاّ ما قلّ وندر بيد أنّ السينما الفرنسية مثلا أساس فضائها الدّرامي المائدة والمقهى والمطعم ولا تخلو السينماءات الأخرى كالأمريكية والإيطالية من مشاهد الأكل والطبخ.
غير أنّ بعض المشاهد في السينما المصرية تبقى راسخة في الذهن كمشهد نفاذ الطعام في أسرة سعاد حسني في رائعة صلاح أبو سيف «القاهرة 03» عن رواية نجيب محفوظ القاهرة الجديدة وفاتن حمامة في رائعة كمال الشيخ «الحرام» عندما كانت تتغذّى بالبطاطس المشوية أو فيلم عبد اللطيف بن عمّار «حكاية بسيطة كهذه» الذي يختتم بإعداد البقلاوة وخاصة فيلم خليفة لقرع لحمودة بن حليمة حيث جسد بجدارة اعداد «العولة» فنشرها فوق السطوح اضافة إلى الشريط القصير «الوليمة» لمحمد دمّق. أمّا المدونة العالمية فقد أولت المطبخ والمائدة وفنون الطهي أهمية كبيرة من الأفلام الوثائقين والأفلام الروائية التي أشهرها:
«الأكلة الكبيرة» للمخرج ماركو فرّري، و«المطعم الكبير» بطولة لويس دي فوناس، و«شكلاطة» بطولة جوليات بينوش.
غير أنّ أهم فيلم حول الموضوع هو فيلم كندي أثار ضجّة كبيرة «انهيار الأمبروطرية الأمريكية» للمخرج الكندي الشهير «دونيس أركان» حيث قام بتحويل وجهة المطبخ إلى الجنس اذ يقوم أربعة رجال بإعداد الغداء عندما تذهب زوجاتهم الى محلّ تعاطي الرياضة ويدور الحوار حول الجنس بمرجعية مطبخيّة.
وقد أتى الفيلم قمة في فنّ الكوميديا الفلسفية ولا ننسى احدى أهم المشاهد المعبّرة في السينما مطعم الباخرة «تيتانيك» وهي تغرق في المحيط.
٭ ٭ ٭
هكذا هي العلاقة بين المطبخ والفن علاقة عضوية فنية تعبيرية دون ان تكون معَويّة.
ولنختم بوصف مأدبة كبيرة في قرطاج أتت في رواية «صلامبو» للكاتب الفرنسي الشهير «غوستاف فلوبار».
«في وسط حديثه «ميغارارا»، قدّم «ها ميلكار» مأدبة للجنود المرتزقة الذين استقدمهم من سيسيليا، بدءًا قُدّمت لهم طيور مطهية بالمرقة الخضراء، في أطباق من الطين الأحمر رسمت عليها رسوم باللون الأسود، وبعدها كلّ أنواع الصدف التي تجمع على الضفاف البونيقية، وحساء من الشّعير والفول، والحلزون بالكمّون في أطباق من العنبر الأصفر.
ثمّ غصّت الطاولات بأنواع اللحوم: بقر وحشي لم يُقلع قرناه، طواويس بريشها المزركش، وخرفان كاملة طهيت بالنبيذ الخفيف والحلو، وفخذ ناقة وتيس وحشي، وقنقد مطهي بمرقة السمك المتعفن وسرطان بحري وصرصار بحري مشويان وفي أوان من الخشب تطفو أنواع من الشحم وسط حساء من الزعفران والكل مُحاط، بالمخلّلات والترفاس وإلى جانب أهرامات من الغلال اصطفت الحلويات الممزوجة بالعسل.
ولم ينس الطباخون ذلك «الكُليّب المعشعش» بفاتورة الزيت، وهو طبق قرطاجنّي تمجّه الشعوب المجاورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.