شهد مقر الإتحاد الجهوي للشغل بقابس يوم السبت ة نقابية نضالية غير مسبوقة دعا إليها المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي في إطار ردود الفعل حول مشروع وزارة الشؤون الإجتماعية في مراجعة برنامج أنظمة التقاعد بالبلاد و قد جاء الحشد العمالي والنقابي الضخم الذي حوته الأمسية على جزأين حيث إحتضنت قاعة الشهيد فيصل الحشائشي الإجتماع العام الذي أشرف عليه الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي بحضور الأخ رضا بوزريبة الأمين العام المساعد المسؤول عن التغطية الإجتماعية و الصحة و السلامة المهنية بالإتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الوفد التفاوضي النقابي في موضوع برنامج التقاعد. حيث غصّت القاعة بروادها من النقابيين والعمال من الجنسين و من كل الشرائح العمرية و من كل القطاعات و الجهات و من الإتحادات المحلية بالحامة و المطوية و مارث فقد لبّى الجميع نداء المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي الذي كعادته في مثل هذه المحطات و المسائل الهامة التي تمس الجميع في أحد مكتسباتهم بادر بالدخول في صلب الموضوع دون حسابات مسبقة و تسجيل الموقف النقابي السليم المستند إلى قرار قاعدي ثابت يعكس وجهة نظر أجراء الجهة بأكملها .إفتتح الأخ السلامي مجيد أطوار هذا الحدث النقابي الكبير محييا الجموع الغفيرة التي لم تسعها القاعة و لا بهو دار الإتحاد الجهوي، على تجاوبها مرحّبا بالأخ رضا بوزريبة وموضّحا أن الحشد العمّالي إنما هو تأكيد لموقف المكتب التنفيذي الجهوي و قرار الهيئة الإدارية الجهوية و تعبير عما يخالج كل العمال بجهة ڤابس من رفضٍ لمقترح الحكومي نلمس فيه شيئا من الإستخفاف بالحقوق المكتسبة للعمال والتلاعب بمقدرات الصناديق الإجتماعية التي هي في الأساس أموال العمال و المؤسسات التي يبنيها العمال بسواعدهم و عرقهم فلا مجال بأن يسيء التصرف فيها الآخرون، منبها أنه لا بد من الإتعاض من التجارب السابقة (تجربة الكنام) و ما صاحبها من جدل و تراجع في الإتفاقيات المبرمة بين الطرفين كما أكد الأخ السلامي على أن العمال لا دخل لهم في الإختيارات الإقتصادية التي كانت من نتائجها السلبية إفلاس الصناديق لأن الإتحاد العام التونسي للشغل كان نبه منذ البداية إلى خطورة التمادي في خصخصة القطاع العام و سلوك سبيل العمل الهش و فتح الباب أمام المناولة و السمسرة باليد العاملة والضغط على الإنتدابات و التسامح مع المتهربين من دفع مستحقات العمال بالصناديق الإجتماعية كما أكد الأخ مجيد على أن الجهة سوف لن تتراجع عن موقفها في التمسك بحقوق العمال في التقاعد المشرف واللائق ولن تقبل بمقولة »من العمل للقبر مباشرة«. لقد كانت مداخلة الأخ سلامي مجيد شديدة الحماس فتجاوب معه الحضور مقاطعين مداخلته بالشعارات الرافضة لهذا التمشي الذي لا يحترم الحقوق و المكتسبات كما عبّر العمال عن تمسكهم بالإتحاد العام التونسي للشغل المخاطب والمفاوض الوحيد في كل المسائل العمالية.وفي مداخلته أوضح الأخ رضا بوزريبة أن الإتحاد العام التونسي للشغل لن يساوم في حقوق ومكتسبات العمال و أن المشروع المقدم من طرف وزارة الشؤون الإجتماعية يفتقر لكل مقومات الدراسة الواضحة المعالم و لا يتضمن أي تصور مستقبلي يمكن البناء عليه أو مناقشة بنوده إنما هو حل ترقيعي لموضوع لا دخل للعمال في نتائجه ولطالما نبّه الإتحاد العام التونسي للشغل من خطورة السياسة المتبعة في خصوص التفويت في المؤسسات وهشاشة التشغيل و التسريح الجماعي و الإحالة على التقاعد نتيجة غلق المؤسسات، ثم إستعرض الأخ رضا بعض النقاط التي كانت أساسا هي السبب في إغراق الصناديق الإجتماعية فيما هي فيه اليوم مثل التفويت في القطاع العام و فتح باب السمسرة باليد العاملة و شركات المناولة و ما يترتب عنها من تهرب من التصاريح بجميع أنواعها و خاصة تلك التي تتعلق بالضمان الإجتماعي إضافة لعجز بعض الأطراف على إجبار من تعلقت بهم أحكام لدفع ما تخلد بذمتهم لفائدة الصناديق الإجتماعية لكن لا حياة لمن تنادي.أيعقل أن ينتهج مثل هؤلاء هذا النهج ويطالبوا العمّال بإصلاح ما أفسده المتاجرون بالعمال و بمصالح البلاد التي لا يهمهم منها سوى ربحيتهم الخاصة و الضيقة؟ أيعقل أن يتحمل العمال تبعية سوء التصرف في أموال الصناديق بإستعمالها و توظيفها فيما لم تجعل من أجله؟ هل من المعقول أن نحمل كل مرة العمال ومنظمتهم الإتحاد العام التونسي للشغل مسؤولية إنخرام مالي لهذا الجانب الإجتماعي أو ذاك؟ كما أكد الأخ رضا بأن الإتحاد العام التونسي للشغل له من القدرات و الكفاءات ما يجعله قادرًا على تقديم برنامج إصلاحي للنهوض بالصناديق الإجتماعية تماما مثل ما كان الشأن في عديد المرات التي يقدم فيها الحلول لعديد المسائل الإجتماعية و الإقتصادية سواء بالدراسات أو التقارير لكن في هذا الموضوع سوف لن ندخل في أي تفاوض ما لم تحدد المسؤوليات و يتم توقيف النزيف الخطير الذي أصاب الصناديق بأمر خارج عن إرادة العمّال. وكما كان في البداية تجاوب الحضور بحماس كبير مع ما جاء في مداخلة الأخ رضا بوزريبة الذي قدر الحس النقابي و النوعية النقابية والنضالية التي تتمتع بها جهة قابس و قد لمس الجميع أهميّة ما ورد في مداخلته التي جاءت في لغة واضحة بالفصحى أو بالعامية وتضمّنت العديد من التوضيحات.وقد تعهّد الأخ رضا بوزريبة بأنه و إنطلاقا من هذا المشهد النقابي العمالي العظيم و هذا الدفع المعنوي القوي الذي لمسه في الحضور وصدق تجاوبهم باسمه الخاص و باسم كل الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي الوطني و على رأسهم الأخ الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل بأنه سوف لن يتراجع و لن يتنازل عن الدفاع عن حقوق العمال في تقاعد مشرف يحترم ظروف العمل و أنواع الأشغال التي يتعاطاها العمال و حتى المعلمون والأساتذة و عمال المناجم و المعامل و المؤسسات وأنه في بلادنا هناك أعمال يجب التقاعد منها في سن الخمسين لكن مازال العمل فيها إلى سن الستين. وقال بوزريبة لابد أن يعالج الموضوع من كل جوانبه و ليس من زاوية ضيقة لأنّ الباب الأسهل المتمثّل في الضغط على كاهل العامل مرفوض مهما كلفنا ذلك من نضالات و تضحيات و العمال والنقابيون دأبهم النضال و التمسك بحقوقهم و الطرف المقابل أيضا يعرف ما وزن وثقل الإتحاد العام التونسي للشغل وردود أفعاله. إننا سوف لن نتسامح في هذا الموضوع و لن نتعاطى مع أي مقترح ما لم تعالج كل الأسباب التي أوصلتنا لهذه الوضعية و تحديد المسؤوليات. في مثل هذا الجو النقابي الحماسي الفياض الذي قاطع خلاله العمال والنقابيون الذين حيث غصّت بهم قاعة الإجتماعات وأروقة الإتحاد والأنهج المحيطة كلمة الأخ رضا بشعارات تنادي بحياة الإتحاد العام التونسي للشغل و التمسك بسن التقاعد (شادين شادين التقاعد في الستين) و غيرها من الشعارات التي رفعها الحضور بالمناسبة و قبل أن يختم الأخ رضا كلمته أكد للجميع أنه سوف يعود لجهة قابس حال ما تتضح النتائج الأولية للتفاوض مع الطرف المقابل و اعتبر أن هذه المحطة هي إحدى بوادر النضال التي سوف تكون إيجابية طالما أنها إنطلقت من قابس المناضلة :وعلى غير العادة، إقتصر الحشد في مرحلته الأولى على الإستماع لكلمتي الأخوين السلامي مجيد بإسم الإتحاد الجهوي للشغل بقابس و رضا بوزريبة باسم المكتب التنفيذي الوطني وفي نوعية جديدة وضمن برنامج محكم التنظيم تحول الجميع للمشاركة في تجمّع عمّالي حاشد لم تشهد له الواجهة الأمامية لدار الإتحاد الجهوي للشغل مثيلا منذ عشرات السنين حيث أغلقت كل الممرات و سدت المنافذ وتجمهر الجميع حول الأخ سلامي مجيد بمعية عدد كبير من النقابيين حيث رفعت عديد الشعارات والهتافات .وتأكيدا لكل ذلك وزع المكتب التنفيذي عديد القمصان التي تحمل شعار المنظمة و نداء = لا تمس بتقاعدي = إرتداها جمع من الشباب العامل والنقابيون الشبّان، كما إستعمل الحضور الصفارة للفت إنتباه جموع المشاركين و غير المشاركين من العامة حول خطورة الموضوع و ضرورة التصدى له.وقبل الختام أنشد الجميع نشيد الثورة ثم نادوا بحياة الإتحاد العام التونسي للشغل على أمل اللقاء بعد أن تتضح نتائج المفاوضات الأولية وهكذا سجّل العمّال مكسبًا جديدًا تجاوب الجميع مع نداء الإتحاد الجهوي مطالبهم أيا كان نوعها وحجمها دون خلفيات وحسابات و لا حساسيات إنما إلتفّوا كما كان الشأن منذ عقود حول المنظمة العتيدة الإتحاد العام التونسي للشغل، معلّقين عليها كلّ الآمال. ونحن لا نشكّ أن هذه التظاهرة إنّما تهدف إلى الرقي بالمنظمة و الدفاع عن مبادئها و قيمها بعيدًا عن كل تشخيص أو تأويلات والإنتصار للعمّال لمطالبهم أيّا كان نوعها وحجمها .لمسة وفاء في إطار وفائه لمناضلي الإتحاد و الوطن و الأمة و بعد أن أطلق المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي إسم الأخ بوبكر رحيم على البهو المؤدي لداخل الإتحاد الجهوي للشغل بقابس و بقرار من الهيئة الإدارية، تم إطلاق إسم شهيد فلسطين المحرر ابن الجهة فيصل الحشائشي على القاعة الرئيسية للإجتماعات بدار الإتحاد الجهوي للشغل بقابس وقد تمّ تدشينها بدورها في نفس الأسبوع بالإجتماع العام الضخم الذي وصفنا أعلاه.نشير في الأخير إلى أنّ عددا من الطلبة شاركوا في التظاهرة معلنين مساندتهم للنقابيين والعمّال في مطالبهم وأصدروا بيانا في الغرض.