سبق أن كتبت ضمن هذا الركن مقالا بعنوان »دراسات الاتحاد« أشرت فيه لقسم الدراسات والنشر بالاتحاد العام التونسي للشغل (الذي صار قسم النزاعات والتشريع والدراسات والتوثيق) والى دوره في السهر على إعداد مشاريع الدراسات التي يعتزم الإتحاد عرضها على من يهمّهم الأمر من سلط وأصحاب مؤسّسات يسعى لتوثيقها ويصدر سلسلتين الأولى تحليليّة تحت عنوان »رؤى عمّاليّة« والثانية موجهة للمساعدة على اتخاذ القرار تحت عنوان »مذكرة المفاوض«. القسم الذي كان يشرف عليه الأخ محمد السحيمي ويشرف عليه اليوم الأخ حسين العباسي يشبه خلية نحل لا تكل ولا تمل من إنتاج المعرفة ومراكمة التصورات والاقتراحات العملية الرصينة ذات المنطلق الواقعي والأفق الاستشرافي، والصبغة التنويرية التي تُشع على كامل البلاد أرضا وشعبا، ومن ينكر قيمة هذا المشروع لا يتوانى في الاستئناس بنتاجاته المعرفية ومعطياته العلمية وخاصة تصوراته ومقترحاته في السر وفي العلن...أعاود الكتابة ثانية في هذا السياق بعد أن »عايشت« ولادة كتاب »التنمية الجهوية بولاية سيدي بوزيد: بين الواقع المكبل والامكانات الواعدة« والذي انجز متنه كل من الأستاذة سعاد التريكي والأستاذ عبد الستار السحباني وسهر على تنسيق جهودهما ومراجعة محتواه وجوانبه الفنية الأخت زهور إسماعيل والأخوة حسين العباسي ومحمد المنجي عمامي ومحمد الهادي الاخزوري وعبد الحكيم السعيدي ليرى النور في الآونة الأخيرة و»يتلاقفه« نقابيو ونقابيات ولاية سيدي بوزيد وكأنهم عثروا على كنز...لن أعود إلى موضوعية المادة المقدمة في المنجز ولا إلى الجهد المعرفي المبذول والأموال المرصودة له، ولكن سأتطرق إلى مرحلة ما بعد الدراسة وهي في تقديري لا تقل أهمية عن الدراسة في حد ذاته، لأنها مرحلة استثمار المعرفة.ففي علاقة بهذا الكتاب ذكر الأخ حسين العباسي أن الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل سيتكفل بتسليم نسخة إلى رئيس الدولة في اقرب فرصة وأيضا سيقدم نسخا لكل الوزراء والإطارات العليا بمختلف المصالح وطنيا وجهويا، وهذه الخطوة لا يمكن أن تُقرأ إلا في سياق واحد وهو إيمان منظمة الشغالين بالعمل التشاركي وبالتفاعل الايجابي بين مختلف مكونات المجتمع من حكومة وأحزاب ومنظمات حقوقية وجمعيات مدنية. ويبرهن على الاقتناع التام بأن بناء الدولة التونسية ليست مسألة شخصية تهم هذا الشخص دون غيره أو هذا الحزب دون سواه أو تلك الفئة دون بقية الفئات...أقول مرة ثانية إن هذه الدراسات والمنجزات العلمية والأكاديمية التي ينجزها قسم الدراسات والتوثيق، إلى جانب منشورات قسم التشريع والنزاعات وقسم التثقيف النقابي والتكوين العمالي، لا تعزز المكتبة النقابية فقط، وإنما تثري المكتبة الوطنية، وجاحد من يقول عكس ذلك، لأنها تُفكك وتحلل وتطرح الفرضيات والحلول الممكنة لتساهم من موقعها في بناء تونس أخرى لكل التونسيين، تونس العدالة الاجتماعية، تونس لكل التونسيين من دون استثناء وهذا هو عمق الاتحاد العام التونسي للشغل، اتحاد يبني الوطن بالفكر والساعد...